واقع التعليم الألكتروني في العراق و أهم التحديات

Related Articles

واقع التعليم الألكتروني في العراق و أهم التحديات

ا. م. د. ياسر علي ابراهيم

IFPMC-LONDON

2020

شهدت السنوات الماضية تطورات علمية سريعة في تقنية  المعلومات والاتصالات مما جعل انتشارها وتطبيقها أمراً مألوفا وشائعا في العديد من مجالات الحياة اليومية للانسان المعاصر ومن بينها مجال التعليم  , ويعدد التعليم الالكتروني ثورة حديثة في اساليب وثقافات التعليم والتي تسخر احدث ما توصل اليه العلم من اجهزة وبرامجيات في عمليات التعلم بدءا من استخدام وسائل  العرض الالكترونية لالقاء الدروس في القاعات الدراسية  واسدتخدام الوسائط  المتعدددة في عمليا ت التعليم الصفي والتعليم الذاتي وانتها ء بالقاعات الدراسية الافتراضية التي تتيح للطلاب الحضور والتفاعل مع محاضرات وندوات تقام في دول اخرى من خلال تقنيات الانترنت.

لذلك ونتيجة  للتطورات الحاصلة في مجال تقنية المعلومات والاتصالات  ظهرت الحاجة الى دمج هذه التقنية في مجال التعليم بهدف بناء جيل قادر على التواصل والتفاعل والتعامل مع مفردات العصر الجديد، مما ادى الى زيادة الاعباء التي تتحملها المؤسسات التعليمية في مجال التعليم الالكترني.

يتميز هذا العصر بالتغيرات السريعة الناجمة عن التقدم العلمي والتكنولوجي وتقنية المعمومات، لذا اصبح من الضروري على النظام التربوي مواكبة هذه التغيرات لمواجهة المشكلات التي قد تنجم عنها مثل كثرة المعلومات وزيادة عدد المتعلمين ونقص المعلمين وبعد المسافات.

وقد ادت هذه التغيرات الى ظهور انماط وطرائق عديدة للتعليم خاصة مع ظهور الثورة التكنولوجية في تقنية المعمومات، والتي جعلت من العالم قرية صغيرة، مما ادى الى زيادة الحاجة الى تبادل الخبرات مع الاخرين وحاجة المتعلم لبيئات غنية متعددة المصادر للبحث والتطوير الذاتي.

لقد بدأ الأثر الإيجابي لعصر التكنولوجيا بالظهور على العمليّة التعليميّة بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة؛ وتعد نقلةً نوعية نحو الإبداع والتفاعل وتنمية المهارات والتخلص من بند التلقين نهائياً، ويدخل في هذا النوع من أنواع التعليم عددٌ من الطرق والأساليب المتطوّرة في التعليم كالحواسيب والوسائط التخزينية وشبكات الإنترنت بمختلف أشكالها.

ساهمت التطورات التقنية في عصر الثورة التكنولوجية إلى ظهور هذا النمط التعليمي ليحفّز توطيد العملية التعليمية لدى الفرد، إذ يمكن للمتعلّم أن يواصل تعليمه وفقاً لما يمتلكه من طاقة وقدرة على الاستيعاب والتعلم، بالإضافة إلى أنّ الخبرات والمهارات السابقة تساهم في تعزيز هذا النوع من التعلم، ويمكن اعتبار التعليم الإلكتروني أنه بمثابة أحد أشكال التعلّم عن بعد، ويجدر الإشارة إلى أن الحاسوب وشبكات الإنترنت جزءٌ لا يتجزّأ من عملية التعليم الإلكتروني لتحفيز عملية نقل المعارف والمهارات.

فالتعليم الإلكتروني هو عبارة عن منظومة تفاعلية ترتبط بشكل خاص بالسلك التعليمي، حيث يتمّ تقديم المادة التعليميّة للمتعلّم بالاعتماد على سُبل التكنولوجيا وما آلت إليه من وسائل متطورة، وتقوم هذه المنظومة بشكلٍ أساسيّ بالاعتماد على وجود بيئة إلكترونيّة رقميّة تستعرض للمُستفيد منها المقرّرات بواسطة الشبكات الإلكترونية، وتقدّم كل ما يحتاجه الفرد من إرشاد وتوجيه بالإضافة إلى الاختبارات.

 خصائص التعليم الإلكتروني:

  • ينفرد التعليم الإلكتروني بعدد من الخَصائص التي تميزه عن غيره من أنواع التعليم وهي:
  • الاعتماد على جهاز الحاسوب في تقديم المقرر العلمي بشكل رقمي.
  • تقديم المقررات العلمية بمختلف الوسائط المتعددة كالنصوص المكتوبة، والمؤثّرات الصوتية، والفيديوهات، والصور الثابتة، والمتحركة.
  • انخفاض تكلفته المادية عند مقارنته بالتّعليم المادي.
  • التوّفر في كل وقت ومكان.

 أنواع التعليم الإلكتروني:

تنشطر أنواع التعليم الإلكتروني إلى ثلاثة أنواع رئيسية وهي:

  • التعليم الإلكتروني المتزامن: وهو ذلك النوع الذي يتم بثّه حياً ومباشراً؛ إذ يتطلب وجود المتعلمين جميعاً في السياق ذاته، التواجد في الوقت نفسه على الشبكة وأمام أجهزة الحاسوب كونه يعتمد على النقاشات والمحادثات بين أولئك المتعلمين ذاتهم ومعلمهم المدير لحلقة التعليم، ويتمّ النقاش بينهم بالاعتماد على وسائل إلكترونية خاصّة بالتعليم ومنها اللوح الأبيض، والفصول الافتراضية والمؤتمرات عبر غرف الدردشة.
  • التعليم الإلكتروني غير المتزامن: يختلف هذا النوع عن السابق بأنه لا يشترط وجود جميع الأفراد المتعلمين على الشبكة وأمام الأجهزة في الوقت نفسه، وذلك نظراً لتوفّر المادة بأيّ وقت.
  • التعليم الإلكتروني المختلط: ويجمع هذا النوع ما بين النوعين السابقين؛ حيث يمكن للجميع التواجد في الوقت نفسه أمام الشبكة وجهاز الحاسوب والمشاركة فعلياً فيها، وفي حال التغيب عن ذلك يمكن الرّجوع للمادة العلمية أو المقرر في أي وقت.

وبقدر تعلق الامر بالواقع العراقي نجد انه واجه العديد من الظروف الصعبة ومنذ عقود عديدة، ومن بين اهم الانعكاسات لهذه الظروف الصعبة على الواقع التعليمي نذكر هنا:

  • ارتفاع نسبة ألأمية وخاصة ألأناث في ألكثير من مناطق ألعراق، إذ أعلن الجهاز المركزي للإحصاء التابع لوزارة التخطيط في العراق أن نسبة الأمية بين الشباب في العراق بلغت 8.3% خلال عام 2017، وقال الجهاز في إحصائية إن “نسبة الأمية بين الشباب للفئة العمرية 15 الى 29 سنة خلال عام 2017 بلغت 8.3%”، لافتا إلى أن “نسبة الذكور منها بلغت 6.5% فيما شكلت نسبة الإناث منها 10.2%”، ،وأضاف الجهاز، أن “نسبة 32.5% من الشباب من الفئة العمرية 15 إلى 29 سنة ملتحقون بالتعليم حالياً، وشكلت نسبة الالتحاق من الذكور 35.9%، مقابل 28.8% للشابات الإناث”.
  • ارتفاع نسبة البطالة وخصوصا بين حمَلة الشهادات ألتعليمية وعدم ملائمة متطلبات سوق العمل للمؤهلات ألمتوفرة، وتظهر أرقام رسمية في وزارة التخطيط أن معدل البطالة وسط الشباب يتجاوز 20%، في حين تحدثت منظمات دولية وأخرى غير حكومية عن ضِعف هذه النسبة.
  • انخفاض ألمستوى ألتعليمي والثقافي للطلاب.
  • وجود عدد كبير من المعوقين بسب الحروب ألمتتالية والظروف التي تلت ألاحتلال حرمتهم الإعاقة من مواصلة مسيرتهم العلمية.
  • وجود عدد كبير من الشباب الذين دفعتهم ظروف الحياة الصعبة إلى ترك مقاعد الدراسة والتفرغ للعمل.
  • عدم أستقرار الوضع ألأمني مما أدي إلى صعوبة التنقل ومغادرة الكثير من العوائل لمناطق سكناهم إلى مناطق أخرى أو دول أخرى مما أدي إلى تركهم لمقاعد الدراسة وحرمانهم من حق التعليم.

لذلك وعلى الرغم من المزايا المتعددة التي برزت للتعليم الإلكتروني إلا أن المؤسسات التعليمية لازالت  تواجه الكثير من التحديات من أجل تحقيق التعليم الإلكتروني في القطاعات المختلفة في العراق، وأن أبرز عوائق تطبيق التعليم الالكتروني هو كثافة المناهج الدراسية  وعدم توافقها مع التطورالسريع للبرامج  وعدم توفر البنى التحتية، كذلك تدني جاهزية شبكة الاتصال السريع، وكثرة عدد الطبلة في الصف الواحد، وضعف التدريب والتأهيل، و تخلف البنية التحتية للاتصالات في العراق، و عدم وضوح أسلوب وأهداف هذا النوع من التعليم للمسئولين عن العمليات التربوية.

وفي دراسة ميدانية اجراها الباحث علي وليد حازم في عدد من اقسام كلية الحدباء في نينوى كانت عينة البحث قصدية شملت عدد من اعضاء الهيئة التدريسية، حدد الباحث خلاصة لما توصل اليه من نتائج حول اهم معوقات التعليم الالكتروني وكانت النتائج وفقا لهذا الجدول:

معوقات تطبيق التعليم الالكتروني الاهمية النسبية للمعوقات
المعوقات التقانية 60%
المعوقات المالية 75 %
المعوقات البشرية 75 %
المعوقات الاخرى 100 %
معدل النسبة المئوية للاهمية 77.5   %

تتباين هذه الارقام من كلية الى اخرى، لكن بالتاكيد تبقى نسب المعوقات عالية جداً.

معوقات التعليم الالكتروني في كلية الحدباء

ومن المعوقات الاخرى التي يعاني منها العراق في مجال التعليم الالكتروني:

  • الغش اثناء الامتحان او الاختبار اذ ان التطور التقني الذي تستعين به وزارة التربية والتعليم العالي من اجل اجراء وتطبيق التعليم الالكتروني هو نفس التقنية التي قد يوظفها الطلبة في اداء الامتحان وارسال اجوبة الاختبار للاستاذ.
  • غياب التفاعل الحي و المباشر بين الطالب والاستاذ وهو اهم عوامل ايصال المادة للطالب.
  • ضعف الأنترنت، حيث يجب توفر سرعة تدفق عالية، اذ سجلت سرعة التدفق في العراق، حسب آخر الإحصائيات، درجات متدنية جدا في هذا المجال.
  • ضعف مواقع الجامعات وعدم تحيينها بشكل دائم وعدم تنظيمها نظرا لعدم وجود متخصصين في هذا المجال.
  • قلة وعي الأستاذ وكذلك قلة إهتمامه بهذا النوع من التعليم، نظرا لنقص الاهتمام من جانب المسؤولين، بهذا النوع من التعليم لكونهم من جيل التعليم التقليدي.
  • قلة اهتمام الجامعة بهذا النوع من التعليم، وعدم تفعيله من طرف الدول وذلك بعدم تسخير كل الإمكانات لهذا النوع من التعليم.
  • قلة رغبة الطالب في هذا النوع من التعلم لأنه يرغب في المحاضرات الجاهزة، ويفضل الطريقة التقليدية بحيث أن الأخيرة تتميز بعدم بدل جهد من طرف الطالب الذي يكتفي فقط بالتلقي.

ومع بداية العام الدراسي 2019-2020 شهد العراق تجاذبات سياسية واجتماعية مهدت لها التظاهرات التي حدثت في عدة محافظات عراقية مطالبة في بداية الأمر بتوفير فرص عمل وتحقيق مبدأ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص في ظل البطالة والفساد الإداري والمالي الذي أضحى ينهش الجسد العراقي، ومع تطور الأحداث انتقلت التظاهرات، ونتيجة للقمع الذي مورس ضدها، بمطالبها إلى إحداث تغيير في كل العملية السياسية باعتبارها أصبحت عقيمة، واختار الكثير من الطلبة ترك مقاعد الدراسة تعبيرا عن احتجاجهم،ومن بعد هذا ظهور جائحة كورونا التي اكتسحت اثارها على مستوى العالم وفي جميع جوانب الحياة ومنها بالتاكيد التعليم.

قررت وزارة التعليم العالي اللجوء إلى التعليم الإلكتروني كحلٍ بديلٍ للتعليم التقليدي ولو مؤقتاً، ذلك التعليم الذي ظهرت بوادره في العام 2015 إذ صدر الأمر الوزاري المرقم 1205 في 5/4/2015 بتشكيل اللجنة العليا للتعليم الإلكتروني بمركز وزارة التعليم العالي لتتولى وضع استراتيجية للتعليم الإلكتروني على مستوى الجامعات العراقية، فضلاً عن موافقة معالي وزير التعليم العالي وحسب كتاب وزارة التعليم العالي المرقم (ب ت 2/1704 في 5/3/2015) على تفعيل مركز المعلومات العلمية والتكنولوجية في الهيئة العراقية للحاسبات والمعلوماتية ليكون أنموذجاً للتعليم الإلكتروني.

     وجاءت ردود الأفعال المتباينة  لتوضح عمق الخلاف في تطبيق هذا النظام من التعليم، والمعلوم أن جامعاتنا تتبع ثلاثة أنظمة دراسية متناقضة ومعقدة في اليات تنفيذها وتعارضها مع التعليمات الجامعية التي بقيت تدور في فلك النظام السنوي. والأنظمة هي السنوي والفصلي وحالياً نظام المقررات.

لذلك ومن من اجل انجاح هذا النوع من التعليم هناك عدة شروط لذلك منها تحديد الأهداف التعليمية الواجب تحقيقها وكذلك قبول إجابات وأفكار ونتائج متنوعة وتقديم المعرفة بدلا من توصيلها ونقلها بالإضافة إلى تقويم المهمة التعليمية بدلا من تقويم مستوى المعرفة، كذلك يجب على الحكومة العراقية تحسين مستوى خدمة الانترنت كونه العنصر الاساس والحاسم في نجاح هذا النوع من التعليم ،وتكثيف الدورات التدريبية للأساتذة والطلاب والموظفين وكل من يشترك في غرف التعليم الالكتروني سواء من ناحية المادة العلمية للطلبة وطرق ايصالها أو من ناحية تقييم مستوى اجابات الطلبة، وكذلك أرشفة كل ما له صلة بالتعليم الالكتروني عبر التنسيق المتواصل بين القسم والكلية والجامعة والوزارة.

ومن أجل إعطاء برامج التعليم الإلكتروني جودة أكبر يجب مراعاة وتحقيق العناصر الآتية:

  • الأهداف التعليمية،يتم تحديد الأهداف التعليمية في بداية العمل وصياغتها بأُسلوب واضح وقابل للقياس، اختيار استراتيجية التعليم التي تساعد في تحقيق الأهداف التعليمية .
  • واجهة الدرس،تتميز واجهة التفاعل بسهولة الاستخدام ومساعدة المعلم على تشخيص وإلغاء الأخطاء، اتسام محتوى الصفحة بالبساطة والدقة و عدم التكلف، تنظيم المادة العلمية بعناصرها المختلفة في تنسيق مناسب، وضع الأفكار الرئيسية في اعلي الصفحة، تضمين نشاطات فردية وجماعية يقوم بها المتعلمون.
  • الشكل والمظهر، ايأدوات التنقل واضحة ويتعرف عليها بسهولة وتمييز الوصلات أو الارتباطات، يستحسن استخدام خلفية ذات ألوان متناسقة.
  • التقويم المدرسي، وهو تقويم شهري يمكن استخدامه لتحديد مواعيد الاختبارات والاجتماعات و تسليم الواجبات، معلومات عن اعضاء هيئة التدريس المستخدمين للمقرر.
  • لوحة الاعلانات، يضع فيها المعلم الرسائل المكتوبة والموجهة للطلبة تتعلق بالمقرر، تتطلب ايضا الصفحات الشخصية للمعلم والطلبة نجد فيها المعلومات الخاصة بكل من المعلم والمتعلم.
  • قائمة المراجع الالكترونية، تحتوي على مواقع انترنت تتعلق بالموضوع المقرر، صندوق الواجبات حيث يرفق الطلبة واجباتهم أو يؤدون الاختبارات والاستبيانات الخاصة بالمقرر.
  • آلية إعداد الاختبارات ,وتتكون من أدوات لإعداد الأسئلة وتحديد الدرجات المختصة لها من قبل المعلم
  • سجل الدرجات، فيه يطلع الطلبة على نتائجهم ودرجاتهم مع طريقة توزيعها، السجل الإحصائي للمقرر لتقديم إحصائيات عن تكرار مكونات المقرر والاطلاع على صفحات الزوار والوصلات التي يستخدمونها.
  • مركز البريد الإلكتروني من اجل توفير إمكانية تبادل الرسائل الخاصة أو أي مرفقات بين الاستاذ والطلبة والموظفين العاملين في المركز، واضافة الدليل الإرشادي الإلكتروني الذي يقدم إجابات على استفسارات المستخدم وإعطاء وصفا مفصلا لمكونات المقرر وطريقة استخدامه.

Comments

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Popular stories