asd

التعاون جنوب-جنوب…الحاضر الغائب

Related Articles

التعاون جنوب-جنوب…الحاضر الغائب

الاستاذ قاسمي عبدالسميع

باحث بمنتدى صنع السياسات

IFPMC- London

November-2021

تطرّق تقريرٌ سابق لمنتدى صنع السّياسات إلى الذكرى الستين لحركة عدم الانحياز[i]، التي جمعت دولاً عدة، أغلبها من القارتين الافريقية والآسيوية المنتمية إلى ما يُعرف بدول الجنوب. ورغم التحول الجوهري في أدوار حركة عدم الانحياز عقِب الحرب الباردة إلا أنها تُمثل أحد أمثلة التعاون جنوب-جنوب. الأمر نفسه ينطبق على منظمات اقليمية أخرى، على غرار الاتحاد الافريقي، جامعة الدول العربية، منظمة الآسيان، مجلس التعاون الخليجي وغيرها.

يمثل التعاون جنوب-جنوب بمفهومه الواسع جميع الجهود المبذولة بين دول الجنوب لتحقيق مصالحها وتنسيق جهودها في مواجهة التحديات الاقتصادية، الاجتماعية، الأمنية، المناخية والسياسية. وقد تطور هذا النوع من التعاون بالتزامن مع استقلال الدول الافريقية والآسيوية وبداية الحرب الباردة، حيث اقتضت طبيعة النظام الدولي آنذاك على الدول النامية والمستقلة حديثاً على وجه الخصوص بالتكتل قصد تعزيز التعاون بينها وقد تجسّد هذا في شكل شراكات ثنائية أو تكتلات اقليمية ودولية كمنظمة الوحدة الافريقية وحركة عدم الانحياز [ii].

وبحكم أن هدف هذا المقال لا يتمثل في سرد الوقائع التاريخية بل في مناقشة أهمية التعاون جنوب-جنوب في السّياق الدولي الراهن، فمن  الأهمية بمكان أن نثير نقطة مهمة، وهي أن التعاون جنوب-جنوب ليس وسيلة فحسب في الوقت الراهن بل هو ضرورة وحتمية استراتيجية. حيث أن دول الجنوب تواجه نفس التهديدات والتحديات وتعاني من نفس المشاكل والصعوبات وتطمح شعوبها مجتمعةً إلى نفس الغايات. إن أهمية التعاون بين هذه الدول تتجسد أساساً في تمكينها من توحيد صفوفها على الصّعيد الدولي وتحقيق مصالحها بشكل براغماتي وفق منطق رابح-رابح. فقد أبان النموذج التقليدي للتعاون بين دول الشمال والجنوب عن عدة سلبيات من بينها عدم توازن المصالح واستنزاف ممنهج لثروات دول الجنوب دون تقديم دعم نوعي يرتقي إلى مستوى الشراكة القائمة بينها.

أغلب دول الشمال، تتعامل في سياستها الخارجية مع دول الجنوب وفق معادلة التكلفة والربح، أي أن تحقق أكبر قدر من المصالح بأقل قدر ممكن من الجهد، كما أنها لا تُدرك مشاكل دول الجنوب ولا تفهم مجتمعاتها بالمستوى المطلوب أو أنها تدرك كل ذلك وتتغاضى النظر عن صعوبات هذه الدول وطموحها المشروع في تحقيق التنمية وضمان رفاه شعوبها والاستفادة من نقل التكنولوجيات والخبرات عِوَض إقامة القواعد العسكرية الأجنبية وتغذية الخلافات والنزاعات والحروب.

إن التعاون جنوب-جنوب لا يطرح نفسه بمثابة بديلٍ مباشر للتعاون شمال-جنوب وإنما فرصةً لدول الجنوب لتنويع وتعزيز فرص التعاون والشراكة بينها على نحوِ يسمح لها بالنهوض ببلدانها وتحقيق الرفاه لشعوبها. هو مناسبةٌ جادّة لها لتبني دبلوماسيةٍ متعددة الأطراف قائمة على التضامن والتعاون الدوليين. فلا شك أن جائحة كوفيد-19 بيّنت عن مدى أهمية التضامن والتعاون الدوليين في ظل عولمة التهديدات والتحديات. كل ذلك يضع هذه الدول أمام حتمية التكتل ضمن شراكات ثنائية ومتعددة الأطراف ومأسستها لاحقاً ضمن هيئات دولية كفيلة بتفعيل بنود هذه الشراكات واضفاء نجاعة أكبر على التعاون فيما بينها.

Gasmi Abdelssami

Junior Reasearcher

Email: abdelssami@ifpmc.org

الهوامش:

[i]  الذكرى ال60 لحركة عدم الانحياز…الفرص والتحديات، منتدى صنع السياسات، أكتوبر 2021، الرابط : https://bit.ly/3Ds883I

[ii] Adriana Erthal Abdenur, China and the BRICS Development, IDS Bulletin, vol. 45, no. 04, 2014, p.86

Comments

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Popular stories