asd

درس من فايروس كورونا عن مكامن الهشاشة في العولمة الإقتصادية

Related Articles

درس من فايروس كورونا عن مكامن الهشاشة في العولمة الإقتصادية

ترجمة بتصرف: دكتورة هجير عدنان زكي امين

Hajeer Adnan Zaki Ameen
Foreign Affairs February 2020
Henry Farrell & Abraham Newman


مع تفاقم الأزمة التي خلفها استشراء فيروس كورونا عالميا و مع تصاعد ردود الفعل من تخزين المواد الطبية و تحديد الأسعار الى تقييد ثم منع السفر حتى حدوث بعض مظاهر الانهيار في سلسلة تجهيزات العرض لمجاميع من السلع ثم التحذيرات من نذر الأثر الإقتصادي التضاعفي للأزمة على مستوى العالم ، حتى بدت مسألة اعادة تقييم الصيغة التي تعمل بها العولمة الاقتصادية و ترابط الاقتصاد العالمي تفرض نفسها بقوة. فلم تظهر الصورة السيئة للعولمة فقط بالسماح بالإنتشار السريع للوباء، و انما كشفت عن مكامن الهشاشة التي ينطوي عليها التداخل على الصعيد الدولي بين الاطراف الاقتصادية سواء كانت شركات أو دول . ان الدرس ينطوي على التنبيه بأن منافع العولمة المستندة الى الحكمة التقليدية لليبرالية الاقتصادية قد تكون هي السبب في امكانية اختراقها و أن أزمات مثل هذه التي يمر بها العالم اليوم هي الكفيلة بكشف مكامن الهشاشة بوضوح.

استخدام الموارد و مرونة العرض …

لعقودعملت المؤسسات على استغلال الموارد الاقتصادية لتشكيل ثروات غير مسبوقة منتجة في طريقها تقليل ما يعرف بال slack أو العطالة في الموارد التي تؤخذ كمقياس للهدر الاقتصادي في الطاقة الانتاجية . و لعل من المستغرب القول هنا ان هذا الهدر المحدود صار يمثل أحد مكامن هشاشة العولمة ، على الأقل هذا ما أنبأتنا به ازمة الكورونا .
هناك معيار يوصِّف مستوى الفشل الآمن في مجال الصناعة الذي ينبغي توفره لكي لا تتعرض الصناعة الى انهيار في سلسلة العرض . ان ما حدث ابان هذه الازمة مع بعض المعدات و اللوازم الطبية هو تخطي هذا المعيار عندما طغى الطلب على هذه المواد و دخلت الدول في منافسة محمومة للحصول على الموارد ، مما دفع الجميع الى الاتجاه نحو التخزين ليأخذ هذا المنحى اتجاها عالميا منذرا بازمة عرض. 


عولمة سمث ..

المعتقد الليبرالي التقليدي يسعى في منتهاه الى التبشير بخلق وسط سوقي دولي يسهل قيام سلاسل مرنة لعرض السلع ، و هذه المرونة تسمح باحلال سريع لمكون سلعي محل آخر عند الحاجة ..هذا ما قاله سمث مدافعا عن الكفاءة على اساس التخصص و تقسيم العمل التي ستقود في معدلات نمو مضطردة لدى كل الاطراف و العالم .
الحكمة تُستَدرك بمعطيات الواقع مهما بلغ احكام منطقها و تطبيقاتها .. فعولمة اليوم خلقت تداخل كبير و شديد التعقيد بين الشركات و ما يدخل في انتاج ما تنتج .
المنتَج الواحد أصبح ينتج في عشرات البلدان على أساس التخصص و تدنية الكلف كما بشر الرواد، لكن هذا جعل الاحلال غاية في الصعوبة في بعض الحالات خاصة بالنسبة للسلع التي تحتاج الى أنواع خاصة من المهارات و الموارد. و لنتمثل ما حدث واقعيا ابان هذه الازمة عندما تعرض المنتج الايطالي المجهز لمكون الكتروني يستخدم بسعة من قبل مصنعي السيارات الاوربيين ،الى ما أجبره على التوقف عن الانتاج .. هذا دفع بسلسلة التجهيز الى التوقف و الانهيار.
عصر العولمة الحالية لا يعترف بالانتاج بعيدا عن التخصص ناهيك عن تخزينه ، فالعالم واحد و الشركات متداخلة ولا جدوى اقتصادية من الانتاج المحلي اذا كان بالامكان الجصول علية بجودة و بكلفة ارخص … الاستجابة الوحيدة المجدية و المتوقعة في هذه العولمة المتفائلة هي ان تكون الإستجابة Just in time و ما عداها “شر مستطير” . و لكن اتضح في فترة انتشار الوباء ان تكنيك. Just in time كان متأخر جدا”.

الشحة الحرجة ..

تبدو حراجة الشحة و الاختناقات التي أشرنا اليها عندما يتعلق الأمر بالمواد الطبية و المعدات و الأدوات المختبرية اللازمة لإكتشاف الفيروس ، فهذه اصبحت على حافة النفاذ. وعلى وقع الرؤى القاتمة في بداية الازمة أصبحت العديد من الدول تتبع منطق ” افقار الجار beggar thy neighbour ” البعيد تماما عن تطلعات و آليات العولمة .
الأثر الوبائي…

في الوقت الذي تتجه فيه ادارة ترامب الى التلويح بالحمائية و الانسحاب من التجارة. فأن الصين و بعد أشهر ثلاثة قاسية خسرت فيها آلاف الأرواح و اكتساب خبرة في التكييف مع الأزمة و استدراك الأخطاء، أخذت بالتعافي في الوقت الذي استمر فيه العالم بالسريان في الموجة . و بدا مناسبا للصين أن تعود الى واجهة الأعمال بالرغم من استمرار انخفاض الطلب العالمي، الا انها دخلت المشهد اليوم بصورة من يرغب في قيادة الازمة و التأثير في السلوك الدولي ولو لفترة قصيرة مع كم لا بأس به من خزين في المعدات و الخبرة التي قامت بتحريكها بمهارة . و في بداية آذار عندما أطلقت ايطاليا نداء” توجهت به الى المجموعة الأوربية لتجهيزها بالمعدات الطبية – حيث كان حجم الكارثة قد بلغ حدا” جعل كوادرها الطبية مضطرة لأن تتخذ قرارات مؤلمة لاختيار من يمنح الرعاية الطبية و من يترك لمصيره – في هذا الوقت لم يلتفت الأوربيون الى النداء ، الا الصين التي رغبت أن تعرض صورتهابحسن نية كقائد لمحاربة الفايروس على صعيد العالم . و كان هذا أمرا” منغصا” لإدارة ترامب الذي لجأ الى حل منع السفر من و الى أوربا و ابتعدت عن دور من يوفر السلع عالميا، بعد أن تأخرت في الاستجابة الى الأزمة و صارت تعاني من تزايد أعداد المصابين و محدودية ما يمكن أن تقدمه من معونة الى الآخرين .

الجيوبوليتك الجديد للعولمة…
إذ ينشط صناع السياسة في العالم في التعامل مع أزمة الكورونا و تداعياتها و ما بعد هذه التداعيات ، صار من المفهوم ان الاقتصاد العالمي لم يعمل بالطريقة المفترضة لملاقاة مثل هذا النوع من الأزمات. مما لا شك فيه ان العولمة التي أخذت مدياتها على امتداد العقود الماضية عملت على تصعيد وتيرة التخصص و تقسيم العمل و بالتالي الكفاءة بالمفهوم الايديولوجي الرأسمالي . و لكن هناك ثمة هشاشة مفصلية في هذا النظام كشفته صدمة أزمة وباء الكورونا . مما قد يشير الى تحول في مسارات العولمة ذاتها نحو الأولويات الوطنية بحيث أنه عندما يمس الأمر الأمن الصحي لمواطني الدول ستفرض المعوقات التجارية و غير التجارية لمنع المتاجرة بها ولو أدى ذلك الى الإضرار بالحلفاء و الجيران .
و لعل هناك من يقول ان الوسيلة الأكثر قوة في التأثير على سلوك الدول هو ذلك القدر من الكرم الذي يمكن أن تقدمه دولة الى الدول الأخرى ، و في هذا المجال بدت الصين أكثر قدرة على القيام بهذا الدور من الولايات المتحدة التي أغمضت نصف عين و التحفت بالشراشف .

——————————

1- من الأمثلة المتداولة الآن الانخفاض المتوقع في عرض اللاب توب ( 50% )و الهواتف الذكية( 12%) لأن كلا المنتجين يستخدمان مكونات تنتج من قبل متخصصين في آسيا .

2- هناك شركتان رئيسيتان( Qiagen الألمانية و Roche السويسرية ) لم تستطيعا مواكبة الطلب على هذه الوسائل و الوسائط الضرورية . .الصين التي تنتج نصف الانتاج العالمي من الأقنعة قامت بشراء كل انتاجها فضلا عن استيراد المعدات الطبية . هذا الشراء المفرط ترك أثره على العرض في اسواق العالم و أضر بالبلدان الأخرى ، و مثلها فعلت الدول الأوربية و تركيا التي منعت تصدير الأقنعة . و ذهبت ادارة الولايات المتحدة الى مدى ابعد في هذا السياق في التهديد بالحمائية بل و الرغبة المعلنة بشراء اللقاح الذي تقوم بتطوير انتاجه شركة المانية لاستخدامه في الولايات المتحدة.
3-
و قد يزيد الجرح مهانة أن تجد الولايات المتحدة نفسها تقبل معونات من الصين ، و كان الملياردير الصيني جاك ما قد عرض أن يقدم 500 الف اداة اختبار و مليون قناع طبي

Comments

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Popular stories