asd

المنتدى الاقتصادي لكردستان العراق: الآفاق والتحديات

Related Articles

المنتدى الاقتصادي لكردستان العراق: الآفاق والتحديات

 

الباحث الاستاذ قاسمي عبدالسّميع

IFPMC-LONDON

2020 Desember

 

مقدمة:

انعقد بتاريخ السابع عشر والثامن عشر من شهر نوفمبرالماضي ، المنتدى الافتراضي الاقتصادي لكردستان العراق بمبادرة من ممثل كردستان لدى المملكة المتحدة ورعاية حكومة كردستان العراق[1]. ويأتي انعقاد هذا الحدث المهم في سياق استثنائي بفِعل تداعيات جائحة كورونا الاقتصادية والاجتماعية من جهة والتحولات الاقتصادية والجيوسياسية التي تعرفها المنطقة من جهة أخرى.

في هذا السّياق، ترنو هذه الورقة  إلى تسليط الضوء على سياقات المنتدى ومضمون جلساته فضلاً عن الآفاق والتحديات.

أولاً : سياقات انعقاد المنتدى

يأتي انعقاد المنتدى الاقتصادي لكردستان العراق في وقت يعرف فيه العالم أزمة صحّية تسبَّب فيها فيروس كورونا المستجد. حيث تجاوز عدد الإصابات في العالم عتبة 62 مليون إصابة، مقابل قرابة 1.5 مليون حالة وفاة حسب أرقام منظمة الصحة العالمية[2]. أما في العراق وصل عدد الإصابات إلى 550,435[3]، من بينها 96,201 في منطقة كردستان العراق[4].

في هذا الصدد، خلّفت إجراءات الحجر تداعيات وخيمة على كل القطاعات الحيوية في العراق عموماً، وإقليم كردستان خصوصاً، على غرار  قطاع الخدمات والسِّياحة وغيرها، حيث أكدّ مسؤولون في اقليم كردستان أن قطاع السياحة لوحده خسر قرابة نصف مليار دولار بفعل انعكسات الحجر الصِحي[5].

يتزامن المنتدى، مع تهاوي أسعار النفط؛ أحد أهم مصادر الدخل في الاقتصاد العراقي عموماً واقليم كردستان خصوصاً، أين  وصلت مداخيل النفط 8.3 مليار دولار سنة 2019 بمنطقة كردستان[6]. ولعلّ ذلك من بين الأسباب التي دفعت بحكومة كردستان بتنظيم هذا الحدث الذي يهدف أساساً لتنويع الاقتصاد بالمنطقة خارج قطاع المحروقات.

كما يأتي المنتدى، في وقت تعمل فيه حكومة الإقليم على هيكلة الاقتصاد وخلق فرص شغل وتشجيع الاستثمار، حيث يتوفر اقليم كردستان العراق على مناخ يشجع على الاستثمار والمبادرة الفردية. اذ يعفي القانون المحلي بمنطقة كردستان أصحاب المشاريع من الضرائب لمدة عشر سنوات[7]. وتشير احصائيات تعود لسنة 2013 أن عدد الشركات الأجنبية الناشطة بالاقليم وصل 2300، مقابل 15000 شركة محلية. من جهة أخرى، تفيد احصائيات الحكومة المحلية، أن جهودها أفضت الى انخفاض نسبة البطالة من 14% سنة 2016 إلى 9% سنة 2019[8].

ثانيا: محاور المنتدى

جرت فعاليات المنتدى على مدار يومين، شارك من خلالها باحثون، سياسيون، ورجال أعمال واقتصاد في جلساتها السِّت. هذه الأخيرة التي تناولت أساساً، أحد أهم أولويات حكومة إقليم كردستان العراق وهي خلق تصور جديد للصناعة في منطقة كردستان، تشجيع الاستثمار الأجنبي وتنويع مصادر الدخل؛ اضافة إلى ابتكار حلول جديدة للمشاكل القائمة حالياً على غرار  تهاوي أسعار النفط وآثار جائحة كورونا.

تضمنت أجندة المؤتمر الافتراضي ست جلسات[9] نشَّطها محاضرون، باحثون، ساسة، ورجال أعمال من المهتمين بالاستثمار بمنطقة كردستان العراق؛ ويمكن ايجازها على النحو الآتي :

  1. الجلسة الأولى : خلق اقتصاد متنوع: خارطة طريق للاقتصاد

نشّط الجلسة الأولى، السّفير السابق للملكة المتحدة لدى الأمم المتحدة جيريمي غريينستوك، ونائب الوزير الأول لحكومة اقليم كردستان العراق، كباد طالاباني، اضافةً لمداخلات قدّمها مختصون عراقيون وبريطانيون. وقد ركزت المداخلات في مجملها على تأثير جائحة كورونا على الاقتصاد في اقليم كردستان، وضرورة اعادة التفكير في سياسات الاستثمار القائمة. علاوة على ضرورة تنويع مصادر دخلٍ مستدامة تكفل تحقيق النمو المنشود بالمنطقة. كما تناولت الجلسة موضوع تطوير قطاع النفط وجعله محور العملية التنموية بدل استغلاله بطريقة ريعية.

 

  1. الجلسة الثانية : تعزيز القيمة الإنتاجية خارج المحروقات: كيف يمكن لقطاع المحروقات أن يعزز تنويع الاقتصاد ؟ Downstream and creative industries

الجلسة الثانية حاولت الاجابة على سؤال : ماذا يعني تنويع مصادر الدخل لقطاع النفط والغاز؟، كيف يمكن لمنتجي النفط أن يساهموا في تقليل الأخطار وتعزيز مداخيل النفط ؟. في هذا الصدد، انصبت المداخلات على دور قطاع الطاقة في مسار تنويع مصادر الدخل . اضافة لاثارة مواضيع مهمة مثل دور الرقمنة، والتكنولوجيا في تطوير قطاع الصناعة وتقديم قيمة مضافة للاقتصاد.

  1. الجلسة الثالثة: دور الغاز والطاقات المتجددة في عملة تنويع الاقتصاد

موضوع الجلسة الثالثة تمحور حول الانتقال الطاقوي، اضافة لموضوع الاستثمار وخوصصة قطاع الكهرباء. حيث قام المتدخلون بطرق مواضيع عدّة حول آليات ترقية الطاقات المتجددة وتعزيز دورها في تنويع مصادر الدخل.

  1. الجلسة الرابعة : السِّياسة البنكية والخدمات المالية كجزء من استراتيجية تنويع الاقتصاد بالمنطقة

وبحكم أن أي تنمية اقتصادية، تتطلب نظاما بنكيا متطوراً يسهل تدفق الأموال وتحويلها، ركزت الجلسة الرابعة على آليات تطوير النظام المصرفي  واصلاح النظام الجبائي بشكل يتماشي مع التوجه الاقتصادي الجديد ما بعد مرحلة وباء كوفيد-19.

  1. الجلسة الخامسة : الإعمار في منطقة كردستان والانفجار الاقتصادي واستراتيجيات استقطاب الشركات متعددة الجنسيات في كل القطاعات.

يعد قطاع البناء والإعمار، أكثر القطاعات جلباً للاستثمار، وهو ما دفع بالقائمين على المنتدى بتخصيص جلسة لمناقشة كيفية جلب الشركات للاستثمار في هذا المجال الحيوي وقطاعات أخرى كذلك. كما تناولت المداخلات دور قطاعات التكنولوجيا، الزراعة والطاقات المتجددة في خلق مناصب شغل، زيادة على دور التعاون بين القطاع الخاص والعام في تطوير ميدان تكنولوجيا الزراعة.

              في المقابل، حاولت المداخلات في هذه الجلسة، التركيز على مجال ترقية مجال الصناعات الصيدلانية والغذائية، اضافة لجعل كردستان العراق محوراً للنقل اللوجستيكي بالمنطقة عبر استغلال منافذها البرية وموقعها الاستراتيجي.

  1. الجلسة السادسة : استخلاص النتائج : ترقية النمو الاقتصادي على المدى البعيد

في الأخير، أكدّ القائمون والمتدخلون على رأسهم سفير الاتحاد الأوروبي لدى العراق سابقاً الذي أدار الجلسة وكل من رئيس دائرة العلاقات الخارجية بحكومة كردستان العراق وممثل كردستان العراق لدى المملكة المتحدة، على ضرورة تبني رؤية استراتيجية تتجاوب مع السياقات الحالية وتداعيات وباء كورونا. قبل أن يتم تقديم حوصلة شاملة واختتام فعاليات المؤتمر.

 

ثالثاً : كخلاصة…. الآفاق والتحديات

لا شك أن حدثاً مثل المنتدى الاقتصادي لكردستان العراق يُسهم في خلق فرص للاستثمار وفتح ورشات في ميادين ومجالات عدّة، فضلاً عن دوره في منح الفرصة للمستثمرين بلقاء ممثلي الدوائر الحكومية والتعرف على مزايا الاستثمار بالعراق. غير أن ذلك مرهون بمدى تنفيذ توصيات ومخرجات المنتديات، إضافة الى مدى نجاعة هذه التوصيات في حدّ ذاتها وانسجامها مع المعطيات الاجتماعية، الاقتصادية والجيوسياسية الراهنة.

في المقابل، رغم تناول المؤتمر في جلسته الخامسة لضرورة اصلاح الاطار القانوني والعملياتي للنظام البنكي، غير أنه لم يتطرق لاشكالية اصلاح الجهاز البيروقراطي، رغم أن هذا الأخير يعتبر أهم أداة للتنمية الاقتصادية.  علاوةً ذلك، من الجدير بالذكر أن هناك شحاً كبيراً في الإحصائيات والبيانات التي تلعب دورا محورياً في بلورة السياسات التنموية وتقويمها[10].

أمّا عن آفاق المؤتمر، فإن هذا الأخير يمثل تجربة واعدة بإمكانها أن تُسهم في تعزير أواصر التعاون داخل وخارج العراق وتعزيز الاستثمار الأجنبي شريطة أن لا يتم ذلك بمعزل عن إصلاحاتٍ اقتصادية عميقة تتماشى مع التوجه الجديد الرامي إلى تنويع مصادر الدخل وتشجيع الاستثمار والمبادرة الفردية.

الهوامش :

[1]   الموقع الرسمي للمنتدى : https://bit.ly/33ANwqd

[2] WHO Coronavirus Disease (COVID-19) Dashboard, WHO, accessed on 30 November 2020, at : https://bit.ly/36otBNe

[3] Ibid, https://bit.ly/36pdqz0

[4] Situation update, coronavirus (COVID-19), Kurdistan Regional Government, accessed on 30 November 2020, at : https://bit.ly/3fP1s4W

[5] سياحة كردستان: خسرنا نحو نصف مليار دولار بسبب كورونا، ارفع صوتك، 04/08/2020، شوهد في 29/11/2020، في : https://bit.ly/3mpE5Bo

[6] Kurdistan Regional Government of Iraq : Oil production, export, coemption and revenue for the year ended 31 December 2019, April 2020, accessed on 29/11/2020, at : https://bit.ly/2Vqvang

[7] Determined to Grow: Economy, INVEST in Group, accessed on 28/11/2020, at : https://bit.ly/3llW8XS

[8] Natasha Ghoneim, Iraq economy: Positive indicators in the north, Al Jazeera, accessed on 29/11/2020, at : https://bit.ly/3lrSQm2

[9] Kurdistan Iraq Economic Forum Agenda, Forum official website, accessed on : 28/11/2020, at : https://bit.ly/2VlUWZS

[10]  رغم وجود هيئة رسمية للاحصائيات، وهي هيئة احصاء اقليم كردستان غير أن الكثير من البيانات في مجالات الاقتصاد، المالية وغيرها غير محيّنة.

Comments

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Popular stories