asd

موازين القوى المختلة في المشهد العراقي بمعيار المكونات

Related Articles

د.ياسين البكري

مازالت معادلات المشهد السياسي العراقي قائمة على المكونات، وبهذا المعيار ينقسم المشهد على 3 أطراف متفاوتة القوة (الشيعية / الكردية / السنية)، وهذا التفاوت عقد العملية السياسية العراقية وجرها لحالة عدم الإستقرار.مبدأ الشراكة الذي تاسست عليه العملية السياسية بعد 2003، مبدأ نظري في أحسن التوصيفات، فالشراكة على الأرض لم تكن مثالية بغياب الفيتو المتبادل بعد إنتهاء العمل بمجلس الرئاسة (2006- 2010)، وهو المجلس الذي كان يضمن نسبياً وعلى مستوى قرار (الدولة) التوازن بين المكونات.إنتهاء العمل بمجلس الرئاسة والانسحاب الامريكي في 2011، فتح الباب لإغراءات رسم ملامح خارطة جديدة للقوة بين المكونات عبر محاولة فرض رؤية واحدة للدولة واحتكارها، الأمر الذي صعد من حدة الصراع والخطاب الطائفي والقومي، وخلق حالة عدم إستقرار على مستوى السلطة وعلى مستوى المجتمع مثلت في الفترة (2010-2014)، مؤشرات إنهيارات كبرى تحققت فيها نبؤات أشد المتشائمين بالصعود التدريجي للتطرف الذي مثل البيئة الحاضنة لبروز داعش وما تبع بروزه من دمار كبير.خارطة توازنات القوة بمعيار المكونات تحمل ملامح تفوق كبير للطرف الشيعي الذي يملك مصادر قوة متعددة مادية ومعنوية، ابتداء بمصدر القرار في بغداد الذي يحرز فيه نقاط تفوق نسبي واضح على الكرد والسنة، ويشكل سلاح بعض الاطراف السياسية الشيعية داعماً كبيراً لهذا التفوق حتى وإن بدى احياناً موازياً أو منافساً (للدولة)، فذلك توازي ومنافسة وصراع للهيمنة داخل المكون على من يقود (الدولة) أو إختزالها، ومع ما يشكله ذلك من قلق لدى الكرد والسنة لكن ليس بمقدورهما التدخل لفرض ارادات سياسية أو دستورية لتصحيح الوضع واكتفوا بالتذمر والنقد الموارب.وفي جانب أخر يمثل الدعم المعلن والقوي من قبل طهران للقوى الشيعية (وإن بشكل متفاوت فبعضها أكثر قرباً) عامل قوة إضافي وحاسم ومؤثر، وفي الجانب المعنوي تحوز القوى الشيعية على مصادر رمزية متنوعة الشكل والحضور والاستثمار، كالمرجعية والمزارات والمناسبات والزيارات.في سياق القوى الكردية تبدوا مصادر القوة أقل من القوى الشيعية، لكن تبقى أكثر حنكة في إستثمار عوامل تاريخية في التأثير على الشخصيات الشيعية خلال فترة المعارضة وما نسجته من علاقات مع بعضها تبلور بشكل تحالف شيعي كردي بعد 2003، لرسم ملامح النظام السياسي الجديد، واذا كانت كردستان مثلت أرض الايواء والانتقال للشخصيات الشيعية قبل 2003، فانها مثلت أرض الايواء للشخصيات السنية تحديداً بعد 2011، في المواجهة مع بغداد، وبعد 2014، احد مراكز إيواء النازحين. يبقى عنصر القوة الأكبر للكرد وحصنها من تغول القوى الماسكة بالسلطة في بغداد وعنصر المناورة السياسية الذي جعل من الكرد بيضة القبان للعملية السياسية يتمثل في تمسكها بالاقليم وتثبيته في الدستورفي المادة (1)، النظام الإتحادي(الفيدرالي)، و المادة (117):أولاً:- (يقر هذا الدستور، عند نفاذه، إقليم كردستان وسلطاته القائمة، إقليماً اتحاديا).مثل الإقليم نقطة النجاح الواضحة في عراق ما بعد 2003، على المستوى العمراني والأمني، دون نكران الإعتراضات على الأداء السياسي والفساد من مواطني الإقليم، والتذمر من الوضع الإقتصادي الذي تلقى تبعاته من قبل الساسة الكرد على سياسية بغداد الإقتصادية، غير ان المقارنة مع اي محافظة عراقية بضمنها العاصمة او البصرة مدينة النفط توضح الفرق الواضح لصالح الإقليم، وهنا يمكن القول إن فكرة الفيدرالية التي تمتع بها الكرد هي جزء من قصة النجاح تلك. فضلاَ عن ذلك تملك القوى الكردية مصادر قوة أخرى متمثلة في قوات البيشمركة و الدعم الغربي والامريكي تحديداً للإقليم لعوامل تاريخية وظفها وسوقها الساسة الكرد بذكاء فضلاً عن عوامل جيوستراتيجية تتعلق بالصراعات الدولية في منطقة الشرق الأوسط الامر الذي فرض على واشنطن موقفاً مغايراً لطموحات الكرد في قضية الإستفتاء لا نكولاً عن دعمهم.

يبقى الظلع الثالث من خارطة المكونات الذي يبدو وكأنه مجرداً من عناصر القوة، فلا مشروع واضح المعالم اطلقته الطبقة السياسية السنية يصلح أن يكون أصرة جامعة للمكون ويصلح أن يكون خطاباً يوجه المواطنين السنة، كما ان تاثيرهم في مركز القرار في بغداد صوري غير فاعل إلا في تمرير القرارات الكبرى كما في تمرير الدستورللحصول على شرعية القراربوصف الإجماع حاكم له. كما لا يملكون قوة حماية خاصة بهم تحت تهديد كرت (4 ارهاب) الأحمر وركن مشروع الحرس الوطني على الرف بتهمة لا يجوز تعدد القوات ،وتدريجياً نزع سلاح الصحوات الذي قاتل بضراوة القاعدة، وغيرت مراكز القرار فيها، وهم متهمون تاريخياً بالدكتاتورية وحالياً بالحاضنة، والمناصب تقدم لهم هبة ومكرمة لقاء تنازلات وليس لانها استحقاقات الشراكة الوطنية، ولا يملكون إقليماً يخفف من غلواء التحكم من المركز، وربما الخطيئة الأكبر للساسة السنة إنهم لم يستثمروا هذا الحق الدستوري في خلق توازن قوة مع المكونات الأخرى، كما أن الساسة السنة لا يتلقون دعماً معلناً واضحاً وجدياً من قبل أي دولة لافتقادهم لرؤية ومنظور رجال دولة واصبحوا مجرد دكاكين سياسية في بازار البيع والشراء الداخلي أو الدعم الخارجي ضمن التكتيكات المؤقتة للأطراف الداخلية والخارجية. حتى مع تفجر الوعي الشبابي في تشرين العراقي، شكل الساسة السنة حجراً على إمتداد التظاهرات للمحافظات السنية عبر خطاب التخويف واعادة الذاكرة لاسوء لحظات المحافظات السنية، مع ان التظاهرات لحظة بناء وطني أصبح الشباب السنة خارج إطاره مكرهين. تلك العوامل جعلت المكون السني منزوع الاسنان والاظافر في مقايضات الوضع العراقي، وجعلت المفاوض السني شخصية باهتة منزوعة الدسم لا تملك قدرة الحسم والثبات على الموقف ومنحت الأطراف الأخرى قدرة الفرض والرفض والتشكيل. تفويت فرصة تشكيل إقليم المحافظات الغربية خطيئة أسست لتأبيد حالة تباين القوة بين الأطراف العراقية، وعطلت مبدأ دستوري مهم بنيت عليه فلسفة الدولة نظرياً بعد 2003،وربما إعادة طرح المشروع مع بث الروح في مجلس الاتحاد (الغرفة التشريعية الثانية المعطلة)، نقطة شروع دستورية لأعادة التوازن النسبي للشراكة الوطنية حتى يبلغ وعي تظاهرات تشرين مداه ويبلغ تيار المدنية العراقي نضجه وتتأسس أحزاب عراقية عابرة للمكونات تساهم في صياغة عراق المواطنة بعيداً عن منطق المكونات الحالي،أما الأن فالواقع لا يشبه الحلم والتمني، والواقع يفرض إعادة التوازنات الغائبة التي تلقي تبعاتها وأحمالها على الوضع السياسي العراقي ومنه ما يجري الأن من صراع تشكيل حكومة محمد توفيق علاوي، فالقوى المهيمنة تحاول فرض ارادتها بمنطق المكونات ولكن باسم مطالب المتظاهرين ، والقوى الأضعف تناور لانها تفهم منطق اللعبة التي تتم في هرم القوة وبحسابات المكون لا بحساب الخضوع لاشتراطات التظاهرات، فلا عدالة في فرض إرادة المكون والتهم جاهزة للأخر بانه يحاصص العراق، فاللعبة يجب أن تلعب بقواعد واحدة على الجميع وليس بانتقائية مرة. التباين في القوة كبيراً بين الأطراف العراقية، وتوازنات القوة ما زالت مرتبكة في العراق ومربكة، وتؤشر لاختلالات واسعة بين أطرف المثلث المكوناتي العراقي، وهذا الاختلال يشكل حالة قلق كبرى في ميزان الاستقرار يجعل باب الإحتمالات الخطرة مشرعاً على الأسوء ونحو الأشد، فالمكاسب الآنية التي قد يحوزها أحد الأطراف وفق مبدأ رابحون وخاسرون، قد تشكل نفسها خسائر مستقبلية له وللأطراف الأخرى إن لم يعاد التوازن على مبدأ رابحون رابحون الذي يشكل بوصلة الاستقرار العراقي.ذلك حتى الأن بقياس ومعايير الطبقة السياسية المكوناتية التي أنتجت مشهد ما بعد 2003، أما بمعايير المواطنة وقياسات الجيل التشريني الجديد ستكون المكونات السياسية قصة مهترئة ستبلى في المستقبل القريب، وحتى الغد للواقع منطق ووقائع يفرضها.

Comments

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Popular stories