test

العراق والاستثمار في الهيدروجين الأخضر

Related Articles

العراق والاستثمار في الهيدروجين الأخضر

الثروة الثورة

د.رنا خالد

رئيس الباحثين والمدير التنفيذي

منتدى صنع السياسات العامة

IFPMC-LONDON

September  2023

الهيدروجين الأخضر هو بترول القرن الواحد والعشرين. انه الاستثمار المستقبلي الذي تتنافس عليه دول العالم المتقدم والناشئ بصمت بينما يغرق منتجي النفط الفقراء في فخ الثروات.

بتبسيط شديد هنالك ثلاث أنواع من الهيدروجين:

الهيدروجين الرمادي

ليوم حوالي 99٪ من الهيدروجين المنتج للاستخدام الصناعي – في المصافي ومصانع التصنيع – يسمى الهيدروجين «الرمادي». الهيدروجين الرمادي مشتق بشكل أساسي من الغاز الطبيعي، وينتج عن إنتاجه إنتاج كميات كبيرة من CO₂، تسعة أجزاء CO₂ لكل جزء واحد من الهيدروجين. وهو النوع الأكثر انتشاراً حتى الآن ويجري استخلاصه من الغاز الطبيعي، ولكن يرافق العملية إنتاج كميات كبيرة من غاز ثاني أكسيد الكربون، ولذلك يميل إنتاجه للتراجع رغم ضآلة التكلفة.

الهيدروجين الأزرق

يتطلب إنشاء هيدروجين «أزرق» أكثر صداقة للبيئة التقاط هذا CO₂ (المنتج من الهيدروجين الرمادي ) والتخلص منه بطريقة ما، مثل تحت الأرض العميقة، أو استخدامه بطريقة مفيدة، مثل استخلاص النفط. يتم إنتاجه كما الرمادي من الغاز الطبيعي مع فارق أساسي هو التقاط الكربون المصاحب وتخزينه في الأرض غالباً في آبار النفط غير المنتجة، ليتم استخدامه لاحقاً في ما بات يعرف بـ”اقتصاد الكربون الدائري”.

الهيدروجين الأخضر

من ناحية أخرى، يتم إنتاج الهيدروجين الأخضر عن طريق التحليل الكهربائي، وهي عملية فصل الماء إلى الهيدروجين والأكسجين. عندما تأتي الكهرباء المستخدمة في العملية من مصادر متجددة، مثل الرياح أو الطاقة الشمسية، فإن النتيجة هي هيدروجين خالٍ من الكربون. بتكلفة تبلغ حوالي 6 دولارات للكيلوغرام، يعد الهيدروجين الأخضر أغلى أشكال الهيدروجين التي يتم إنتاجها.

اليوم، الهيدروجين الأخضر أغلى بمرتين إلى ثلاث مرات من الهيدروجين الأزرق، وفقًا لتقرير صادر عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة في ديسمبر 2020. ومع ذلك، من المتوقع أن تنخفض تكاليف الهيدروجين الأخضر في السنوات العديدة المقبلة، مع تحسين تكنولوجيا التحليل الكهربائي وتوسيع نطاق تلك التكنولوجيا إلى مستويات الإنتاج الصناعية. ويمتاز بانعدام انبعاثات ثاني أكسيد الكربون تقريباً. وهو بالتالي وقود صديق للبيئة بالكامل، وعيبه الأساسي ارتفاع في التكلفة والحاجة إلى كميات ضخمة من الطاقة الكهربائية.

العنصر النادر الأمونيا الزرقاء

تعتبر الحصان الرابح في مزيج الوقود الهيدروجيني، وتتكون من ثلاث ذرات من الهيدروجين وذرة واحدة من النيتروجين. وتمتاز بأنها غاز أكثر استقراراً من الهيدروجين، ويمكن نقلها بسهولة بحراً أو بواسطة خطوط الأنابيب، ما يشكل حلاً لأحد أكبر مشاكل الهيدروجين النقي وهي تسببه بتآكل المعادن وتسربه من الشقوق بالغة الصغر.

هنالك العديد من الآراء التي ترى بأن على البلدان التي تريد الاستثمار في هذا النوع من الطاقة ان تبدأ بالاستثمار في الهيدروجين الازق لأنه اقل تكلفة ويمكن ان يفتح أبواب المستقبل تدريجياً للاستثمار في الهيدروجين الأخضر الذي هو ذهب العالم الحديث ومعيار الثروة والثراء في المستقبل .

كلفة الهيدروجين الأخضر تقل بطرقتين أساسيتين

الأولى: ان تتوفر مصادر الطاقة التي تحتاجها الهيدروجين الأخضر بكميات وفيرة ومستدامة ورخيصة (طاقة الشمس طاقة الرياح.. الخ وايضاً الإنتاج باستخدام تدوير المخلفات والنفايات

الثانية: تطور الأبحاث والابتكار في هذا النوع من الصناعة

ولكل نوع من هذه الطريقتين هنالك تفاصيل متعددة ومتشابكة من الاستثمار والتمويل الا ان افضل الطرق لتسريع الاستثمار في هذا النوع من الطاقة هو ان تقوم الدول والحكومات بدعم هذا النوع من انتاج الطاقة عبر الاستثمار مع شركات الهيدروجين الأخضر المعززة للابتكار والتطوير وكذلك عبر الاستفادة من المبادرات العالمية والمنح الدولية التي تدعم هذا النوع من الصناعة.

دول المنطقة بدأت بالخطوات الفعلية لهذا النوع من الاستثمار وتبرز كل من تركيا والسعودية والإمارات ومصر في مقدمة دول المنطقة التي تولي اهتماماً كبيراً بطاقة الهيدروجين. إذ أطلق كل من السعودية والإمارات عدة مشاريع لإنتاج الهيدروجين الأزرق ومشاريع تجريبية للهيدروجين الأخضر، ونجحتا في تصدير شحنات من الأمونيا الزرقاء إلى اليابان. وفي تركيا تم خلال العام الحالي البدء باختبارات مكثفة لإدراج الهيدروجين في منظومة الطاقة المتجدّدة من خلال دمجه في شبكات توزيع الغاز بنسب متدرجة لتصل إلى 20%. وتتمتع تركيا بميزة فريدة هي وفرة موارد الطاقة المتجددة ما يؤهلها لتكون منتجاً مهماً للهيدروجين الأخضر، إضافة إلى وجود بنية تحتية متكاملة للغاز الطبيعي تؤهلها أيضاً لإنتاج الهيدروجين الأزرق. أما مصر فقد وقّعت خلال العام الحالي عدة اتفاقيات مع شركات “إيني” الإيطالية و”ديمي” البلجيكية وسيمنز الألماني لإجراء دراسات جدوى لإقامة مشاريع لإنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر.

في العراق لاتزال الحكومة العراقية تعلن عن تبنيها ودعمها لهذا النوع من الطاقة. وفي منتدى الطاقة المتجددة الذي أقيم في بغداد 2022 أعلنت وزارة النفط العراقية انها تتبنى فكرة انتاج الهيدروجين الأخضر والاستثمار في الطاقة المتجددة وان الوزارة تدعم الاستثمار في القطاع الخاص المنتج والمطور لتقنيات الهيدروجين الأخضر.واكد رئيس فرع الشركة رشيد الجنابي أن “تحدي الطاقة في العراق اليوم لا يقتصر فقط على تأمين حاجة العراقيين للطاقة وإنما تأمينها بصورة نظيفة وتأمين طاقة مستدامة”، موضحا أن “عمل جنرال الكتريك في العراق يشمل جميع المحافظات”.وتابع أن “جنرال الكتريك تنفذ اليوم عشرات المحطات الثانوية في محافظات العراق كافة، التي تدعم شبكة الكهرباء وتقلل الضائعات وتفك الاختناقات”، لافتا إلى أن “الشركة تطرح رؤى لمستقبل الطاقة في العراق يتضمن تأمين طاقة نظيفة بشكل موثوق ومتكامل لجميع العراقيين”.الا ان المتحدث بإسم وزارة الكهرباء، أحمد موسى صرح مؤخراً على أن هناك معرقلات تواجه استثمار العراق للطاقة المتجددة. وبين موسى أن وزارته أبرمت عددا من العقود مع شركات عالمية كبيرة، إلا أن هناك معوقات كبيرة تواجه عمل هذه الشركات في العراق. وأوضح أن من أهم المشاكل التي تواجه هذه الشركات هي عدم وجود تمويل مالي، والى التعقيدات التي تمتاز بها المبادرات العالمية والممولين الدوليين.

في كل الأحوال على العراق ان يضع استراتيجية واضحة طويلة الأمد تتضمن ثلاث محاور:

تحديد الإمكانات

إدارة الاستثمار

توفير التمويل

ويجب ان تلتزم جميع التيارات والقوى السياسية بتنفيذ الاستراتيجية العليا للاستثمار في الطاقة البديلة وتطوير الاستثمار في الهدروجين الأخضر وان لا تتغير الأولويات مع تغير الحكومات حيث لا يجب على الاطلاق ان يكون مستقبل الثروة والطاقة في العراق رهيناً بعدم الاستقرار السياسي.

الهوامش :

3-      Jim magill, Blue Vs. Green Hydrogen: Which Will The Market Choose,Forbes, https://www.forbes.com/sites/jimmagill/2021/02/22/blue-vs-green-hydrogen-which-will-the-market-choose/?sh=154421d43878

Comments

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Popular stories