تقرير مؤشر مدركات الفساد 2020..ملخص عن حالة الشفافية في العالم والعراق

Related Articles

تقرير مؤشر مدركات الفساد 2020

ملخص عن حالة الشفافية في العالم والعراق

                                                                                                                                          قاسمي عبدالسميع[1]

باحث بمنتدى صنع السياساتIFPMC

2021 March

مقدمة:

“إن كوفيد-19 ليس مجرد أزمة صحية واقتصادية، إنها أزمة فساد. وهو أمر نفشل حالياً في إدارته.”؛ كانت هذه الخلاصة التي خرجت بها مديرة منظمة الشفافية الدولية ديليا فيريرا روبيو عقِب صدور تقرير مؤشر مدركات الفساد CPI لعام 2020 شهر يناير الماضي. هذا الأخير الذي يأتي هذه السنة لتقييم مستوى الشفافية في أغلب دول العالم في ظل جائحة لازالت تداعياتها تعصف بالاقتصاد العالمي واقتصاديات الدول المتخلفة على وجه الخصوص.

تأتي هذه الورقة لإبراز أهم ما جاء به التقرير وتقديم قراءة لأهم النتائج التي حققها العراق في سِياقِ جائحةِ كورونا والتحولات الاقتصادية والجيوسياسية الراهنة.

أولاً : نبذة عن التقرير

تقرير مؤشر مدركات الفساد هو تقرير سنوي يصدر عن مؤسسة الشفافية الدولية غير الحكومية التي تتخذ من برلين بألمانيا مقراً لها[2]. وقد تم اطلاق أول نسخة من المؤشر عام 1995 بهدف تسليط الضوء على مستوى الفساد في القطاعات العامة بكافة دول العالم. ويعرِّف التقرير الفساد عموماً بأنه تحقيق منفعة خاصة عبر سوء استغلال السلطة العامة.

نسخة 2020، حاولت تِبيان العَلاقَة الوَطيدة بين الشفافية وادارة الأزمات عبر دراسةِ انعكاسات الجائحة على القطاعات العامة في دول العالم من جهة، ودور هذه الأخيرة في بلورة استجابة فعّالة لمواجهة انعكاسات فيروس كوفيد19 على حياة المواطنين اليومية. وقد شمل المؤشر 180 دولة واقليم تم قياس درجة الفساد بها عبر منهجية تقوم على المسح والاستبيان.

ثانياً : أهم نتائج التقرير

جاء مؤشر مدركات الفساد لعام 2021 بنتائج جديدة ومثيرة للاهتمام لا سيما في ما يتعلق بالتأثير المتبادل بين الفساد وادارة جائحة كورونا. وحسب التقرير 26 دولة من بينها اليونان، ماينمار والاكوادور صعدت في الترتيب مقارنة بسنة 2019، بينما 22 دولة أخرى تدحرجت في الترتيب على رأسها لبنان، مالاوي والبوسنة والهرسك[3].

جاء في قمة الترتيب لعام 2020، كل من الدنمارك ونيوزيلندا ب88 نقطة من أصل 100، تليها كل من فنلندا، السويد وسويسرا في المرتبة الثالثة ب85 نقطة[4].

الشكل 01 : الدول الأولى في الترتيب

في المقابل، جاءت كل من جنوب السودان، الصومال في مؤخرة الترتيب ب12 نقطة من أصل 100، بعد كل من سوريا، اليمن وفنزويلا[5].

الشكل 02 : الدول الأخيرة في الترتيب

من جهة أخرى، توصلّ التقرير من خلال النتائج المحققة أن الفساد أثر سلباً على مكافحة جائحة كوفيد-19 وأزمات أخرى لا تقل أهمية، مشيراً في السياق ذاته على ضروة التزام الشفافية في ادارة الأزمات والطوارئ. وقد أشار التقرير أن مظاهر الفساد مسّت عدة مجالات منها اجراء تحليل كشف كوفيد-19، الحق في العلاج، توزيع الأدوية وحتى الصفقات العمومية في ميدان الصحة وكذا التحضيرات العامة لإدارة الأزمات الصحية[6].

تحليل النتائج خلص كذلك إلــى أن الدول التي حققت نتائج جيِّدة في مؤشر مدركات الفساد لعام 2020، هي دول ديمقراطية تمكنت من الاستثمار في مجال الصحة والحماية الاجتماعية على نحوٍ فعّال. وهو ما يثبت وجود علاقة طردية بين الشفافية، الديمقراطية والكفاءة في ادارة الشأن العام[7].

ثالثاً : العراق في التقرير

احتلّ العراق في تقرير مؤشر مدركات الفساد لعام 2020 المرتبة 160 من أصل 180 دولة واقليم شملهم المؤشر، وقد نال العراق 21 نقطة من أصل 100 [8].  رغم ذلك؛ سجَّل العراق صعودا في الترتيب مقارنة بسنة 2019، أين جاء في المرتبة 162 ب20 نقطة[9]؛ وهو ما يعكس ولو نسبياً فعالية المجهودات الدولية التي بذلتها السلطات العمومية بالعراق لمكافحة الفساد المتفشي في جهازها البيروقراطي منذ سنوات.

الشكل 03: مؤشر مدركات الفساد في العراق والعالم

في هذا السِّياق، شكَّل رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي في 27 أوت 2020 لجنة خاصة للتحقيق في أهم قضايا الفساد مكوّنة من ضباط وممثلون عن أجهزة أمنية حساسة، مثل جهازي المخابرات والأمن الوطني؛ في حين يتولى جهاز مكافحة الإرهاب مهمة تنفيذ قرارات القضاء المتعلقة بعمل اللجنة[10].

وخلال استقباله سفراء دول مجموعة الاتصال الاقتصادي الداعمة للعراق، التي تترأسها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي شهر فبراير الماضي، تعهد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي مؤخرا على إصرار حكومته على المضي قدماً في محاربة كافة أوجه وأشكال الفساد وذلك على الرغم من الضغوطات الكبيرة التي تعرقل سير العملية؛  على اثر تضرر مصالح بعض الموظفين الذين يعتاشون على موارد الدولة بشكل غير قانوني منذ عدة سنوات. حيث شدد الكاظمي في هذا الصدد على “أهمية الإجراءات الحكومية بمعالجة المشاكل المزمنة التي يعاني منها الاقتصاد العراقي، وارتباطها بالفساد وسوء الإدارة”[11].

كل ذلك، يدلّ على وجود إرادة سياسية لمحاربة الفساد لا سيما في القطاع العام، ومحاولة سدّ الفجوة التي تسبب فيها انعدام الشفافية في تسيير الشأن العام على نحوٍ يسمح بحوكمة الانفاق العمومي وتحقيق التنمية المنشودة.

 

خلاصة :

جاء تقرير مؤشر مدركات الفساد لعام 2020 كغيره من التقارير والمؤشرات في ظل جائحة عالمية فرضت على القائمين عليه، تخصيص جزء هام لدراسة العلاقة بين الفساد وادارة الأزمات. حيث خلص التقرير أن الفساد لا يضر مكافحة الجائحة فقط وانما يساهم في تعميق أزمة الديمقراطية كذلك. حيث أظهرت النتائج المعلن عنها أن كل الدول التي حققت نتائج جيدة في المؤشر هي دول ديمقراطية تتمتع بنظام صحي ورعاية اجتماعية ذو كفاءة وفعالية. وهو ما يثبت وجود علاقة طردية بين الشفافية، الديمقراطية والفعالية في ادارة الشأن العام.

من جهة أخرى، ورغم أن العراق جاء في مرتبة متأخرة غير أن صعوده بمرتبتين يدل على فعالية السياسات التي أقرها رئيس الحكومة العراقي مؤخرا في سبيل مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في إدارة الشأن العام.

[1] Email: abdelssami@ifpmc.org

الهوامش:

[2] Corruption perceptions index 2020, Transparency international, Berlin, Germany, accessed on 11 March 2021, at : https://bit.ly/3vi7XV8

[3] CPI 2020: GLOBAL HIGHLIGHTS, Transparency international, accessed on, 11 March 2021, at : https://bit.ly/3rOO0mI

[4] Corruption perceptions index 2020, op.cit., p. 02.

[5] Ibid., p.03

[6] Ibid., pp. 8-10.

[7] Ibid., pp. 8-10

[8] Ibid., p. 03.

[9] Corruption perceptions index 2019, Transparency international, Berlin, Germany, accessed on 11 March 2021, at : https://bit.ly/3vlqbFi

[10]  براء الشمري، العراق: الكاظمي يشرك أجهزة أمنية حساسة في لجنة التحقيق بقضايا الفساد، العربي الجديد، 04 سبتمبر 2020، شوهد في : 12 مارس 2021، في : https://bit.ly/3csFW4D

[11]  الكاظمي: سنمضي في محاربة الفساد رغم “الضغوطات الكبيرة”، موقع روسيا اليوم، 14 فبراير 2020، شوهد في : 13 مارس 2021، في : https://bit.ly/2OQkKgC

Comments

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Popular stories