asd

الموازنة العامة 2023 بين العجز و الهدر وفقدان الرؤية الاقتصادية 

Related Articles

الموازنة العامة 2023 بين العجز و الهدر وفقدان الرؤية الاقتصادية 

د. سلام سميسم 

مستشارة السياسات المالية والمصارف

IFPMC-LONDON

MARCH 2023

تحمل موازنة العام الحالي سمات عديدة اهمها: 

  1. انها لثلاث سنوات بمعنى ان هذه الموازنة بتفاصيلها ستكرر لثلاث سنوات.
  2. انها اعطت حيزا كبيرا للنفقات العامة ولاسيما بفقرة الرواتب وهذا مؤشر على ترهل وتضخم القطاع الحكومي دون ان يقابل بزيادة في الانتاجية او بارتفاع حجم الناتج المادي فيالاقتصاد.

وهو امر يؤشر الاتي: 

اولاً: تخلي الدولة عن مبدأ اقتصاد السوق

حيث تعزز الموازنة الحالية غياب مفهوم اقتصاد السوق والتركيز على مبدأ الاقتصاد المركزي الشمولي وهذا أمر يتقاطع مع الاستراتيجية المنصوص عليها في الدستور العراقي حيث التأكيد على الانتقال الى اقتصاد السوقوفقاً للفقرات:

المادة 24 

تكفل الدولة حرية الانتقال للأيدي العاملة والبضائع ورؤوس الاموال العراقية بين الاقاليم والمحافظات، وينظم ذلك بقانون. 

المادة 25 

تكفل الدولة اصلاح الاقتصاد العراقي وفق اسس اقتصادية حديثة وبما يضمن استثمار كامل موارده وتنويع مصادره وتشجيع القطاع الخاص وتنميته. 

المادة 26 

تكفل الدولة تشجيع الاستثمارات في القطاعات المختلفة وينظم ذلك بقانون. 

ثانياً: تضاؤل القطاع الإنتاجي

في اقتصاد تتضاءل فيه قطاعات الانتاج المادي فان ترهل الجهاز الحكومي هو عبء على الاقتصاد لكونه سيشكل زيادة في الطلب الاستهلاكي في وقت يتضاءل العرض وهذا سيؤدي الى التضخم. ثم ان الدولة ستلجأ الى زيادة الاستيرادات وهو أمر يؤدي الى عجز في الميزان التجاري، وذلك يقود الى انخفاض اكثر في قيمة الدينار العراقي. 

ثالثاً ترسيخ أنماط الاقتصاد الريعية

لم نر في الموازنة اي تنويع في الموارد او تعددها كما تؤكد الارقام التي اثبتت الريعية بطريقة كبيرة تزيد من التشوه الهيكلي للاقتصاد. فما زال الغموض يكتنف ايرادات الضرائب والرسوم والمنافذ الحدودية وغيرها. 

لقد بنيت الموازنة على كميات مقدرة من النفط وفق اسعار مقدرة ايضا: 

 

السعر المقدر 70$                معدل التصدير 3.500.000 برميل يوميا 

 

و هذه التوقعات قد لا تتماشى مع الواقع، اذ نحن الان على اعتاب ركود اقتصادي عالمي تتوقعه أسواق النفط خلال الصيف قادم ، الامر الذي قد يعزز حركة انخفاض الاسعار. 

رابعاً: عدم حسم موضوع الأقاليم

حيث ان  الموقف مع إقليم كردستان مازال غامضا في اتهامات حول الموقف النفطي و سلامته. 

خامساً: المنح الغامضة

اما عبارة المنح فهي فضفاضة وغير محددة و تترك الكثير من ابواب احتمالات الفساد و الشفافية بعيدة و تبقى كأنما هواء في شبك و لا يمكن التعويل عليها في حل مشاكل البلد. 

سادساً: عملاق النفقات العامة

 

اما النفقات العامة هذه الفقرة لوحدها تعادل كامل الموازنة العامة بأكملها: مليار و 133.221.694.002  

وهذا لوحده اشارة الى عدم رشادة استخدام المال العام، المتأتي اصلا من مصدر استخراجي قابل للنفاذ ومرهون بظروف السوق العالمية. 

سابعاً: الديون المريضة

 

اقساط الدين الخارجي والداخلي واحد مليار 8.750.981.021  

اضافة الى 2.00 مليار الى TBI 

فرع الاقليم وهو دين غير مفهوم وغير مبرر يترك الأبواب للكثير من الاحتمالات والتفسيرات.  اما المديونية وكميات الاموال واتجاهات المانحين واتجاهات انفاقها، للأسف تدل على انها انفاق غير مقنن و بعيدا عن الجوانب التنموية او اصلاح البنى الانتاجية العراقية، و اغلبها ذات اتجاه استهلاكي، وهذا يقود الى قضية هامة: ان كل من يرسم سياسة الانفاق ضمن السياسة المالية العراقية هو من دون هدف تنموي او اعادة بناء الاقتصاد العراقي او اعادة هيكلته. 

ثامناً البرامج الخاصة

هنالك فقرة عنوانها هو البرامج الخاصة ومن ثم التعليق ان الاولوية للبرنامج الحكومي وهو امر غامض وغير مبرر حيث إذا كانت ضمن برامج الحكومة الاستثمارية لماذا لم يتم ادراج هذه البرامج في الموازنة أصلا وحسب كل قطاع استثماري بدل ان يفرد لها فقرة منفردة وتخصص لها ما يقدر ب

3.587.284.886 مليار. 

تاسعاً: إعادة تدوير الأخطاء

 

ومن اهم الملاحظات هي تكرار الموازنة لثلاث سنوات وهذا يعني امرين: 

أ- تكرار الاخطاء والهدر غير المبرر في موازنة بعيدة عن كل صور الجدوى الاقتصادية. 

ب- الغاء قانون الادارة المالية، حيث ان تجهيز الموازنات مقدما لسنتين قادمتين ينفي الحاجة الى هذا القانون ودوره في ضبط النفقات العامة. 

  

 اخيراً: العجز الأخطر

العجز في هذه الموازنة هو أخطر ملامحها وهو عجز غير مقبول اقتصادياً او منطقياً ويعكس الاستعجال والارتباك في الإدارة المالية. حيث يقدر اجمالي العجز المخطط للموازنة العامة الاتحادية للسنة المالية/ 64.469.192.600  اربعة وستون ترليون واربعمائة وتسعة وستون مليار ومائة واثنان وتسعون مليون وستمائة ألف دينار ويغطى هذا العجز من الوفرة المتحققة من زيادة أسعار بيع النفط الخام المصدر أو زيادة صادرات النفط الخام أو الاقتراض الداخلي والخارجي ومن مبالغ النقد المدورة في حساب وزارة المالية الاتحادية.  في وقت ينص القانون على الا يتجاوز حدود اقل من هذا الرقم بعشرة اضعاف فكيف امكن لوزارة المالية والحكومة العراقية تجاوز القوانين المالية وتمرير موازنة بهذا الكم من العجز الضخم. لا يمكن ان يسمح منطق البرغماتية السياسية ان يتجاوز حدوده في إدارة الملف المالي فالموازنة ليست قرار سياسي للتسوية انه قرار مصيري يتعلق بمستقبل الاقتصاد العراقي ومستقبل مؤسسات الحكم والإدارة والاهم مستقبل العراق.

 

Comments

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Popular stories