asd

Related Articles

الذكرى ال60 لحركة عدم الانحياز…الفرص والتحديات

قاسمي عبدالسميع

باحث بمنتدى صنع السياسات

IFPMC-LONDON

 

المقدمة :

انعقدت بين 11 و12 من شهر تشرين الأول قمة منظمة حركة عدم الانحياز المخلدّة للذكرى ال60 لتأسيسها بالعاصمة الصربية بلغراد عام 1961. وقد عرفت القمة مشاركة وفود ممثلة للدول الأعضاء من بينها العراق إضافة لممثلي منظمات دولية وإقليمية على غرار الأمم المتحدة ومنظمة مؤتمر التعاون الإسلامي.

تهدف هذه الورقة لإلقاء الضوء على مجريات أشغال القمة وأهم سياقاتها مع التركيز على مشاركة العراق.

  1. نبذة عن حركة عدم الانحياز

نشأت منظمة حركة عدم الانحياز في مرحلة هامّة من تاريخ العلاقات الدولية، حيث تأسست الحركة سنة 1961 ببلغراد عاصمة يوغسلافيا آنذاك، تجسيداً لرغبة عدد كبير من الدول التي كانت ترفض التحيّز لأي معسكر إبان الحرب الباردة. حيث بادرت هذه الدول على غرار يوغسلافيا، مصر والهند على دعوة الدول المستقلة حديثاً على نبذ كافة أشكال العنصرية والاستعمار وضرورة إيصال صوتها ونيل مكانتها في النظام الدولي من خلال الانضمام للحركة[1].

ورغم دورها إبان الحرب الباردة في تعزيز جهود الدول النامية ودعم حركات التحرر، يرى باحثون أن المنظمة فقدت جزءاً كبيراً من أسباب وجودها بعد نهاية الحرب الباردة وانقسام يوغسلافيا، فعلى سبيل المثال لا الحصر انسحبت كل من قبرص ومالطا سنة 2004 بمجرد انضمامهما للاتحاد الأوروبي. في المقابل، يرى آخرون، أن دورها يبقى حاسماً، حيث رفضت المنظمة مثلاً بنود “إجماع واشنطن” التي قام بتنفيذها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي احتجاجاً على عدم مراعاة الاجماع لمصالح أعضائه[2].

تضم حالياً منظمة حركة عدم الانحياز 120 دولــة، وهو ما جعل الاحتفال بالذكرى الستين لتأسيس الحركة أن يكون أحد أهم الأحداث الدولية للتعاون متعدد الأطراف لهذا العام على الرغم من الوضع المعقد الذي تمليه جائحة كورونا[3].

  1. سياقات وأشغال قمة بلغراد لحركة عدم الانحياز:

يأتي انعقاد قمة بلغراد في ظل جائحة كورونا وتداعياتها المركبّة التي مستّ كل دول العالم لاسيما الدول النامية التي تمثل أغلب أعضاء منظمة حركة عدم الانحياز. كما تنعقد أشغال المنظمة هذا العام بعد ستين سنة من تأسيسها في العاصمة الصربية بلغراد )عاصمة يوغسلافيا سابقاً( عام 1961 وهو ما يعطيها بُعداً رمزياً كبيراً وفرصةً استراتيجية لإعادة مراجعة سياسات المنظمة وآليات عملها في ظل التحولات البنيوية التي عرفها النظام الدولي في العقود الثلاثة الأخيرة.

عرفت القمة، مشاركة 105 دولة وممثلي 9 منظمات دولية. حيث جرت أشغال القمة من خلال جلسات عامّة ألقت خلالها الوفود المشاركة كلمتها ورؤيتها لمستقبل المنظمة والتعاون الدولي في ظل تداعيات الجائحة والآثار الاقتصادية التي خلّفتها.

كما شهدت القمة عدة لقاءات ثنائية تمّت على هامش أشغالها تم خلالها تباحث التعاون الثنائي بين دول المنظمة وفرص الشراكة في عدة ميادين.

علاوةً على ذلك، تضمنت أجندة القمة منتدى أعمال جاء على هامش الاجتماع رفيع المستوى المخصص للاحتفال بالذكرى الستين لتأسيس المنظمة ناقش من خلاله المشاركون عدة مواضيع اقتصادية من بينها تداعيات الجائحة ومرحلة ما بعد الوباء، الاستثمار، النقل، السّياحة وغيرها. حيث تطرقت جلسات منتدى الأعمال إلى موضوع إعادة تشكيل اللوجيستيك وسلاسل التوريد العالمية في عالم ما بعد الجائحة: الوضع الحالي والاتجاهات والتنبؤات والحلول الممكنة لأزمة COVID-19. ومواضيع أخرى منها تتعلق بالاستثمار وسبل الشراكة الاقتصادية والتكنولوجية المتاحة مع دولة صربيا[4]. 

  1. حـــول مشاركة العراق :

عرفت القمة مشاركة وفد عراقي رسمي ترأسه وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين. الذي ألقى كلمةً باليوم الأول من القمة على هامش الجلسات العامّة. حيث يمكن إيجاز كلمة وزير الخارجية في المحاور التالية :

  • التأكيد على التزام العراق بمبادئ وجهود المنظمة

افتتح وزير الخارجية العراقي كلمته بتأكيده على التزام جمهورية العراق بمبادئ وأهداف الحركة مشدداً على حرص بلاده على لعب دور هام  في استقرار المنطقة وتقريب وجهات النظر وتبنيها لمقاربة التسوية السّلمية في حل الأزمات الإقليمية، وذلك من خلال مبادراتها الرامية للحفاظ على السّلم والأمن الدوليين، على غرار مؤتمر بغداد للشراكة والتعاون الذي حظي بمشاركة واسعة من قبل دول الجوار الإقليمي والذي خرج بعدّة توصيات أهمها الإعلان الرسمي لقمة بغداد[5].

  • التنمية بالعراق :

من جهة أخرى، استغل وزير الخارجية أشغال القمة للحديث عن جهود الحكومة الراهنة في مجالاتٍ عدة. حيث تطرق إلى التجربة الديمقراطية في العراق، مشيراً أن العراق يشهد حالياً أكبر عملية انتخابية بمراقبة منظمات دولية من بينها منظمة الأمم المتحدة ومنظمة مؤتمر التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية. حيث أكدّ فؤاد حسين أنه رغم حداثة التجربة الديمقراطية بالعراق، إلا أن المرحلة الأخيرة عرفت تطوراً كبيراً في الممارسة الديمقراطية بالعراق.

في المقابل، شدّد وزير الخارجية العراقي على حرص حكومة بلاده على مواصلة جهودها في الحرب على الإرهاب والتطرف العنيف وخطاب الكراهية وتشجيع التسامح والتعايش السلمي. كما أكدّ في ذات السياق على ضرورة مواصلة الدعم الدولي لإعادة إعمار المناطق المتضررة من الإرهاب، وتعزيز قدرات العراق في إعادة بناء وتأهيل البنى التحتية لضمان عودة سلسة ومستدامة للنازحين. على إثر ذلك، نوّه ممثل العراق إلى العلاقة الوطيدة بين السّلام والأمن والتنمية مشيراً إلى أن الأمن شرط مسبق للتنمية والتنمية المستدامة لا يمكن تحقيقها إلاّ في سلمية وآمنة.

  • ضرورة تعزيز دور المنظمة :

خطاب العراق لم يقتصر على ذلك فقط، وانما شمل أيضاً ملف اصلاح منظمة حركة عدم الانحياز وتكييفها مع التحديات الراهنة. حيث أبرز وزير الخارجية العراقي دور الحركة في التصدي لجائحة كورونا من خلال التعاون والتضامن الدولي بين أعضائها.

فضلاً على ذلك، شدّد العراق على ضرورة التضامن والاتحاد على دعم واحترام سيادة القانون من أجل تحقيق السّلام والأمن والاستقرار على الصعيد الدولي، وذلك من خلال التبادل الأفضل للممارسات والموارد بين دول المنظمة لحل النزاعات وتحقيق التنمية المستدامة،  وتعزيز دور الحركة في القضايا الدولية على غرار المناخ، وأجندة التنمية المستدامة 2030.

وفي ختام كلمته أوصى وزير الخارجية فؤاد حسين، بتأسيس مجموعة مصّغرة داخل الحركة للوساطة وحل الخلافات بين دول الحركة بشكل ودّي ودبلوماسي كون هذه الخلافات تضعّف دور الحركة في السّاحة الدولية وتستنزف مواردها وجهودها على نحوٍ يثبّط من دورها ويجعلها عُرضَةً للتدخل الخارجي.

خــلاصــة :

تعتبر قمة بلغراد 2021 لمنظمة حركة عدم الانحياز حدثاً هاماً للمنظمة وأعضائها، كون أن قمة هذا العام تأتي تخليداً للذكرى الستّين لتأسيسها وفي العاصمة بلغراد التي شهدت أولى خطوات إنشائها. وبالتالي، فالقمة فرصة مواتية لتكييف أهداف وآليات عمل المنظمة مع التحولات والتحديات الراهنة لاسيما جائحة كورونا وتداعياتها المختلفة.

فيما يتعلق بالعراق، فقد كانت كلمة وزير الخارجية فؤاد حسين فرصةً للتذكير بالتزام العراق الراسخ بمبادئ المنظمة القائمة على التضامن والتعاون الدوليين. كما استغل ممثل العراق أشغال القمة لإبراز التحديات التي تواجهها بلاده على الأصعدة السياسية، الأمنية والاقتصادية ودعوة المجتمع الدولي لتعزيز التعاون لمواصلة الدعم في مسار إعادة إعمار العراق. أخيراً، أكدّ وزير الخارجية على ضرورة تعزيز دور المنظمة وتفعيل دورها في السّاحة الدولية بالشكل الذي يخدم مصالحها ومصالح أعضائها.

GASMI Abdelssami

Junior Researcher

abdelssami@ifpmc.org

الهوامش:

[1] Olivier Nay et al., Lexique de Science Politique : Vie et institutions politiques ( Paris : DALLOZ), 2008, p.353

[2] Op.cit., p.354

[3] للمزيد عن القمة الستين لحركة عدم الانحياز، ينظرالموقع الرسمي، https://bit.ly/3Dy7j9h

[4] Business Forum – On the margins of the High-Level Commemorative Meeting dedicated to the 60th anniversary of the Non-Aligned Movement, Belgrade, 11 – 12 October 2021, accessed on 11/10/2021, at : https://bit.ly/3lup0QV

[5] وزير الخارجية يُلقي كلمة العراق في اجتماع دول حركة عدم الانحياز والاحتفال بالذكرى 60 على تأسيسها، يوتيوب، 11/10/2021، شوهد في 11/10/2021، في : https://bit.ly/3oTteDI

Comments

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Popular stories