test

قمة الأمم المتحدة الاطارية حول المناخ COP26.. العراق والشرق الاوسط 

Related Articles

 قمة الأمم المتحدة الاطارية حول المناخ COP26

العراق والشرق الاوسط 

 

كيف يمكن ان تكون قضايا المناخ فرصة للتنمية ؟

د.رنا خالد

رئيس الباحثين والمدير التنفيذي

IFPMC-LONDON

October  2021

تعقد في مدينة غلاسكو الاسكتلندية نهاية الشهر الجاري اعمال القمة 26 لاتفاقية الأمم المتحدة الاطارية المتعلقة بتغير المناخ COP26 هذه القمة تعد اهم حدث عالمي لمناقشة قضية المناخ منذ قمة باريس 2015 خاصة وان قضية انبعاثات الكاربون وتأثيرها على تلوث الغلاف الجوي تعد الأكثر خطورة والتي تمس مستقبل البشرية دون استثناء حيث تتساوى امام هذه القضية كافة شعوب الكرة الأرضية الفقيرة والثرية. لقد باتت التقلبات المناخية مدمرة في كل مكان فبعد ان كانت كوارث التصحر والجفاف تضرب الدول الفقيرة أصبحت الفيضانات وحرائق الغابات والاحتباس الحراري تعصف بالدول الثرية كما هو الحال في حرائق الغابات في استراليا وفيضانات الصيف الماضي في المانيا .

قمة غلاسكو القادمة وعدت بإجراءات اكثر صرامة لخفض انبعاث الكاربون إضافة الى اكبر حزمة مساعدات تقدم الى الدول الفقيرة لتمويل المخططات الخضراء. الهدف الأساسي لهذه القمة هو وضع الخطط المستدامة للحد من سخونة الأرض الى 1.5 درجة مئوية وهو مهمة هائلة لان الوصول الى هذه الدرجة يتطلب خفض صافي انبعاث الكاربون بنسبة 45% قبل عام 2030 وتقليلها الى الصفر قبل منتصف القرن [1].

في قمة باريس 2015 لم تطالب الدول الموقعة على اتفاقية باريس للمناخ بتقليل انبعاث الكاربون بمثل النسب المذكورة أعلاه ولم تتجرأ على مثل هذا الاقتراح بل تعهدت الدول الأعضاء في الاتفاقية على وضع استراتيجيات وطنية للحد من انبعاث الكاربون وهو ما عرف ب Nationally Determined Contributions (NDCs) على ان يتم مراجعة هذه الاتفاقيات كل خمس سنوات . في مؤتمر هذا العام سوف يتم فتح ملفات المنجز من تلك التعهدات التي تمت في باريس قبل اكثر من خمس سنوات والتي يشير الباحثين بانها إنجازات قليلة ومحدودة.

حيث انسحبت الولايات المتحدة اصلاً من قمة باريس وذلك لان إدارة الرئيس دونالد ترامب اعتبرت ان إجراءات اتفاقية باريس تمثل عرقلة كبيرة لنمو وازدهار الصناعة والاقتصاد الأمريكي بحسب تصريح وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو [2]. استراليا لم تكن اصلاً من المشجعين لفكرة الاستراتيجيات الوطنية NDC  . اما الاقتصاديات الناشئة فلقد وضعت استراتيجيات متراخية حيث لم تقدم روسيا أي تعهدات تذكر والبرازيل ودول أمريكا اللاتينية لم تكن إستراتيجيات ال NDC  بمستوى الطموح. ما بالنسبة لدول اسيا فلم تقدم أي استراتيجيات تذكر فالهند ليس لديها أي استراتيجية منشورة لخفض انبعاث الكاربون والصين المسؤولة عن 28% من انبعاث ثاني أوكسيد الكربون كانت قد تعهدت بخفض هذه النسبة بحدود 2030 الا ان المتحدث باسم منظمة السلام الأخضر الصيني صرح انه لا ملامح لإمكانية الصين خفض انبعاثات الكاربون قريباً[3] .

عوالم المناخ الثلاث

في كل قمم المناخ الدولية منذ قمة كويوتو 1992 تتراوح قضايا المناخ بين ثلاث عوالم . العالم الأول من الأثرياء الذين تتركز في دولهم الصناعات الكبرى المسؤولة فعلاً عن الانبعاثات الكاربونية الملوثة للهواء . هؤلاء يكون دورهم وضع السياسات والاستراتيجيات وفرض الالتزامات القانونية في هذا الخصوص، ولكن الدور الأكبر هو تقديم حزم المساعدات المالية لمساعدة الدول الفقيرة في التكيف مع إستراتيجيات المناخ وخفض انبعاث ثاني أوكسيد الكاربون . ولكن هذه التعهدات المالية لم تصل الى الان الى سقفها الأعلى حيث في عام 2009 تعهدت الدول الغنية بتقديم مائة مليون دولار بحلول عام 2020 وهو جزء بسيط من المبلغ الذي قدرته وكالة الطاقة الدولية، وفي عام 2019 وصل الرقم الى 80 مليار بحسب منظمة التعاون الدولي والتنمية  OECD، هذا العام متوقع ان يطرح مؤتمر COP26 حزمة من المساعدات تصل الى 500 مليار دولار[4]. ولكن المشكلة ان معظم حزم المساعدات تضل مجرد وعود سرعان ما تتنصل منها القوى الكبرى خاصة الولايات المتحدة التي سبق ان اعترضت في زمن إدارة الرئيس ترامب على إستراتيجيات قمة باريس حيث انها طالبت من الولايات المتحدة بتقديم الحجم الأكبر من الدعم المالي مع قيود اكبر على المصانع في الولايات المتحدة في حين انها عاملت الصين معاملة الدول الناشئة ولم تطالبها بذات الالتزامات مما اثار غضب قادة المجمع الصناعي الأمريكي واخذوا بالضغط على ممثليهم من الحزبين الديمقراطي والجمهوري على اعتبار ان القرارات غير الملزمة لاتفاقية باريس للمناخ تهدد مستقبل الصناعة الامريكية [5]. اثار انسحاب ترامب من اتفاقية باريس الغضب لكن لم يثار نفس القدر من الغضب على اليابان التي تخلت عن التزاماتها العظيمة خلال قمة كويوتو بعد كارثة فوكوشيما [6].

وهناك العالم الثاني وهو عالم القوى الاقتصادية الناشئة والمعروفة باسم دول البريكس BRICS  الصين الهند روسيا البرازيل وجنوب افريقيا[7]، وهذه الدول تقوم بالضغط على الدول الثرية بزيادة الدعم المالي للدول الفقيرة وكذلك تقوم بتقديم إستراتيجيات واعدة تهيج الراي العام الغربي على دول العالم الأول (الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة ) ولكن في الواقع انها اول من يتخلى عن هذه الالتزامات كما هو الحال مع الصين التي تتصدر دول العالم في نسبة انبعاثات ثاني أوكسيد الكاربون (29% من الانبعاث العالمي ) ومع هذا عند انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس صرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ان (الصين تقود) [8]أي ان الصين هي من ستقود سياسات المناخ العالمية ولكن لوري ميليفرتا محلل شؤون الصين في مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف صرح بان الصين تعد لبناء اسطول من محطات الطاقة التي تعمل بالفحم وهو واقع يحطم تعهدات الصين بخفض الانبعاثات قبل 2030،ويؤكد الخبراءان سياسة الطاقة والمناخ في الصين تشبه وحش برأسين كل رأس يركض باتجاه متعاكس[9]. عموماً الصين أعلنت انها لن تشارك في قمة COP26 ، وكذلك روسيا والهند التي سترسل تمثيل ثانوي الى القمة مما يعطي رسالة واضحة وقوية ان القمة لن تنجح في جمع القوى الكبرى بل هي انعكاس لانشقاقات القوى الكبرى التي تتعمق بصورة اقوى مع الازمات العالمية .

العالم الثالث وهو من غالبية من الدول الفقيرة والدول المنتجة للنفط وأخرى ثرية بالنفط والموارد الطبيعية لكنها تعاني من أزمات السياسة وهشاشة المؤسسات والسياسات. هذا العالم هو من يدفع الفاتورة الباهظة لتاريخ الثورة الصناعية التي نشأت في الغرب ويعاني من انتهازية القوى الناشئة في الشرق والانتهازية والاستغلال الرأس المالي للغرب. ولا يبدوا ان هذه غالبية هذه الدول الفقيرة او الهشة في افريقيا واسيا سوف تبحر قريباً من سياسات التمكين البيئية. حيث ان خطط الانتقال الى تقليل انبعاث ثاني أوكسيد الكاربون تتطلب حزم كبيرة من المساعدات والمشكلة الأكبر ان هذه الحزم  المالية غالباً ما يتم تبديدها في ضل حكومات فاسدة ورديئة.

في قمم المناخ الدولية يكون دور العالم الثالث هو المطالبة بزيادة المساعدات المالية التي تقدمها الدول الثرية من اجل مساعدة هذه الدول في خطط واستراتيجيات تقليل الانبعاثات والتي غالباً ما تكون مكلفة جداً بالنسبة لمعظم الدول الفقيرة التي تحتاج الى الصناعة والزراعة والتعدين لدعم خطط التنمية والتعافي من أزمات الديون التي تهدد مستقبلها. هذا العام وخلال مؤتمر غلاسكو سوف تسعى الدول الفقيرة الى تمرير مبدأ (الخسائر والاضرار) وهو يعني ان تحصل الدول الفقيرة على تعويضات في حال تعرضها للكوارث الطبيعية الناجمة عن الاحتباس الحراري على اعتبار ان الدول الثرية هي المنتج الأكبر للانبعاثات الكاربون المسببة لاختلال البيئة وبالتالي تقع عليها مسؤولية تعويض الدول الفقيرة المتضررة. هذا المبدأ تم استبعاده في مؤتمر باريس للمناخ 2015 وسوف تعيد الدول الفقيرة طرحة خلال مؤتمر COP26.

وعليه يتوقع المراقبون بان قمة غلاسكو لن تختلف عن سابقاتها من حيث العلاقة بين العوالم الثلاث حيث ستضغط الدول الفقيرة على الدول الثرية من اجل المزيد من الدعم المالي وستضغط الدول الثرية على الدول الناشئة من اجل المزيد من الالتزامات بينما ستضغط الدول الناشئة على الدول الثرية من اجل ان يتم معاملتها معاملة الدول الفقيرة .

الشرق الأوسط ينصهر

تعد منطقة الشرق الأوسط من اكثر المناطق التي تعاني من اخطر ملامح الاحتباس الحراري التي باتت مهددة لشكل الحياة وصحة الشعوب ومستقبل الازدهار في هذه المنطقة الساخنة حرفياً . في مطلع أكتوبر الجاري اقر المؤتمر الدولي الثاني حول «تغير المناخ في شرق المتوسط والشرق الأوسط في قبرص وقد تمّ الاعتراف بمنطقة شرق البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط على أنّها «نقطة ساخنة لتغير المناخ»[10].

جون كيري ممثل الرئيس جو بايدن لشؤون المناخ وإعادة انضمام الولايات المتحدة لقمة باريس للمناخ، قام بجولة دبلوماسية مكثفة الى الشرق الأوسط  وشمال أفريقيا منتصف 2021 والتقى قادة الدول الكبرى في المنطقة، وشملت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر. هدفت الجولة إلى بحث سبل التعاون في مجال مكافحة التغيّرات المناخية، ورفع سقف الطموح المناخي قبل انعقاد المؤتمر السادس والعشرين للدول الأعضاء في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP26)، والذي سيُعقد في شهر نوفمبر من العام الجاري في مدينة غلاسكو في المملكة المتحدة[11]وعلى الرغم من ان الولايات المتحدة تعد من اهم الدول الكبرى التي تنصلت عن التزاماتها الدولية في قضايا المناخ الى ان إدارة جو بايدن رغبت في ان تعيد الثقة العالمية بدورها الفعال في حل اهم قضية تواجه البشرية من خلال استخدام دبلوماسية حث الحلفاء الإقليميين في ان يكونوا مشاركين فاعلين في جهود المناخ الدولية. وتم الإعلان عن تعاون دولة الامارات العربية المتحدة مع الولايات المتحدة في اطلاق ( بمبادرة الابتكار الزراعي للمناخ) التي سيتم اطلاقها في COP26[12]. كما تعهدت مصر بانها ستعمل على اطلاق مجموعة من المشاريع والمبادرات التي ستدعم خطط مؤتمر غلاسكو كما انها تستعد لاستضافة COP27  [13].

الا ان الحدث الأهم هو اطلاق السعودية (المبادرة الخضراء) حيث أعلنت المملكة العربية السعودية قبل أيام من قمة غلاسكو انها تهدف إلى الوصول للحياد الكربوني (صفر في المئة صافي انبعاثات الكربون) بحلول عام 2060 وقال ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، إن بلاده ستستثمر أكثر من مائة وثمانين مليار دولار في مجال خفض الانبعاثات[14].

الشرق الأوسط يقدم العديد من الخطوات والمبادرات المناخية المهمة التي تجعله يبدو وكأنه ينصهر في قضية المناخ وتقليل الانبعاثات . ولكن في نفس الوقت لاتزال هذه المنطقة تعوم على بحر البترول الذي يعد سلعة الثروة الأساسية وهو في نفس الوقت يكاد يسبق الجميع بحجم وتكلفة المبادرات البيئية الا انه ايضاً يخوض صراعاً مشتعلاً بين اعضاء اوبك لزيادة حصص انتاج البترول وهو امر يكاد يناقض خطط البيئة الواعدة. ولكن مع هذا فأن دول الشرق الأوسط وعدت بتطوير المزيد من التقنيات التي تعمل على احداث توازن بين انتاجها للنفط وبين حجم الانبعاثات الكاربونية.

العراق وفرص المناخ الضائعة

مؤتمرات المناخ العالمية ركزت على فكرة تقديم الدعم المالي والعلمي للدول الفقيرة والهشة بصورة متوازية لفكرة تحسين وتطوير استراتيجيات المناخ والبيئة. وبالتالي تكون تلك المؤتمرات فرصة عظيمة لتقديم وجهات نظر هذه الدول في انعكاسات قضايا الاحتباس الحراري وانبعاثات الكاربون الضار على امن واستقرار وازدهار تلك الدول. ولكن مع الأسف فان العراق من الدول التي اهملت كثيراً ملف البيئة وانعكاساته على مستقبل البلاد علماُ ان تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية تؤكد خطورة الوضع البيئي للعراق.

ارتفع متوسط حرارة العراق بمقدار درجتين مئويتين بحلول عام 2050 وانخفص متوسط هطول الامطار بنسبة 9%، كما ازدادت وتيرة العواصف الرملية اوالترابية بشكل كبير ليصل الى 122 يوماً عام 2013 مقارنة ب24 يوماً بين عامي 1951-1990 ، إضافة الى انتشار التصحر وانخفاض نسبة الأراضي الصالحة للزراعة خاصة في الجنوب[15]

في عام  2018 شهد العالم هشاشة البيئة في العراق، عندما أصيب الاف الاشخاص في البصرة بأمراض مختلفة بعد شرب المياه الملوثة. تم ربط الحادث بمحطة ترشيح قديمة غير قادرة على معالجة تحلية المياه، بسبب نقص المياه العذبة في نهري دجلة والفرات المتدفقة باتجاه البحر. تفاقم الوضع بسبب الجفاف المستمر ومشاريع السدود ايران وتركيا، مما حد من تدفق المياه العذبة في اتجاه مجرى النهر. كما كانت الممرات المائية نفسها ملوثة بشدة بسبب إلقاء النفط والمواد الكيميائية الخطرة، سواء من المناطق الصناعية في بغداد أو التخلص من النفط في البصرة، بحسب Human Rights Watch  والبنك الدولي.

كما تم الإعراب عن مخاوف أخرى بشأن الافتقار إلى القدرة المناسبة لإدارة النفايات، ومطامر النفايات والسياسات الرامية إلى معالجة تلوث المياه والتربة. فقد كانت هذه المشاكل تتفاقم منذ عقود، حيث تم وضع خطط قبل عام 2014 بهدف معالجة هذه المخاوف، بيد أن سيطرة داعش والعنف الذي أعقب ذلك لهزيمة الجماعة ساهم في تفاقم الوضع في المناطق المحررة. وعلى الرغم من اعتبار إعادة الإعمار أولويةً، إلا أن التقدم المحرز في تحسين إدارة النفايات الصلبة في جميع أنحاء العراق كان بطيئاً بسبب عدم كفاية التمويل وعدم وجود حكومة مستقرة.[16]

في العام 2017 لقد انشا البنك الدولي المبادرة الدولية للحد من حرق الغاز بهدف الوصول إلى انهاء  أي حريق روتيني بحلول عام 2030 وقد بذلت البلدان العربية جهود كبيرة للحد من حرق الغاز ، باستثناء العراق ،. في عام 2013 ، كان إنتاجهم من النفط الخام يقترب من 24 مليون برميل يوميا وحرق الغاز عند 21.8 مليار متر مكعب. وبحلول عام 2017 ، بلغ إنتاج النفط الخام أكثر من 26 مليون برميل يوميا ، وزاد حرق الغاز إلى 25.5 مليار متر مكعب. وجاءت معظم الزيادة في اشتعال الغاز من العراق حيث ارتفع إنتاج النفط في تلك الفترة من 3.0 إلى 4.5 مليون برميل يوميا ، في حين ارتفع معدل حرق الغاز من 13.3 إلى 17.8 مليار متر مكعب[17].

كما تم الإعراب عن مخاوف أخرى بشأن الافتقار إلى القدرة المناسبة لإدارة النفايات، ومطامر النفايات والسياسات الرامية إلى معالجة تلوث المياه والتربة. فقد كانت هذه المشاكل تتفاقم منذ عقود، حيث تم وضع خطط قبل عام 2014 بهدف معالجة هذه المخاوف إلا أن التقدم المحرز في تحسين إدارة النفايات الصلبة في جميع أنحاء العراق كان بطيئاً بسبب عدم كفاية التمويل وعدم وجود تخطيط حكومي.[18]

ومع ان العراق من اكثر الدول في المنطقة التي المرشحة لكوارث المناخ والاحتباس الحراري الا ان الحكومات العراقية لم تولي هذا الملف أي اهتمام يذكر وضلت مشاركة العراق الوحيدة في مؤتمرات المناخ مقتصرة على التوقيع على اتفاقية كويوتو 1997 إضافة الى توقيع اتفاقية الأمم المتحدة الاطارية للمناخ (UNFCCC)،حيث تركز دوره في تقديم التقارير بشكل دوري لإبلاغ الأطراف بالتدابير المتخذة لمعالجة قضايا تغير المناخ المتعلقة بالعراق والتي تتم بتمويل من قبل مرفق البيئة العالمي (GEF)، الذي ينفذه برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) بالتعاون الكامل مع وزارة البيئة العراقية[19]. وعندما تفتح ملفات العراق في هذا الاطار تجدها خاوية تماماً من أي مشروع حقيقي يذكر في مجال حماية البيئة ودعم الطاقة المتجددة. في حين لم يوقع العراق على اتفاقية باريس للمناخ 2015 ثم عاد ليوقع الاتفاقية بعد اكثر من عام وعقدت العديد من ورش العمل والمؤتمرات الا ان العراق فشل في كتابة وثيقة NDC واعتبرت مشاركته هامشية الامر الذي حرم البلاد من فرصة الحصول على حزم الدعم الدولي لتطوير الأنظمة البيئية وتقنيات الطاقة النظيفة .

مؤخراً أعلن رئيس الجمهورية العراقية برهم صالح خلال كلمة له في قمة طموح المناخ العالمي عن الشروع بكتابة وثيقة المساهمات الوطنية والتي تؤسس للاقتصاد الأخضر الساند بين عامي 2020 و2030. وأعلن عن توجه العراق نحو حقبة جديدة في دعم الطاقات المتجددة وتخفيف انبعاث الكاربون في مواجهة التغير المناخي كما أكد على دعم الاستثمار للقطاع الخاص والتركيز على الشباب ودعم دور المرأة في التطور الاقتصادي والعمل المناخي، مشيراً في هذا الصدد إلى تصويت مجلس النواب للانضمام إلى اتفاق باريس للمناخ كما وان الحكومة العراقية تستعد لكتابة وثيقة الاستراتيجيات الوطنية NDC  التي تقدم خطة العراق المستقبلية لتحسين البيئة والانضمام الى الجهد العالمي في مجال تقليل الانبعاثات الكاربون.[20] الا ان العراق مشرف على انتخابات نيابية عامة وتشكيل حكومة جديدة في نفس الوقت تنعقد اعمال مؤتمر المناخ COP26  في غلاسكو وهو هذه السنة سيطلق اكبر مساعدات مالية للدول النامية الا ان العراق في خضم ذلك صراع سياسي طويل الذي غالباً ما يندلع قبل تشكيل الحكومة الجديدة وبالتأكيد سوف تذهب جهود تنمية قطاع حماية البيئة في العراق في ظل انعدام وجود خطة استراتيجية مستدامة تضمن استمرار السياسيات بغض النظر عن طبيعة وشكل الحكومات.

اخيراً، المناخ والبيئة ليست قضية للمزايدات السياسية بل هي جوهر مستقبل العراق ودول المنطقة. وبينما تتقدم العديد من دول الشرق الأوسط في سياسات حماية البيئة وخفض انبعاثات الكاربون لايزال العراق يراوح في هذه القضية بين التصريحات الرنانة للقادة والمسؤولين والسياسات والخطط المعلنة للمؤسسات التي تفتقر الى استراتيجيات التنفيذ. لذلك يجب ان تكون أولى مهمات الحكومة القادمة هو وضع استراتيجية وطنية شاملة ومستدامة للبيئة يتم خلالها وضع السياسات والقوانين والمشاريع الخاصة بالمناخ والبيئة في العراق بالتعاون مع المنظمات الدولية وايضاً بالتعاون والشراكة مع المبتكرين العراقيين وشركات القطاع الخاص التي تتخصص في تقنيات الطاقة البديلة حيث يمكن للعراق ان يحصل على حزم التمويل الدولية التي تخصص لهذا المجال مما يتيح فرصة لتمكين هذه المشاريع والابتكارات إضافة الى توسيع دور مشاريع البيئة لتكون مصدر لخلق الثروة والتوظيف والتنمية .

dr.ranakhalid

Senior Researchers & Executive.

Email: ranaifpmc@outlook.com

dr.ranakhalid@yahoo.com

ifpmc.org

 

[1] The Economist ,2021, Broken promises, energy shortages and covid-19 will hamper COP26,available in : Broken promises, energy shortages and covid-19 will hamper COP26 | The Economist

[2] Fridman.Lisa,2019, Trump Serves Notice to Quit Paris Climate Agreement,

The New York Times ,[online],available in : https://www.nytimes.com/2019/11/04/climate/trump-paris-agreement-climate.html

[3] The Economist, Ibid.

[4] The Economist, Ibid

[5] Nohous.Ted,2017,The Polarisation of The Climate Issue Continues, Foreign Affairs Magazine ,Available in : Trump’s Paris Agreement Withdrawal in Context | Foreign Affairs

[6] Ibid

[7] Tett, G. 2010. The story of the Brics. Available: https://www.ft.com/content/112ca932-00ab-11df-ae8d-00144feabdc0?mhq5j=e7

[8] Nazaran.Alexander,2017,New China Leads ,Newsweek [online],available in : https://www.newsweek.com/europe-china-trump-donald-nato-621057

[9] نافذة على الأخبار . “أدمان الفحم في الصين يقوض أهداف دعاة الحفاظ على البيئة وتقليل أنبعاث ثاني أوكسيد الكاربون, وأول أوكسيد الكاربون السام.” نافذة على الأخبار, 5 Jan. 2021, https://www.newsdailyarabic.com/china-coal-co2-co-commitments-never/.

[10] المؤتمر الدولي الثاني حول تغير المناخ في الشرق الأوسط هو مؤتمر تنظمه حكومة قبرص ومعهد قبرص وممثل المفوضية الأوروبية في الجزيرة ومركز أبحاث المناخ والغلاف الجوي لشرق المتوسط والشرق الأوسط (EMME-CARE) بدعم من شبكة حلول التنمية المستدامة (SDSN) قبرص . وعلى مدى العامين الماضيين، أُجريت الدراسات من خلال مساهمات أكثر من 220 خبيرًا من منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط بشكل أساسي، وتمّ توزيعها على 13 فريق عمل وتنسيقها من جانب معهد قبرص . (https://climatechange2021.org/)

[11] العرب Al Arab. “المبعوث الأميركي للمناخ وقيادات عربية لدعم الحقبة الخضراء القادمة:” صحيفة العرب, https://alarab.uk/%

[12] Admin بواسطة. “المبعوث الأمريكي للمناخ يبحث مع بلدان الشرق الأوسط وإفريقيا ظاهرة التغير المناخي . دار الحياة.” المبعوث الأمريكي للمناخ يبحث مع بلدان الشرق الأوسط وإفريقيا ظاهرة التغير المناخي . دار الحياة – ترنداوي, https://trendawy.com/%

[13] تركيا الآن . “وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط في القاهرة: مصر شريك إستراتيجي لنا.” تركيا الآن, تركيا الآن, 17 Oct. 2021, https://www.turkeynow.news/politics/2021/10/17

[14]  “Saudi Green Initiative.” مبادرة السعودية الخضراء, 24 Oct. 2021, https://www.saudigreeninitiative.org/ar.

[15] الأحمر, اللجنة الدولية للصليب “عاصفة العراق العاتية – أزمة مناخية وبيئية وسط الآثار التي خلّفتها الحرب.” اللجنة الدولية للصليب الأحمر, 26 July 2021, https://www.icrc.org/ar/document/

[16] “التلوث في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.” Fanack.com, 23 Sept. 2021, https://fanack.com/ar/environment-in-the-middle-east-and-north-africa/pollution-in-the-middle-east-and-north-africa/.

[17] . “إحراق الغاز وهدره في العراق: قضية ملتهبة.” EcoMENA, 27 Dec. 2018, https://www.ecomena.org/gas-flaring-iraq-ar/.

[18] “التلوث في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.” Fanack.com, 23 Sept. 2021, https://fanack.com/ar/environment-in-the-middle-east-and-north-africa/pollution-in-the-middle-east-and-north-africa/.

[19] Environment, UN. “الاستجابة لتغير المناخ.” UNEP – UN Environment Programme, http://stg.decadeonrestoration.org/ar/regions/west-asia/almbadrat-alaqlymyt/alastjabt-ltghyr-almnakh.

[20] Rudaw.net, https://www.rudaw.net/arabic/middleeast/iraq/1212202014.

Comments

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Popular stories