asd

دور الميليشيات في تقويض الاقتصاد العراقي..احدث بحوث الامن والتنمية الاقتصادية في العراق بقلم الاستاذ شاهو القرداغي

Related Articles

دور الميليشيات في تقويض الاقتصاد العراقي

الاستاذ شاهو القرداغي 

الباحث المتخصص في الشؤون الامنية والسياسية 

IFPMC-LONDON

الخميس .16 يوليو /تموز 2020 

     تلعب الجماعات المسلحة الموالية للدولة او الميليشيات المستقلة دوراً سلبياً تجاه الاقتصاد الوطني ، وتُشكل عائقاً أمام مسيرة التنمية الاقتصادية و مشاريع التطوير و التقدم و الازدهار في الدولة، كما تترك آثاراً كارثية على مستقبل البلاد و تؤخر عجلة النمو الاقتصادي.

شهدت الساحة السياسية العراقية منذ سقوط النظام العراقي السابق عام 2003 بروز عدة ميليشيات مسلحة ، أبرزها كانت منظمة بدر التي تأسست في الثمانينات كذراع عسكري للمجلس الأعلى الإسلامي، و ميليشيات جيش المهدي بقيادة مقتدى الصدر، و عصائب أهل الحق بقيادة قيس الخز علي ، وكتائب حزب الله .

وتضاعفت أعداد الميليشيات في العراق في عام 2014 بعد انهيار الجيش و القوات الأمنية أمام عناصر تنظيم داعش، حيث تشكلت ميليشيات (الحشد الشعبي) كجيش رديف للجيش العراقي بعد فتوى المرجع الشيعي (علي السيستاني) إلى الجهاد الكفائي و دعوة القادرين على حمل السلاح للتطوع لمقاتلة تنظيم داعش.

وفور إعلان الفتوى باشرت الحكومة العراقية إلى تأطير وتنظيم الحشد الشعبي لإضفاء الصفة المؤسساتية عليها عن طريق تأسيس “مديرية الحشد الشعبي”، بالإضافة إلى صدور قانون “هيئة الحشد الشعبي” بعد تصويت مجلس النواب العراقي بأغلبية الأصوات لصالح القانون في عام 2016 ، ويتمتع أعضاء الحشد الشعبي برواتب شهرية و امتيازات ومخصصات مماثلة لباقي المؤسسات العسكرية للدولة العراقية و تتلقى الدعم المادي و العسكري من الحكومة العراقية.

حسب آخر دراسة للخبير الأمني المرحوم “هشام الهاشمي”: ( تتكون مؤسسة الحشد الشعبي من 119 فصيل، 67 فصيل شيعي، و 43 فصيل سني، و 9 فصائل تتبع الأقليات ، و يصل عدد الموارد البشرية في الهيئة إلى 164 ألف منتسب ، 44 فصيل من الفصائل الشيعية تتبع المرشد الإيراني خامنئي، و 17 فصيل تقلد السيد السيستاني، و 6 فصيل تقلد مرجعيات شيعية أخرى داخل وخارج العراق).

من الواضح أن غالبية الفصائل و الميليشيات التي تنضوي تحت غطاء ” هيئة الحشد الشعبي” تحمل الولاء للمرشد الإيراني و تتبنى فكرة ولاية الفقيه و تعترف بهذا الولاء، وهذا الأمر ينعكس بشكل مباشر على تصرفات و سلوك هذه الفصائل المسلحة، حيث أنها لن تراعي مصالح العراق او تلتزم بسياسات الدولة العراقية ، بل تتعامل مع الدولة كغنيمة ومصدر لتوفير الموارد المالية و ممر عسكري للانتقال الى باقي دول المنطقة ، وتحاول دائماً استغلال نفوذها السياسي في البرلمان و نفوذها العسكري في الميدان و نفوذها الاقتصادي لتمويل نشاطاتها العابرة للحدود وتحقيق أحلامها الايديولوجية على حساب استنزاف الاقتصاد العراقي و إضعافه.

وكما جاء في كتاب “العنف المقدس : النفوذ الاقتصادي للميليشيات والأمن الإقليمي”: تتنافس الميليشيات من أجل السيطرة على الأرض والثروات، واستقطاع أكبر جزء ممكن من إقليم الدولة، والسيطرة على الموارد و التركيز على التواجد في المناطق الغنية بالثروات والموارد ، والتحرك أيضاً للسيطرة على الموانئ البحرية و ممرات التجارة الداخلية والخارجية، ليصبح المنطق الذي يحكم تحركات الميليشيات هو المنطق الاقتصادي، والهدف هو تعظيم أكبر استفادة اقتصادية من الحرب والنزاع الداخلي والعمل على استمرار النزاع بمختلف الوسائل الممكنة، وهذا يعني ان استمرار الحرب يخدم الأهداف الاقتصادية للميليشيات وتصب في تحقيق أهدافها الغنائمية”.

كيف تؤثر الميليشيات على الاقتصاد الوطني؟

تحصل الميليشيات على الدعم المالي من الحكومة العراقية كباقي المؤسسات العسكرية و الأمنية للدولة ، ولكن إضافة إلى الدعم الحكومي، تنخرط الميليشيات في العديد من النشاطات الاقتصادية و تحاول توفير الموارد المالية للإنفاق على مشاريعها، بحيث أصبح لكل ميليشيا تنظيم و اقتصاد خاص به، وتعمل كدولة داخل الدولة ، ويحاول كل طرف أن يُعزز موارده المالية على حساب إضعاف و تدمير اقتصاد الدولة ، حيث تختفي المفاهيم الوطنية الجامعة و تبرز المفاهيم الجانبية الضيقة و الولاء إلى الميليشيات أولاً عند قادة الميليشيات المسلحة .

أبرز الطرق المباشرة للإضرار بالاقتصاد العراقي:.

أولاً: السيطرة على حقول النفط

يُشكل النفط ما بين 85 إلى 90% من الإيرادات الحكومية في العراق، إضافة لذلك هو مصدر تمويل كبير للميليشيات التي تُسيطر على حقول النفط و تهريبه بعيداً عن سيطرة الدولة.

يقول الكاتب الأمريكي مايكل نايتس في تقرير له نشر في مركز أبحاث مكافحة الإرهاب في الاكاديمية العسكرية الأمريكية: أن الميليشيات سيطرت على حقول نفطية صغيرة في مناطق سنية مثل علاس والقيارة و نجمة، وقامت أيضاً بالاستفادة من شركات نقل و إمداد وشحن تسيطر عليها ميليشيات في البصرة لتهريب النفط المسروق من هذه الحقول، كما ثبتت الميليشيات موطئ قدم لها في الموانئ ومناطق التجارة الحرة في العراق لضمان تصدير النفط الخام العراقي والمنتجات النفطية المسروقة من الصناعات المحلية “

وفي تقرير استقصائي لوكالة يقين “فإن العراق خسر جراء عمليات تهريب النفط ما يقرب من 2 مليار دولار خلال 18 شهراً بسبب عمليات التهريب التي تقوم بها بعض الميليشيات التابعة للحشد الشعبي في صلاح الدين ونينوى، والتي بدأت بتهريب النفط بعد استعادة السيطرة على المنطقة من تنظيم داعش مباشرة”.

ويؤكد التقرير أن “ميليشيات كتائب الامام علي و النجباء و عصائب اهل الحق و حزب الله و الخراساني هي التي تتقاسم الحقول فيما بينها “.

بينما يؤكد مصدر في وزارة الداخلية العراقية بأن جهات أمريكية أكدت تورط 56 جهة عراقية تشارك في عمليات التهريب و الأموال المحصلة تُقدر بنحو 4 مليارات دولار سنويا ” حسب تقرير للخليج أون لاين.

ثانيا: المنافذ الحدودية

توجه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي يوم السبت (11 تموز 2020) إلى منفذ المنذرية الحدودي في ديالى مع إيران ، وخول الكاظمي القوات الأمنية بإطلاق النار على المتجاوزين على المنافذ الحدودية و تعهد بمحاربة الفاسدين و ملاحقتهم في كافة المنافذ الحدودية.

وأعلن نائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان ظافر العاني عن تأييده لقرارات الكاظمي بالسيطرة على المنافذ الحدودية و كتب قائلاً: في العراق 36 منفذا بين بري وهي الأكثر و جوي وبحري ويُقدر الخبراء وارداتها بـ 13 مليار دولار سنوياً، ولكن الذي يصل للدولة مليار واحد فقط فيما يذهب 12 مليار دولار للفاسدين من الأحزاب والميليشيات”

بينما يؤكد الخبير الاقتصادي العراقي عبدالرحمن المشهداني : أن الأموال المهدورة عبر المنافذ الحدودية منذ 2003 ولغاية اللحظة تُقدر بنحو 100 مليار دولار، لأن بعض المنافذ تفقد الدولة السيطرة عليها في بعض الأوقات وتكون تحت سيطرة ميليشيات معروفة “.

ثالثاً: المكاتب الاقتصادية في المدن المحررة

حسب تقرير لصحيفة “درج” فإن “ميليشيات الحشد الشعبي تحولت من فصائل لمواجهة التنظيمات الإرهابية وضبط الامن في نينوى إلى فصائل ذات نفوذ اقتصادي-سياسي بفضل مكاتبها الاقتصادية، إن ذلك التحول و تلك الإستحواذات العقارية و الاستثمارات في ثاني أكبر محافظة عراقية “سيمنحها القدرة على تمويل نفسها لسنوات مقبلة حتى إذا انقطع التمويل الحكومي، وبالتالي إدامة تأثيرها السياسي وفرض إرادتها في بيئة ليست بيئتها”.

تقوم الميليشيات الموالية لإيران في المناطق المحررة بالسيطرة على الحركة التجارية داخل المدن و فرض الاتاوات و السيطرات و ابتزاز التجار و رجال الاعمال ، بالإضافة إلى السيطرة على المشاريع الاستثمارية في المدن المُحررة، و اشتراط الحصول على حصة من التجار و المقاولين في مقابل السماح بأي عمل أو مشروع في مناطق نفوذها .

الاستنزاف المستمر للاقتصاد العراقي من قبل الميليشيات في ظل انخفاض أسعار النفط وانتشار كورونا أثرت بشكل كبير على قدرة الدولة على توفير الرواتب بسبب اعتماد الدولة على إيرادات النفط لتمويل الميزانية العامة، مما دفع مجلس النواب العراقي إلى إقرار قانون يتيح للحكومة اقتراض نحو (18 مليار دولار) من الداخل و الخارج لسد العجز المالي في البلاد ولتمويل العجز المالي لعام 2020 ، بينما لو دخلت الأموال المنهوبة من قبل الميليشيات إلى خزينة الدولة لنجحت الحكومة في مواجهة الازمة المالية بشكل أفضل.

الطرق غير المباشرة للإضرار بالاقتصاد العراقي

في عام 2018 تعهد المشاركون في مؤتمر الكويت بمنح 30 مليار دولار لإعادة إعمار العراق، وستكون المساعدات على شكل قروض وتسهيلات ائتمانية و استثمارات تقدم للعراق من أجل إعادة بناء ما دمرته الحرب.

حسب المستشار المالي لرئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي ، فإن الاضرار التي لحقت بالعراق نتيجة الحرب فاقت الـ (100) مليار دولار، وكان الحكومة العراقية تأمل بالحصول على تعهدات من مؤتمر الكويت بقيمة (88 مليار دولار).

بعد مرور عامان كاملان على المؤتمر، يؤكد المسؤولون العراقيون بأن الغالبية العظمة من الدول لم تف بالتزاماتها وتعهداتها في المؤتمر.

وحسب مصدر عراقي رفيع لصحيفة العربي الجديد : فإنه لم يحقق المؤتمر أي إنجاز، ويعود ذلك بالدرجة الأولى إلى الأوضاع المضطربة، والخوف من نفوذ الميليشيات في تلك المناطق و آفة الفساد”.

يحتاج العراق إلى توفير بيئة آمنة و مستقرة لجذب الاستثمارات الأجنبية و إقناع الأطراف المحلية و الدولية بوجود فرص آمنة للاستثمار داخل العراق وخاصة بعد الانتصار على تنظيم داعش ، على العكس من ذلك ساهم انتشار الميليشيات في المحافظات العراقية في نشوء بيئة طاردة للاستثمارات الأجنبية و رجال الاعمال المحليين إلى الخارج، بسبب توسع اعمال العنف و الاختطافات و الابتزاز بحق التجار و رجال الاعمال في مناطق نفوذ الميليشيات التي تعتمد على هذه النشاطات الإجرامية لتوفير موارد مالية لنشاطاتها الإرهابية.

وجود الميليشيات يُشكل تهديد دائم للمستثمرين ورجال الاعمال و يدفعهم للهروب و البحث عن بيئة أفضل، وعندما نقارن بين إقليم كردستان و باقي مناطق العراق، نرى أن الإقليم نجح بشكل كبير في جذب الاستثمارات الخارجية بسبب توفير الامن و الاستقرار و غياب الميليشيات و العصابات المنفلتة في الإقليم ، حيث قدر “معهد الاقتصاد بالأرقام” المعني بشؤون الاقتصاد والاستثمار في إقليم كردستان حجم و مبالغ الاستثمار في الإقليم خلال 13 سنة الماضية بنحو (52 مليار دولار امريكي) مع تنفيذ 877 مشروعاً استثمارياً حسب الأرقام الرسمية التي حصل عليها المعهد من هيئة الاستثمار في الإقليم.

جدول يوضح تسلسل حجم استثمار الدول الاجنبية في اقليم كوردستان

Country Number
الامارات 3.314.216.000
تركيا 1.237.336.470
لبنان 1.016.402.686
مصر 150.000.000
أمريكا 115.822.925
نيوزلندا 98.189.850
ايران 14.950.802
ألمانيا 24.355.712
السويد 13.500.000
بريطانيا 2.500.0001
الكويت 10.570.000
سوريا .300.0008.
فرنسا 7.082.207
جورجيا 6.000.000
روسيا 2.805.670

الاستثمارات الأجنبية ساهمت في مساعدة الدول النامية للخروج من ازماتها الاقتصادية و ساعدت في اقتصاديات هذه الدول عن طريق تحقيق التنمية الاقتصادية وتوفير رأس المال و نقل المعرفة و الخبرات والتكنولوجيا بشكل مباشر، إضافة إلى المساهمة في زيادة الدخل القومي و تقليل نسب البطالة وإنتاج السلع والخدمات التي تشبع حاجة المواطنين ، والعراق في هذه المرحلة وفي ظل الازمات الاقتصادية و تراجع أسعار النفط بحاجة ماسة لتوفير البيئة المناسبة للاستثمارات الخارجية لتحقيق التنمية الاقتصادية ، ولكن من الواضح أن الوعود والاعلانات الحكومية و عمليات الترويج ليست كافية لتوفير هذه البيئة المناسبة في ظل غياب الاستقرار الأمني و سيطرة الميليشيات على الكثير من المدن و المحافظات العراقية و التحكم بالملف الأمني والتجاري فيها .

الخاتمة

بالنظر إلى المعلومات والمعطيات السابقة من الصعب أن يتعافى الاقتصاد العراقي او يشهد نمواً في المستقبل في ظل الاستنزاف المستمر للموارد من قبل الميليشيات و المجاميع المسلحة ، وصعوبة خلق بيئة آمنة لرجال الأعمال و المستثمرين و إقناع الأطراف الخارجية بالاستثمار في العراق مع استمرار فوضى السلاح وكثرة الفصائل والميليشيات .

عملية التطوير والتنمية الاقتصادية مرتبط بالاستقرار السياسي و الأمني ، ومن الصعب أن يتحقق الاستقرار السياسي و الأمني في ظل وجود عوامل اللادولة على الساحة السياسية العراقية على حساب قوة الدولة ، وخاصة عندما تكون الميليشيات جزء من مشروع أيديولوجي عابر للحدود ، حيث يتطلب الأمر إرادة عراقية حازمة و تعاوناً محلياً و دولياً لتحجيم دور الميليشيات و إضعاف الاذرع المسلحة للأحزاب و البدء بتحقيق الاستقرار السياسي والأمني الذي سيُمهد للتنمية الاقتصادية بشكل تدريجي.

المصادر والمراجع

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=673315&r=0

https://daraj.com/47946/

http://khaleej.online/LdeEa4

تقرير الحرة https://2u.pw/Ryhcy

https://www.pukmedia.com/AR_Direje.aspx?Jimare=137254

Comments

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Popular stories