asd

الحرب الروسية – الاوكرانية و الحرب في الأسواق الغربية

Related Articles

الحرب الروسية – الاوكرانية

و

الحرب في الأسواق الغربية

بيان راي 

منتدى صنع السياسات -لندن 

IFPMC-LONDON

2022 February

اليوم أعلنت روسيا بدأ عمليتها العسكرية في أوكرانيا وهذا الخبر الذي لم ترد ان تسمعه أسواق المال والأسهم والسندات والبنوك العالمية على الاطلاق . الحرب الروسية الأوكرانية ليست فقط حرب خطرة وشاملة تهدد الأرواح والممتلكات بل انها تأتي في اخطر الأوقات الاقتصادية التي يشهدها العالم .

ففي حين كانت الأسواق العالمية تتوق لمرحلة التعافي من جائحة كوفيد-19 والسلالات المرافقة لها تأتي الازمة الأوكرانية لتهدد هذه المرحلة الحساسة التي تحتاج الأسواق فيها الى الاستقرار ومواجهة التبعات التي رافقت ازمة الوباء حيث هنالك ازمة سلاسل الامداد العالمية التي تهدد وحدها بأحداث حروب عالمية كذلك هنالك مشكلة إعادة بناء قواعد التجارة العالمية لمرحلة ما بعد كوفيد -19 ، والقضية الأكثر خطورة هي ازمة التضخم العالمي التي تهدد الاقتصاديات الكبرى في العالم وخاصة الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا ودول الاتحاد الأوربي .

صباح اليوم استيقظ العالم على شاشات الأسواق العالمية تكتسي باللون الأحمر مذكرة بكارثة 2020 بعد تفشي جائحة كورونا والتي كانت اهم كارثة اقتصادية مرت على العالم . وعلى الرغم من ما كان يعتبر انه كارثة غير مسبوقة الان محللي اسواق المال والاعمال يؤكدون ان ازمة كوفيد-19 اكسبت الأسواق مناعة من الازمات الكبرى بحيث أصبحت قدرة التكيف اعلى بكثير. طبعاً مع اختلاف الازمتين وتبعاتهما على الاقتصاد العالمي الا ان المحللين الاقتصاديين يؤكدون ان ازمة أوكرانيا قد تضرب أسواق المال في الأيام الأولى ولكن سوف يعود السوق الى التعافي السريع رغم ان هذه التحليلات لم تنفي ان مدى التعافي مقترن بسيناريو الحرب فاذا أصرت موسكو على الحرب الطويلة الشاملة حتماً ستكون خسائر الأسواق اكبر والتعافي اقل .كما ان أي رد عسكري من قبل حلف الناتو سوف يعقد المشهد الاقتصادي وينذر بكوارث اقتصادية عميقة الأثر سوف تطال جميع دول العالم.

بالنسبة لروسيا دول حلف الناتو والولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوربي تهدد بسلسلة من العقوبات الاقتصادية غير المسبوقة على روسيا ستشمل العقوبات المؤسسات والشركات ورجال الاعمال الروس او الذين لديهم ارتباطات مع روسيا . هذا الاعلام بحد ذاته حتماً سوف يؤثر على الاقتصاد الروسي خاصة وان رجال الاعمال الروس او النخبة الاقتصادية الروسية الذين يعرفون بالاوليغارش يعتبرون العامود الفقري للاقتصاد الروسي وهم مجموعة من التكنقراط والمحترفين ورجال الاعمال وكبار المستثمرين هؤلاء النخبة الذين حافظوا على الاقتصاد على قدم المساواة على الرغم من الفساد المستشري وقاموا برقمنة وتحديث النظام المالي، قاموا بتجديد وتحديث المدن. وعلى الرغم من العقوبات المفروضة على روسيا في عام 2014 بعد ضمها لشبه جزيرة القرم والعدوان على أوكرانيا، إلا هؤلاء النخبة عملوا على خفض ديون روسيا إلى 20٪ فقط من الناتج المحلي الإجمالي، وخفضت التضخم، وتراكمت لديها احتياطيات بقيمة 620 مليار دولار، وشيدت “اقتصادا محصناً”. والبعض الآخر من رجال الأعمال الذين تمكنوا من البقاء والازدهار على الرغم من تدهور المناخ الاقتصادي وافتراس المقربين من السيد بوتين. العديد من هؤلاء النخبة الاقتصادية حتما كانوا يبحثون عن وسائل لتجنب حرب جديدة فهم الأكثر تتضرراً من حروب (قيصر روسيا الجديد) ولهذا لم يتم استشارتهم في هذه الحرب . أسواق الأسهم الروسية تم اغلاقها الخميس 24\2\2022 والعملة الروسية الروبل تتلقى ضربات قوية ومن المتوقع ان تتعرض لهزات عنيفة تبعاً لنظام العقوبات الدولي الذي سيتم فرضه على موسكو.

ولتفادي غضب رجال الاعمال اجتمع الرئيس بوتين مع النخبة في قطاعات المال والاعمال وحاول شرح وجهة نظره في ضرورة الحرب في أوكرانيا وان روسيا تدافع عن امنها القومي ومصالحها الجيوستراتيجية ، وهي الحجج والاطروحات التي لم تقتنع بها النخبة الاقتصادية التي تعرف ان بوتين لم يعد قادراً عن كبح رغبة التوسع واستغلال لحظة التراجع الأمريكي في الساحة الدولية .

اما الولايات المتحدة وعلى الرغم من ان الخبراء والمحللين في أسواق الأسهم والسندات الامريكية قللوا من مدى تأثير الازمة الأوكرانية على الأسواق الامريكية خاصة بعد اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أمس الأربعاء 23\2\2022، حيث تناول المسئولون مناقشة قرارات هامة متعلقة بوتيرة رفع الفائدة وتشديد السياسة حيث صرح جيروم باول أنه مع استقرار التضخم أعلى 2% وسوق العمل القوية سيكون من المناسب قريبا رفع الفائدة، وأكد الاحتياطي الأمريكي على إنهاء برنامج شراء السندات أقرب من المتوقع وتحديدا في مارس المقبل. الا ان مؤشر ستاندرد اند بورزS&P انخفض بحدة الى من 500 الى 4304.67 بمعدل 1.01 % وقد لا تكون خسارته الكبيرة ولكن أدى ذلك الى انخفاض في أسواق الأسهم الامريكية الى 10.3%  مما يزيد من اضطراب الأسواق الامريكية التي استمرت في التراجع يوم الأربعاء حيث سجل S&P انخفاض ب 1.84 % نقطة . ورغم ان الانخفاض في الأسواق الامريكية لايزال في المعدلات المقبولة الا ان الخبير الاقتصادي في وول ستريت ادورد يارديني اكد على ان انخفاض الأسواق بحدود 10% ليس بهذا السوء على حد تعبيره ولكن استمرار الانخفاض بفعل تداعيات الازمة الأوكرانية وتطوراتها الدراماتيكية قد يهدد الأسواق بالانخفاض الى ال20 % الامر الذي سيكون كارثة اقتصادية قد تهدد بالركود الكبير.

اما الطرف الأوربي فقد عانت أسواق المال الاوربية من هبوط قياسي صباح يوم الخميس على وقع الاحداث في أوكرانيا وتحولت الشاشات الى اللون الأحمر في معظم العواصم الاوربية .

انخفضت الأسهم البريطانية اليوم على اثر عمليات بيع حادة في الأسهم العالمية حيث ازدادت رغبة المستثمرين في التخلص من الأصول التي ارتفعت معدلات الخطورة فيها على اثر الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا . كذلك انخفض مؤشر FTSE100 بنسبة 3.8% عند الاغلاق في حين انخفض مؤشر FTSE 250 الذي يركز محليا بنسبة 2.6 %.

الا ان أسواق المال ليست اخر مشاكل اوربا حيث ينتظر دول الاتحاد الأوربي ازمة ارتفاع أسعار الطاقة ونقص الغاز إضافة الى صدمة ارتفاع أسعار السلع والمواد الأولية . حيث تمثل روسيا المورد الأساسي للغاز إلى أوروبا، كما وتعد واحدة من أكبر منتجي النفط في العالم وموردا رئيسيا للمعادن الصناعية مثل النيكل والألومنيوم والبلاديوم وهذه المواد سوف تتوقف عن النفاذ الى الأسواق الاوربية بفعل الحرب والعقوبات التي يهدد الغرب بفرضها على موسكو . من جهة أخرى كل من روسيا وأوكرانيا مصدران رئيسيان للقمح الى اوربا والعالم  لذلك ارتفعت فوراً أسعار القمح في العالم ويتوقع ان تزداد الأسعار في الارتفاع مع تصاعد الازمة الأوكرانية.

اوربا يهددها خطر انقطاع سلاسل الامداد العالمي للسلع الأساسية وذلك باتجاهين :

الاتجاه الأول تعطل تسليم السلع والمواد الأساسية المستوردة اذا طالت الحرب في أوكرانيا البنى التحتية في الموانئ على البحر الأسود .

الاتجاه الثاني فرض عقوبات واسعة على السلع الروسية مما سيوقف عمليات الشراء السابقة التي قام بها تجار ومستثمرين اوربيين وبالتالي سيخلق تأخر التسليم فراغاً في الأسواق الغربية .

فرض العقوبات الغربية على روسيا قد يرتد سلباً على الاقتصاد الغربي حيث يدرك الغرب بان اطلاق حزمة عقوبات موجعة ضد روسيا وبصورة فورية سيكون موجعاً كذلك للأوربيين الذين لم يستطيعوا ان يتخذوا مثل هذه الخطوة في اوج قوتهم اثناء الغزو الروسي للقرم 2014 فكيف يمكنهم القيام بذلك في اوج ازماتهم الاقتصادية المتراكمة منذ 2020؟.

الحرب الروسية الأوكرانية قد تكون اصعب اختبار لقواعد الامن الأوربي  منذ الحرب العالمية الثانية ولكنها حتماَ ستكون زلزال مدوي للاقتصاد الغربي وسوف تكشف هذه الازمة عن عيوب البنية التحتية للأسواق في اوربا والولايات المتحدة والتي اصلاً لاتزال تعاني من تبعات تفشي الجائحة وتوابعها والتي اضرت بالبنى التحتية للاقتصاد الغربي كما واستنفذت مصدات الازمات فيه . روسيا ليست في افضل احولها ايضاً فالاقتصاد الذي اعتمد على مؤسسات اقتصادية هجينة لتفادي اثار العقوبات الغربية السابقة سوف يكون مضطراً الى التعامل مع قادة هذه المؤسسات الاقتصادية الذين قد لاي كونوا مطواعين مثل القادة العسكريين الذين يهندسون حروب العودة للإمبراطورية الروسية .

مصادر

-The Economist Newspaper. (n.d.). The Economic Consequences of the war in Ukraine. The Economist. Retrieved February 24, 2022, from https://www.economist.com/finance-and-economics/2022/02/25/the-economic-consequences-of-the-war-in-ukraine

What’s at stake in Russia-ukraine crisis: War, economic hardship and world order ‘pulled at the seams’. MSN. (n.d.). Retrieved February 24, 2022, from https://www.msn.com/en-us/news/world/what-s-at-stake-in-russia-ukraine-crisis-war-economic-hardship-and-world-order-pulled-at-the-seams/ar-AAUdNEx

– Sommer, J. (2022, February 23). More trouble for a troubled market. The New York Times. Retrieved February 24, 2022, from https://www.nytimes.com/2022/02/23/business/stock-market-correction.html

Comments

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Popular stories