test

مبادرة الاستثمار المستقبلي (دافوس الصحراء) ..السعودية والتكامل عبر الاستثمار المستدام 

Related Articles

مبادرة الاستثمار المستقبلي (دافوس الصحراء)

السعودية والتكامل عبر الاستثمار المستدام

منتدى صنع السياسات العامة

IFPMC-LONDON

NOVEMBER 2022

شهدت العاصمة السعودية الرياض اعمال النسخة السادة من مؤتمر مبادرة الاستثمار المستقبلي (FII) والتي شهدت حضور كبار الرؤساء التنفيذيين وصانعي السياسات والمستثمرين ورجال الاعمال والقادة الشباب ورواد الاعمال عبر العالم.

رفعت هذه النسخة شعار (الاستثمار في الإنسانية) وهو شعار يعكس توجهات مؤسسة مبادرة الاستثمار العالمية التي تخصص نشاطاتها الى تنمية الفرص الاستثمارية الموجودة في كل قارة من قارات العالم ومحاولة خلق عالم من الفرص الاقتصادية المستدامة في عالم اقتصادي يواجه تحديات غير مسبوقة سواء من حيث صدمات العرص والتضخم وأزمة الطاقة العالمية والصراعات الجيوسياسية.

خصصت مبادرة (FII) لمناقشة المسارات الجديدة للاستثمار العالمي وتحليل الاتجاهات الصناعية الحرجة إضافة الى ربط الأفكار والمبادرات التي يطرحها الرؤساء التنفيذيون وقادة العالم والخبراء.

في نسخة هذا العام أعلنت مؤسسة مبادرة الاستثمار العالمي انه في الوقت الذي يواجه النظام العالمي الجديد تلك التحديات التقليدية التي عرفتها البشرية عبر عقود طويلة مثل الصراعات والتنافس على الموارد وتغيرات القوة العالمية. لا انه في الوقت ذاته فان العالم يمر بتحدي خطير هو ذوبان الفروق بين العالم المادي والعالم الافتراضي، وبالتالي فانه هنالك عملية إعادة تعريف لمعنى ان تكون انسان وهو نقاش سيقود الى إعادة تعريف المفاهيم والقيم التي تعرفها البشرية منذ قرون طويلة. الاقتصاد والمال وحدود المعرفة واحدة من تلك المفاهيم التي سيتم إعادة النقاش فيها وإعادة رسم ابعادها العالمية.

شملت المناقشات وجلسات العمل في المؤتمر طرح العديد من الفرضيات الإشكاليات ومنها:

 تحديات الاستثمار والابتكار وأثرها في فجوة الثروة.

دور الشركات والحكومات في تقديم رعاية الصحية وفرص التعليم والوظائف.

دور الاستثمارات في إيجاد حلول مستدامة لأزمة الطاقة.

الأولويات التمويل والاقتصاد المرن

اليوم الأول للمؤتمر تم تخصيصه لمناقشة تقرير مؤسسة مبادرة الاستثمار المستقبلي الذي اجراها IPSOS والتي شمل استبيان شارك فيه أكثر من 130 ألف شخص يمثلون 13 دولة حول العالم يمثل سكانها 50% من سكان العالم. وتناول التقرير دراسة اهم الأولويات الاجتماعية الفكرية البيئية في العالم.

وفي إطار مناقشة الأولويات العالمية كانت جلسة (القيادة للنظام العالمي الجديد) أحد اهم الجلسات الحوارية التي طرحت إشكالية التغيير العميق في شكل النظام العالمي. تناولت اعمال الجلسة فكرة الديناميات المؤثرة على ظهور النظام العالمي الجديد وهي ذاتها الديناميات التي تؤثر على أولويات الشعوب والافراد عبر العالم.

 اولاً: ان اشكال الحكم والاضطراب وتغيير المعايير الثقافية والخلافات السياسية.

ثانياً: دورة الديون الطويلة وأسواق رأس المال.

ثالثاً: الاضراب العالمي الناتج من مراكز التكنولوجية والعالم الافتراضي وازمات الطاقة وسلاسل التوريد إضافة الى الأوبئة والحروب والتدمير البيئي الكارثي.

 من جهة أخرى، حاورت الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان، عمدة مدينة ميامي الأمريكية فرنسيس إكس سواريز، في جلسة تحمل عنوان “في المحادثة: ثقافة استثمار”، تناول خلالها سواريز تحول المدينة خلال السنوات الماضية من الاقتصاد الصناعي إلى الاقتصاد الرقمي عبر إيجاد منظومة تقنية بالاستثمار في المسرعات، واستقطاب الأصول المالية ورأس المالي الجريء للمدينة، ورأس المال البشري المميز، مبيناً أن خطط الاستعداد جعلُ المدينة متقدمة رغم مختلف الظروف العالمية.

تناول مؤتمر مبادرة الاستثمار العالمي موضوع التحديات التي تواجه عالم الاعمال والاستثمار وربما الاستمرارية في عالم شديد التغير والاضراب هو في قمة التحديات التي تواجهها الشركات الاستثمارية في كل مكان في العالم. تحدث  ستيفين منوشين الشريك الإداري لـ Liberty Strategic Capita عن الدروس المستنبطة من تداعيات جائحة كوفيد-19 على الاقتصاد العالمي حيث ان التعاون العالمي ساهم في التقليل من اثار هذا الوباء على الدول النامية والفقيرة ، مشيراً إلى أن العالم يحتاج لمثل هذا التعاون لمواجهة المصاعب الحالية الناجمة عن المخاطر الجيو سياسية.
وأشاد منوشين بالخطوات التي قامت بها دول الخليج العربية في مجال الإصلاح الاقتصادي منذ فترة طويلة، والتي مكنتها من الوصول لمعدلات تنموية جيدة وجعلت من التعامل مع الأوضاع الاقتصادية الحالية سهلاً نتيجة للتأهب والاستعداد المبكر.

كما ناقش وزير المالية السعودي محمد بن عبد الله الجدعان فكرة المصاعب المالية التي تواجه الاستثمار العالمي حيث إن العالم يشهد حالياً مصاعب عديدة تتمثل في:

مشكلة التمويل

مشكلة ارتفاع معدلات الفائدة والتضخم

مشكلة ضغوط الديون على بعض الدول

وعلى هامش المؤتمر أعلنت “أرامكو السعودية” عن إنشاء صندوق للاستدامة بقيمة 1.5 مليار دولار للاستثمار في التقنيات التي تقود الى التحول المستدام والشامل للطاقة. وهذه المبادرة تعد واحدة من أكبر صناديق رأس المال الجريء على المستوى العالمي. ولكن في نفس الوقت أرامكو انتقدت الخطوات غير المدروسة وغير الممولة بشكل كافي للتحول من طاقة الى أخرى. ودعا امين الناصر الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية الى ما وصفه بتحالف قادة السياسات مع شركات النفط باعتبارها صاحبة القدرة على ابتكار الحلول[1].

اخر أيام المؤتمر تناولت موضوع تأثير التكنولوجيا في الاقتصادوتضمنت جلسة الاساسية التي كانت بعنوان (تحويل الأعمال المصرفية والاستثمارية من أجل الاقتصاد المرن) موضوع تأثير التكنولوجيا على الممارسات المصرفية والمالية وخاصة في عالم ما بعد الوباء. حيث تزداد قيمة وحجم الخدمات المصرفية الاستهلاكية، كما ان الخدمات الرقمية جعلت إدارة الأموال للأفراد أكثر عملية. وبحسب تقرير البنك الدولي فأن ثلثي البالغين في جميع انحاء العالم يدفعون الان او يتلقون مدفوعات رقمية. كذلك فان ارتفاع عدد صغار المستثمرين أدى الى تغيير الاستثمار في جميع انحاء العالم حيث ان تجارة التجزئة تقرب حصة المستثمرين من اجمالي حجم تداول الأسهم الان من 25% بعد ان كانت 10-15% في العقد الماضي[2].

من جهته، أكد الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «مينا كتاليست»، أن مستقبل العملات الرقمية سيكون باهرا، غير أنه لا بد من العمل على تحسين على الثقافات المالية العامة مع إصدار بعض النصائح المالية التي تجنب الوقوع في بعض الأفخاخ، مع أهمية وضع الآليات والاستراتيجيات الحيوية، باعتبارها بيت القصيد، مقرا في الوقت نفسه في غالب الأحيان أن القوانين لا تكون كافية، وربما لا تعزز تأمين السوق المالية الرقمية.
وتناولت الجلسة سبل توظيف الذكاء الاصطناعي، والتطور التقني في الخدمات التي تقدمها البنوك والشركات المصرفية، كما تحدثت الجلسة عن منصات المصارف، التي تقدم من خلالها منتجات صديقة للبيئة، والحوكمة، وازدياد حجم البنوك الرقمية بنسبة 50 في المائة بعد جائحة كورونا، وبروز قطاع التقنية المالية، وجودة الأصول، وطريقة الرهن العقاري.

مبادرة صندوق الاستثمارات العامة

أعلن ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، قبل أيام عن مبادرة صندوق الاستثمارات العامة في السعودية PIF والتي ستشمل خمسة دول عربية هي الأردن والبحرين والسودان والعراق ومصر باستثمارات تبلغ 24 مليار دولار أمريكي في مجالات البنية التحتية والتطوير العقاري والتعدين والرعاية الصحية والخدمات المالية والأغذية والزراعة، والتصنيع، والاتصالات، والتقنية.

وسيعمل تأسيس الشركات الخمس الجديدة على تنمية وتعزيز الشراكات الاستثمارية (لصندوق الاستثمارات العامة السعودي) وشركات محفظته، والقطاع الخاص السعودي للعديد من الفرص الاستثمارية في المنطقة، الأمر الذي سيُسهم في تحقيق عوائد جذابة على المدى الطويل، وتطوير أوجه تعاون الشراكات الاقتصادية الاستراتيجية مع القطاع الخاص في كل من الدول الآنف ذكرها.

ويأتي الإعلان عن تأسيس الشراكات الجديدة، تماشيا مع استراتيجية (صندوق الاستثمارات العامة PIF) في البحث عن الفرص الاستثمارية الجديدة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي تدعم بناء شراكات اقتصادية استراتيجية على المدى الطويل لتحقيق العوائد المستدامة، الأمر الذي يُسهم في تعظيم أصول الصندوق وتنويع مصادر دخل المملكة، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية 2030.

ويذكر بان صندوق الاستثمارات العامة قد ارتفعت قيمة اصوله العامة منذ شباط\فبراير 2022 لتصل الى 580 مليار دولار ليصعد الى المرتبة السادسة عالمياً بعد ان كان في المرتبة الثامنة بحسب بيانات معهد صناديق الثروة السيادية SWFI وذلك بعد تحويل حصة 4% من أسهم شركة أرامكو السعودية الى الصندوق [3]

بالنسبة لمصر واستحوذت الشركة السعودية المصرية للاستثمار، وهي شركة تابعة لصندوق الاستثمارات العامة تأسست في وقت سابق من العام الحالي، على حصص أقلية بقيمة 1.3 مليار دولار في أغسطس آب في أربع شركات مصرية مدرجة بالبورصة.[4] وقالت وزيرة التخطيط ورئيسة مجلس إدارة صندوق مصر السيادي هالة السعيد، في البيان الصادر حينها، “إن الصفقة تأتي في إطار خطة الدولة لتوسيع قاعدة الملكية وتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر، واستراتيجية صندوق مصر السيادي في جذب المستثمرين العرب والأجانب وإتاحة فرص استثمارية واعدة في القطاعات الاقتصادية المختلفة بما يحقق أعلى درجات الاستفادة للدولة المصرية ويعظم من استغلال الأصول المملوكة لها” [5]

اما السودان فبالرغم من الحاجة المتزايدة لهذا البلد لأجراء إصلاحات اقتصادية تنقذ البلاد من انهيار التنمية فيه الا ان السودان تعاني من إشكالية تتمثل في عدم وجود البيئة المناسبة للاستثمار الأجنبي في ظل الاضطراب السياسي وخاصة تعقيدات الحكم العسكري [6]

وعلى الرغم من ان السودان تمتلك الموارد التي تسمح لها لان تكون مؤهل لأي استثمار أجنبي، لكن سياسيا مثل هذه الاستثمارات لن تجد استقرار إلا وسط حكومة مدنية والآن السودان محكومة من قبل حكومة انقلابية غير مستقرة -بحسب مراقبين- [7].

من جهتها رحبت البحرين بمبادرة صندوق الاستثمارات السعودي واعترتها استمراراً لخطط التكامل والاستدامة الاستثمارية بين البلدين خاصة وان حجم التبادل التجاري بين البلدين وضل الى 7.2 مليارات دولار فيما تجاوزت قيمة الاستثمارات السعودية في البحرين 13 مليار ريال هذا بالإضافة الى حجم الشركات السعودية العاملة في البحرين والتي تصل الى 896 شركة [8].

بالنسبة للمملكة الأردنية الهاشمية فعلى الرغم من ان مبادرة صندوق الاستثمار السعودي لم تحدد حصة الأردن من هذه المبادرة الاستثمارية الضخمة، الا ان حصة الاردن المرتقبة هنا تؤشر عليها اتفاقيات ثنائية سبق ان وقعت بين البلدين. وشملت هذه الاتفاقيات المرحلة الاولى لسكة الحديد بين العقبة وعمان ومشروع المستشفى الجامعي مستشفى جامعي في الاردن ومشروع خطة التطوير العقاري السعودية في مدينة العقبة التي تأتي ضمن مشروع مع مدينة نيوم السعودية العملاقة.

العراق

بالنسبة للعراق فأن مبادرة صندوق الاستثمارات العامة تعد من الفرص الاستثمارية الإقليمية الواعدة التي يمكن ان تقدم فرصة استثمارية واعدة خاصة في ضوء رغبة العراق في تطوير فرص الاستثمار الإقليمية التي تكون ذات شروط ميسرة تتناسب مع بيئة العراق الاقتصادية وطبيعة بنيته التحتية.

وتشير أحدث الإحصاءات إلى أن حجم التبادل التجاري بين السعودية والعراق عام 2020 ارتفع إلى 3.88 مليارات ريال (1.34 مليار دولار)، فيما كان عام 2019 نحو 3.41 مليارات ريال (909 مليون دولار)، موزعة بين 3.37 مليارات ريال (898 مليون دولار) صادرات سعودية، و41.8 مليون ريال (11.2 مليون دولار) صادرات عراقية، مما يعني أن العراق يحتل المرتبة 11 بين الدول العربية في حجم التبادل التجاري مع السعودية.[9]

رؤية السعودية تقوم على أساس خلق التكامل العربي عبر الاستثمار المتبادل مع الدول العربية وان يكون صندوق الاستثمارات العامة السعودي هو الجهة المسؤولة عن إدارة هذه الاستثمارات وتنميتها باعتباره مؤسسة ناجحة في هذا المجال.  ان علاقات العراق الاقتصادية مع السعودية شهدت تطور سريع خلال العامين المنصرمين، حيث شهد ملتقى الأعمال السعودي العراقي في الرياض الذي اقيم صيف 2022 توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين جهات حكومية وخاصة سعودية وعراقية. وتم على هامس الملتقى توقيع مذكرة تفاهم في مجال الربط الكهربائي على هامش فعاليات ملتقى الأعمال السعودي-العراقي المنعقد، حيث تم توقيع مذكرة التفاهم في العاصمة السعودية الرياض بحضور الأمين العام لمجلس الوزراء العراقي حميد الغزي ووزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان.

العراق الان نجح في تشكيل حكومة جديدة بعد أشهر من السجال السياسيوينتظر هذه الحكومة ملفات اقتصادية وخدمية شائكة، ولكن ملف العلاقات الاقتصادية الإقليمية سوف يكون حاسماً في تحديد قدرة هذه الحكومة على الاستفادة من الفرص ورسم التوازنات التي تجعل من مصلحة العراق أولوية حاسمة.

المصادر

[1] مصطفى الانصاري، حكاية 3 أيام من سجالات (دافوس الصحراء)، صحيفة Independent العربية،https://www.independentarabia.com/node/386251

[2] صحيفة الشرق الأوسط، دعوة لتحول الى الاقتصاد المرن لمواجهة تداعيات الازمات المقبلة،https://aawsat.com/home/article/3955281

[3] موقع فورتشن عربية، صندوق الاستثمارات السعودي يعتزم استثمار 5 مليارات في البحرين، https://fortunearabia.com/

[4]  صحيفة يورو نيوز، صندوق الاستثمارات السعودي يؤسس شركات استثمارية في بلدان عربية، https://arabic.euronews.com/next/2022/10/26/355-pm-refaei-hassan-saudi-investment-fund-establishes-investment-companies-arab-count

[5]  منى المنجومي، السيادي السعودي يؤسس 5 شركات للاستثمار الإقليمي ب 24 مليار دولار صحيفة انديبندنت عربية، https://www.independentarabia.com/node/385906

[6] موقع الحرة، مشاريع سعودية ملياريه في 5 دول عربية.. ما المقابل، https://www.alhurra.com/saudi-arabia/2022/10/F

[8] موقع فورتشن عربية، صندوق الاستثمارات السعودي يعتزم استثمار 5 مليارات في البحرين، نفس المصدر السابق.

Comments

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Popular stories