asd

العراق ساحة الصراع بين اخراج القوات واحتمالية فرض العقوبات الامريكية

Related Articles

                                                            د. عبدالرحمن نجم المشهداني

                                                                أستاذ العلاقات الاقتصادية الدولية المساعد

                                                                                   الجامعة العراقية

اتخذ البرلمان العراقي في   5 / 1/ 2020 قرارا يطلب من الحكومة المستقيلة اتخاذ إقرار بانهاء تواجد القوات الأجنبية في العراق، الامر الذي يعني مغادرة القوات الامريكية للأراضي العراقية وتسليمها القواعد العسكرية ومنشاتها للقوات الأمنية العراقية وبالمقابل فقد هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باحتمالية فرض عقوبات اقتصادية شديدة على العراق قد تكون العقوبات الامريكية على ايران لاشيء يذكر منها من جانب الولايات المتحدة الامريكية وليس بقرار اممي من مجلس الامن الدولي وقد كلف وزارة الخزانة الامريكية باعداد مسودة العقوبات التي يمكن ان تفرض على ان تبدأ بالجوانب المالية. رغم ان الحصار او العقوبات الاقتصادية هي وسيلة بغيضة وغير إنسانية يستخدم فيها الاقتصاد لتحقيق اهداف وغايات سياسية وامنية.

ولذلك ولاحتمالية ان تتخذ الولايات المتحدة الامريكية وتفعل قرار العقوبات الاقتصادية على العراق فان الاقتصاد العراقي سيتعرض الى هزة عنيفة قد تطيح بالاستقرار والسلم المجتمعي. واهم مايمكن ان تشمله هذه  العقوبات والقطاعات الاقتصادية التي تتأثر بها يمكن ايجازه بالمحاور التالية:

أولا: التسهيلات الائتمانية والقروض الممنوحة للجيش العراقي وتسليحه

ثانيا: النفط والشركات النفطية العاملة في العراق

ثالثا: الأموال العراقية الموجودة في البنوك الامريكية وحمايتها

رابعا: العلاقة مع المؤسسات المالية الدولية

خامسا: سعر الصرف وفاعلية الاقتصاد العراقي

أولا: التسهيلات الائتمانية والقروض الممنوحة للجيش العراقي وتسليحه:

  • يعتمد الجيش العراقي ومنذ إعادة تشكيلة بعد عام 2003 على الولايات المتحدة الامريكية ودول الاتحاد الأوربي في التسليح والتجهيز والتدريب الجيش العراقي والقوات الأمنية الأخرى وبما يزيد عن 70%. وتقدم الولايات المتحدة تسهيلات ائتمانية وقروض ميسرة للحكومة العراقية لهذه المهمة بما يقرب من (5) خمسة مليارات سنويا تدرج هذه التخصيصات في الموازنة العامة ففي عام 2017 بلغت تخصيصات القرض الأمريكي للتسليح (1.952) مليار دولار مع استمرار تخويل وزارة المالية العراقية بالاستمرار بالاقتراض من القرض الأمريكي البالغ (2.7) مليار دولار لتمويل احتياجات وزارة الدفاع التي لتصل الى (1.652) مليار دولار في نهاية عام 2017. اما في عام 2018 فقد قدمت الولايات المتحدة قرضا لغرض التسليح بقيمة ( 834.964) مليون دولار مع الاستمرار الاقتراض من وكالة التعاون الأمني للدفاع الأمريكي بقيمة (706.24) مليون دولار من اصل القرض البالغ (4.550) مليار دولار لتمويل احتياجات وزارة الدفاع حتى في موازنة عام 2019.
  • رغم ان تصريحات القيادات الامريكية في سنوات الاحتلال في عامي 2006و2007 بان بناء وتسليح الجيش لقواته البرية والجوية والبحرية لن يكتمل قبل نهاية عام 2020، ورغم كل هذه التسهيلات المقدمة لايزال بناء الجيش غير مكتمل خاصة في مجال الدفاع الجوي والقوات الجوية والبحرية ولذلك فان العراق لايزال يعتمد كليا على قوات التحالف الدولي وخصوصا الولايات المتحدة الامريكية في تأمين وحماية الأجواء العراقية التي كان لها دورا كبيرا في مساعدة القوات الأمنية العراقية في قتال العصابات الاجرامية (داعش) ابان حرب تحرير المدن العراقية.
  • قررت قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية في يوم الخميس 9/1/2020 تعليق جميع أنشطتها الجوية والبرية ضد المجاميع الإرهابية في الأراضي العراقية والاكتفاء بحماية قواعدها في العراق بانتظار المزيد من التوضيح بشأن قرار البرلمان اخراج القوات الأجنبية.
  • ولذلك فان اخراج هذه القوات يعني حرمان الجيش العراق من التسهيلات الائتمانية السنوية المقدمة الى وزارة الدفاع خاصة في مجال التسليح وفتح الأجواء العراقية لاختراق القوى المعادية والارهابية لسيادة الأجواء والأراضي العراقية.
  • اخراج القوات اجنبية من العراق دون اتفاق مرضي للأطراف المتعددة سيضطر العراق الى دفع عدة مليارات من الدولارات مقابل اخلائها للقواعد العسكرية (يطالب ترامب بـ 100 مليار تكاليف بناء القواعد الامريكية في العراق للتخلي عنها)

ثانيا: النفط والشركات النفطية العاملة في العراق:

يعتمد العراق بما يزيد عن 90% من الإيرادات النفطية في تمويل الموازنة العامة للحكومة العراقية فهو ينتج مايقرب من (5) خمسة ملايين برميل يوميا يصدر منه (3,6) ثلاثة ملايين وستمائة الف برميل الى الأسواق العالمية، تستورد الولايات المتحدة الامريكية منها ما يقرب من (450) الف برميل يوميا وتشكل 15% من اجمالي الصادرات العراقية. واذا ما فرضت العقوبات الاقتصادية فان ذلك يعني:

  • تخلي الولايات المتحدة الامريكية عن شراء النفط من العراق والتحول نحو دول أخرى كالمكسيك او كندا او اية دولة أخرى خاصة مع توفر فائض في المعروض النفطي العالمي الاسواق العالمية.
  • ان تخلي الولايات المتحدة عن شراء النفط العراقي يدفع العراق الى بيع هذه الحصة في الأسواق العالمية الفورية للمحافظة على حصته السوقية مما يدفع الى انهيار كبير في الأسعار قد لاتحمد عقباه وربما تنخفض الأسعار الى اقل من (45) دولار وبالتالي ستكون له اثارا سلبية على العراق وعوائده المالية.
  • ان التهديد بفرض العقوبات ونتيجة لعدم الاستقرار السياسي والأمني سيدفع الشركات النفطية الامريكية العاملة في الحقول النفطية العملاقة في جنوب العراق في الرميلة ومجنون وغرب القرنة وغيرها من الحقول بمغادرة العراق وسحب عامليها خاصة اذا ماعلمنا ان هناك اكثر من 20 شركة أمريكية عاملة في جنوب العراق بدأت فعلا بسحب عامليها من الحقول النفطية مثل شركة اكسون موبيل وشفروين وشل وغيرها.وهذا ما سيؤدي الى خفض الإنتاج النفطي بأكثر من 2800 مليون برميل يوميا.
  • ان احتمال فرض العقوبات الاقتصادية على العراق سيؤدي الى مضاعفة الأثر على القطاع النفطي لاحتمالية ان تلتزم شركات نفطية عالمية مستوردة للنفط العراق بالقرار الأمريكي مثلما حصل مع ايران الامر الذي قد يؤدي الى خفض الصادرات الى اقل من مليون برميل يوميا مما يعني تدهور الإيرادات العامة الممولة للموازنة العامة وبالتالي يصبح من الصعب على الحكومة الإيفاء بالتزاماتها المالية الأساسية كالرواتب والأجور التي تستحوذ على اكثر من (50) مليار دولار سنويا. عدا عن النفقات السيادية الحاكمة كمستحقات الشركات النفطية الأجنبية التي تصل الى (15) مليار دولار سنويا، واقساط وفوائد الدين العام التي تزيد سنويا عن (12) مليار دولار سنويا.

ثالثا: الأموال العراقية الموجودة في البنوك الامريكية وحمايتها

  • بما ان مبيعات النفط العراقي تتم بالدولار الأمريكي فانها أوتوماتيكيا تودع في البنك الاحتياطي الفدرالي ومن ثم تحول الى وزارة المالية العراقية التي تبيعها للبنك المركزي العراقي مقابل الحصول على الدنانير العراقية لتمويل متطلبات الموازنة العامة واذا ما فرضت هذه العقوبات الاقتصادية الامريكية على العراق فانها يمكن ان تمنع تدفق الدولار الى العراق مثلما فعلت مع ايران عندما شددت عليها العقوبات الاقتصادية قبل اكثر من عام في الجولة الثانية من العقوبات.
  • يمكن للولايات المتحدة الامريكية ان تجمد الأموال العائدة للحكومة العراقية الموجودة في حساباتها في المصارف الامريكية وان توقف كل التعاقدات مع الحكومة، وحتى ارصدة البنك المركزي العراقي البالغة (32.7) مليار دولار المضمونة بضمانات دولية لاستقلالية البنك المركزي العراقي الا ان احتمالية فرض العقوبات وشحة الأموال سيدفع الحكومة للاقراض من ودائع البنك المركزي عندها يفقد البنك المركزي استقلاليته فتكون استثماراته عرضة للتجميد.
  • إمكانية استلاء الدائنين من الشركات الامريكية التي لها ديون مترتبة على العراق قبل 2003 ولديها احكام قضائية باته من المحاكم الامريكية على الأموال العراقية الموجود في البنوك والمصارف الامريكية.

رابعا:  العلاقة مع المؤسسات المالية الدولية:

يرتبط العراق بعلاقات جيدة مع المؤسسات المالية الدولية خاصة صندوق النقد والبنك الدوليين التي تسطير الولايات المتحدة على الجزء الأكبر من قراراتها وسياساتها ويمكن ان تتأثر هذه العلاقة اذا ما فرضت العقوبات الامريكية بـ:

  • ان العراق لديه اتفاقية الاستعداد الائتماني مع صندوق النقد الدولي  وقعت في 7 تموز 2016 حصل فيها العراق على قرض بقيمة (5.4) مليار دولار لمدة خمسة سنوات تقدم له على عدة دفعات مع تقديم الصندوق الدعم الفني وخبراته في مجال الإصلاح الاقتصادي وهذه التسهيلات يمكن ان توقف بضغط من الحكومة الامريكية على إدارة الصندوق.
  • قدم صندوق النقد الدولي ضمانات سيادية للحكومة العراقية للحصول على قروض متنوعة من دول عدة تصل اقيامها الى (20) مليار دولار بضمانة الصندوق لن يستطيع الحصول عليها اذا ما تخلى صندوق النقد عن ضماناته.
  • قدم صندوق النقد الدولي ضمانات للعراق في الأسواق الدولية في عام 2016 عندما طرح سندات الخزينة الدولية (دجلة) وبقيمة (2) مليار دولار لتمويل جزء من عجز الموازنة العامة التي بيعت بظرف أسبوع واحد وبسعر فائدة (6.5%). في حاول ان يبيع سندات الفرات الدولية بقيمة (2) مليار في عام 2015 قبل تقديم الضمانات، ولم يستطيع بيع سند واحد رغم تقديم العراق سعر فائدة مغالى فيه جدا بلغ (14.75%).
  • اما البنك الدولي فهو يمول العديد من مشاريع إعادة اعمار المناطق المحررة التي يمكن ان يوقف اعماله تحت حجة وذريعة عدم الاستقرار الأمني والسياسي.

خامسا: سعر الصرف وفاعلية الاقتصاد العراقي

ان تقييد مدخولات العراق من الدولار لاي من الأسباب السابقة يمكن ان ينعكس على الاقتصاد العراقي وسعر صرف الدينار سلبا وفق المعطيات الاتية:

  • ان العراق يعتمد في تلبية (90%) من حاجة السوق المحلية من السلع والخدمات باستيراد القطاع الخاص لهذه السلع من الخارج التي تقدر اقيامها بأكثر من (40) مليار دولار يحصل عليها المستوردين من خلال نافذة العملة في البنك المركزي العراقي التي وصلت مبيعاته اليومية الى اكثر من (250) مليون دولار يوميا. والتي يحصل عليها من مبيعات الحكومة للدولارات المتأتية من تصدير النفط للحصول على الدينار العراقي وهي جزء من سياسة البنك المركزي لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والنقدي لسعر الصرف عند (1200) دينار.

فاذا ما توقفت مبيعات الحكومة للدولار فان:

  • ان البنك  المركزي لن يستطيع ان يصمد طويلا للمحافظة على الاستقرار الاقتصادي وسعر الصرف عند (1200) دينار مما يؤدي اما الى تأكل احتياطيات البنك المركزي او تعويم سعر الصرف وتركه ليتحدد وفقا للعرض والطلب وبالتالي سيؤدي الى حصول كارثة نقدية تتمثل بارتفاع معدلات التضخم الى مستويات قياسية وجامحة قد تكون خارج سيطرة البنك المركزي وتفقد العملة العراقية قيمتها مثلما حصل في فنزولا وايران.
  • تراجع كبير في استيرادات العراق من السلع والبضائع الأساسية منها والمكملة نتيجة ارتفاع سعر الصرف للدينار العراقي مما يؤدي الى عجز كبير في تلبية احتياجات السكان من السلع الأساسية والضرورية التي تعجز القطاعات المحلية زراعية او صناعية او خدمية من تلبيتها مما يعني تزايد معدلات الفقر التي تزيد حالية عن (23%) وستنهار منظمومة القيم الاجتماعية والتعليمة والصحية.
  • عدم قدرت الحكومة من توفير متطلبات الموازنة العامة وخاصة الرواتب والأجور للموظفين والمتقاعدين وشبكات الحماية الاجتماعية التي تعاني أصلا من عجز مزمن.
  • من المتوقع عن فرض العقوبات الامريكية ان تلغي الولايات المتحدة الامريكية الاستثناءات الممنوحة للحكومة العراقية لاستيراد الغاز والكهرباء من ايران والتي تجدد كل ثلاثة اشهر مما سيؤثر سلبا على تجهيز المواطنين بالطاقة الكهربائية، مما سيزيد من النقمة الشعبية ضد الحكومة استمرار المظاهرات المطالبة بتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين
  • تراجع الأداء الاقتصادي خاصة في قطاعات الزراعة والصناعة والتعليم والصحة والبناء لانخفاض الدعم وارتفاع تكاليف الإنتاج مما يفاقم من مشكلة الفقر والبطالة.
  • يعاني العراق من فجوة تمويل قدرت بـ (88) مليار دولار في مؤتمر الكويت المنعقد في شباط 2018 لاعادة اعمار العراق والمناطق المحررة خاصة في مجال البنى التحتية. وفي كل خطط التنمية تعطى الأهمية والاولوية للاستثمار الأجنبي لاعادة الاعمار، في حين ان احتمالية فرض العقوبات الاقتصادية الامريكية على العراق ستؤدي الى عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي وبالتالي تدهور المناخ الاستثماري ويصبح العراق بيئة طاردة للاستثمار الأجنبي والمحلي وغير محفزة لدخول مستثمرين ورجال الاعمال جدد للاستثمار في العراق والدخول في مشاريع جديدة، لا بل الانكى من ذلك انهم سيعملون على تصفية أعمالهم الموجودة في العراق والانتقال الى دول اخر اكثر استقرارا، وهذا الامر سيعرقل برامج الاعمار والتنمية . فمثلا وبسبب عدم الاستقرار السياسي والأمني واحتلال العصابات الاجرامية داعش لاكثر من ثلث مساحة العراق في عام 2014 فان الاستثمارات الأجنبية التي خرجت من العراق وعادت الى بلدانها او انتقلت الى بلدان أخرى بلغت (36.256) مليار دولار للمدة 2013-2018، وهروب او خروج ( 1.191) مليار دولار من الاستثمارات المحلية للمدة ذاتها. وفقا لتقرير الاستثمار العالمي لعام 2019

Comments

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Popular stories