asd

مؤشر الديمقراطية 2020…ملخص عن حالة الديمقراطية في العالم والعراق

Related Articles

مؤشر الديمقراطية 2020…ملخص عن حالة الديمقراطية في العالم والعراق

قاسمي عبدالسميع[1]

باحث بمنتدى صنع السياسات

February 2021

مقدمة :

أصدرت وحدة الاستخبارات الاقتصادية[2] التابعة لمجموعة The Economist مؤخراً تقريرها السنوي حول مؤشر الديمقراطية العالمي لسنة 2020. وقد سَّلط التقرير الضوء على وضع الديمقراطية في 167 وحدة سياسية في العالم من بينها العراق.

وبحكم ما شهدته سنة 2020 من تحولات،  ركزت نسخة هذا العام على تأثير جائحة كورونا على الديمقراطية والحريات في العالم إضافة لتخصيص جزءٍ مهم لمعالجة وضع الديمقراطية بالولايات المتحدة في سياق الانتخابات الامريكية وصعود حركة Black lives matter.

في هذا السِّياق، تستعرض هذه الورقة أهم نتائج التقرير مع التركيز على النتائج التي حققها العراق مقارنة بسنة 2019، وانعكاسات ذلك على الصَّعيد الاقتصادي.

أولاً : نبذة عن التقرير

تقرير مؤشر الديمقراطية الصَّادر عن وحدة الاستخبارات الاقتصادية، يعتبر من بين أهم التقارير العالمية في مجال الديمقراطية، حيث تحظى بياناته بمصداقية عالية منذ صدور أول نسخة عام 2006.

يقدِّم التقرير في نسخته الثالثة عشر[3] إحاطة عامّة بحالة الديمقراطية في العالم؛ حيث شمل التقرير 167 وحدة سياسية بالعالم من بينها 165 دولة مستقلة واقليمين اثنين.

اعتمد التقرير منهجية صارمة تقوم على المسح والاستبيان؛ وتنطلق من تنقيط الدول من 0 إلى 10 في خمس مجالات محددة وهي كالآتي : التعددية السياسية والعملية الانتخابية ؛ الحريات المدنية؛ سير عمل الحكومة؛ الثقافة السياسية والمشاركة السياسية. بعد احتساب متوسط النقاط المحصّل عليها في الأصناف الخمسة ؛ يتم تقسيمهم إلى أربعة أصناف على النحو الآتي :

  • ديمقراطيات كاملة : أكثر من 8 نقاط
  • ديمقراطيات متصدعة : أكثر من 6 وأقل من 8 نقاط
  • أنظمة هجينة : أكثر من 4 وأقل من 6 نقاط
  • أنظمة أوتوقراطية : أقل من 4 نقاط

 

ثانياً وضع الديمقراطية في العالم

سنة 2020، كانت مليئة بالأحداث والتحولات على كافة الأصعدة، حيث شهد العالم على مدار الاثني عشر شهراً سلسلة من المحطات استوقفت الجميع ولعل أبرزها جائحة كورونا، التي خلَّفت تداعيات اقتصادية وسياسية واجتماعية كبيرة. وهو ما دفع بوحدة الاستخبارات الاقتصادية بإلقاء الضوء على انعكاسات ذلك على واقع الديمقراطية والحريات في العالم.

حسب التقرير، فقط 49.4% من سكان العالم يعيشون في ظلِّ حدٍ أدنى من الديمقراطية، و8.4% يعيشون في ديمقراطيات كاملة بزيادة قدرت ب2.7% عن ما تم تسجيله سنة 2019. في المقابل، أكثر من ثلث سكان العالم يعيشون في أنظمة أوتوقراطية، الجزء الأكبر منهم في الصين التي يتجاوز عدد سكانها مليار نسمة.

الشكل 01. احصائيات حول وضع الديمقراطية في العالم

المصدر : وحدة الاستخبارات الاقتصادية[4]

مثل ما هو موضح في الشكل 01 أعلاه، 75 دولة من بين 167 وحدة سياسية شملها التقرير، تم تصنيفها كدول ديمقراطية مُمَثلةً بذلك نسبة 44.9%. عدد الديمقراطيات الكاملة « Full Democracies » المسَّجل سنة 2020 بلغ 23 مقابل 22 سنة 2019.

من جهةٍ أخرى، تم تسجيل تراجع في عدد الديمقراطيات المتصدعة « Flawed Democracies » من 54 إلى 52. أما فيما يتعلق ب92 دولة المتبقية؛ ف35 دولة منها تنتمي لصنف الأنظمة الهجينة، بينما 57 دولة منها تم تصنيفها كدول أوتوقراطية سنة 2020 مقابل 54 سنة 2019.

أما بخصوص انعكاسات جائحة كورونا على الديمقراطية في العالم، فقد أشار التقرير أن الديمقراطية في حد ذاتها تشهد تراجعاً منذ سنوات. وفي سنة 2020 واجهت الديمقراطية جائحة عالمية لم يسبق لها مثيل، على نحوٍ أسهم في كبح الحريات الفردية والمدنية بفعل السياسات التي تبنتها الحكومات لمواجهة فيروس كوفيد-19؛ وهو ما أدّى بدوره إلــى تراجع مؤشر الديمقراطية من 5.44 سنة 2019 إلى 5.37 سنة 2020. وهي أسوأ نتيجة يتم تسجيلها من اطلاق المؤشر سنة 2006.

الشكل 02. وضع الديمقراطية في العالم حسب الفئة

المصدر : وحدة الاستخبارات الاقتصادية

فضلاً على ذلك، تراجع الديمقراطية في العالم، كان بفعل تراجعها في العديد من مناطق العالم، أبرزها منطقة افريقيا جنوب الصحراء ومنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، إذ تم تسجيل تراجع في معدل الديمقراطية بالمنطقتين ب 0.10 و0.09 بين عامي 2019 و2020. كما سجلت كل من منطقة أوروبا الغربية وأوروبا الشرقية انخفاضاً ب0.06 والأمر ذاته لمنطقة آسيا وأستراليا التي انخفض بها معدل الديمقراطية ب0.05.

في ذات السِّياق، تم تسجيل انخفاض لمعدَّل الديمقراطية بأمريكا اللاتينية ب0.04 سنة 2020، مقابل 0.01 لأمريكا الشمالية. زيادة مستوى الديمقراطية بكندا أسهم في تغطية التراجع المسّجل بالولايات المتحدة والذي قُدِّر ب0.04.

 

ثالثاً: حالة العراق في التقرير

احتلَت العِراق المرتبة 118 من أصل 167 دولة واقليم شملهم التقرير، بينما احتلت المرتبة الثامنة في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، وقد تقاسمت العراق مرتبتها هذه مع المملكة الأردنية بعد أنغولا التي جاءت في المرتبة 117 وقبل نيكاراغوا التي احتلت المرتبة 120.

كما تجدر الاشارة إلى أن مرتبة العراق عالمياً لم تتغير مقارنة بسنة 2019، رغم تراجع معدل الديمقراطية وانخفاضه من 3.74 إلى 3.62. ويُظهِر الشكل 3 أعلاه، أن نتيجة العراق لهذه السنة تعتبر الأسواء منذ اطلاق المؤشر سنة 2006؛ وتعتبر 2020 السَّنة الرابعة على التوالي التي يتراجع فيها العراق، حيث حقق العراق  4.09 نقطة سنة 2017 ، وحقَّقَ قبلها بثلاث سنوات أفضل نتيحة له منذ اطلاق المؤشر وهي 4.23، مثل ما يوضحه الشكل 03.

يُظهر الشكل 04، النقاط التي حققها العراق في كل صنف، حيث حقَقَ العراق 5.25 نقطة من أصل 10 في مجال التعددية والعملية الانتخابية، و6.67 في مجال المشاركة السياسية اضافة ل5 نقاط في ميدان الثقافة السياسية و1.18 في الحريات المدنية، بينما نال العراق 0.00 في مجال سير عمل الحكومة وهو ما يدل على وجود أزمة في ادارة الدولة وصعوبةٍ كبيرة في تشكيل الحكومات وتداولها على تسيير الشأن العام والقطاعات الحساسة في البلاد. وقد نال العراق بناءاً على ذلك، 3.62 نقطة ليتم تصنيفه في فئة الأنظمة الأوتوقراطية.

 

رابعاً: لماذا الديمقراطية مهمة للنمو الاقتصادي ؟

لا تقتصر أهمية مؤشر الديمقراطية على الجانب السِّياسي فحسب، بل تمتد حتى إلى الجوانب الأخرى من الحياة لا سيما المجال الاقتصادي، إذ أن الديمقراطية بوصفِها آلية للحكم تهدف بالأساس لتجسيد الارادة الشعبية واشباع حاجيات المواطنين وذلك لا بد أن يمر عبر سياسات تنموية ناجعة تستجيب لتطلعات المواطنين.

في المقابل، تتفق أغلب الأدبيات في حقل الاقتصاد السِّياسي على وجود علاقة طردية بين الديمقراطية و التنمية الاقتصادية، حيث تفيد أغلب الدراسات الامبريقية أن أغلب النماذج الاقتصادية الناجحة في العالم تتبنى أنظمة ديمقراطية تضمن توزيع عادل للثروة على نحوٍ يحقق النمو الاقتصادية والتنمية البشرية[5].

في سبيل تحقيق ذلك، تبنى المجتمع الدولي مفهوم الحكم الراشد Good Governance الذي يُجسِّد مساهمة الديمقراطية في التنمية، عبر تقوية المؤسسات التمثيلية وتكريس مبادئ العدالة، الكفاءة، الشفافية والمساءلة في إدارة الشأن العام على نحو يضمن توزيعاً عادلاً للدخل ويقضي على كافة الآفات الاجتماعية[6].

الأمر ذاته ينطبق على العراق، الذي لا بد له من يتبنى مبادئ الديمقراطية والحكم الراشد حتى يتمكن من توفير الشروط الملائمة للتنمية على رأسها سيادة القانون، الشَفافية والمساءلة وكذا الكفاءة والفعالية في إدارة المؤسسات العامة المنوطة بتسيير شؤون المجتمع واشباع حاجيات المواطنين.

خلاصة:

مؤشِر الديمقراطية لسنة 2020 قدّم معطيات احصائية مهمة لوضع الديمقراطية في العالم في ظل جائحة كورونا التي امتدت تداعياتها الى الجانب السِّياسي، حيث أثرَّت السِّياسات التي تبنتها الحكومات لمواجهة فيروس كوفيد-19؛ سلباً على واقع الديمقراطية والحريات الفردية؛ وهو ما أدّى بدوره إلــى تراجع مؤشر الديمقراطية من 5.44 سنة 2019 إلى 5.37 سنة 2020. وهي أسوأ نتيجة يتم تسجيلها من اطلاق المؤشر سنة 2006. أمّا فيما يتعلق بالعراق، فقد حقق  هو كذلك أسوأ نتيجة له منذ 2006، حيث جاء في المرتبة 118 من أصل 167 دولة واقليم شملهم التقرير.

[1] Email: abdelssami@ifpmc.org

الهوامش :

[2]  وحدة الاستخبارات الاقتصادية (EIU) هو وحدة مكلفة بالبحث والتحليل ضمن مجموعة الإيكونوميست تم تأسيسها عام 1946. تحظى تقاريها بمصداقيها عالية لدى الباحثين و وسائل الإعلام الدولية.

[3] Democracy Index 2020: In sickness and in health? The Economist Intelligence Unit, London, 2021.

[4] يشير عدد سكان “العالم” إلى إجمالي عدد سكان 167 دولة التي يغطيها المؤشر. وبحكم أن المؤشر  يستثني الدول المجهرية ، فإنعدد سكان العالم المصرح به في التقرير يساوي تقريبًا إجمالي عدد سكان العالم.

[5] Shrabani Sahaa , Zhaoyong Zhang, Democracy-growth nexus and its interaction effect on human development: A cross-national analysis, Economic Modelling, no. 06, vol. 63, pp. 304-310

[6]  ماسيمو توماسولي، الديمقراطية والتنمية: دور الأمم المتحدة، برنامج الأمم المتحدة الانمائي والمؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات، نيويورك ، ستوكهولم، 2012، ص.07

Comments

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Popular stories