test

عهدٌ جديد.. اجتماعات الربيع 2023 لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي

Related Articles

عهدٌ جديد

اجتماعات الربيع 2023 لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي

منتدى صنع السياسات العامة -لندن

IFPMC-LONDON

APRIL 2023

انطلقت في واشنطن اجتماعات ربيع 2023 لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي لمناقشة التحولات الاقتصادية العالمية وافاق التنمية العالمية في ظل سرعة التغيرات والتبدلات التي تعصف بالنظام العالمي. مواضيع النمو والمديونية والتنمية العالمية كانت محور هذه الاجتماعات التي حضرها ايضاً رؤساء البنوك المركزية في العالم ووزراء المالية والاقتصاد والتنمية بالإضافة الى المدراء التنفيذيين من القطاع الخاص هذا بالإضافة الى الخبراء الدوليين والأكاديميين ومنظمات التنمية الدولية والمجتمع الدولي.

توقعات الاقتصاد العالمي  

اكدت اجتماعات ربيع 2023 لصندوق النقد والبنك الدولي على ان اهم التحديات التي ستواجه الاقتصاد العالمي هي تباطؤ النمو العالمي حيث اكدت مديرة صندوق النقد الدولي كريستينا غورغييفا على استمرار التباطؤ العالمي فبعد ان تراجع النمو العالمي في2022 الى النصف من 6.1% الى 3.4%، فأن التوقعات تؤكد على ان يكون نمو الاقتصاد العالمي اقل من 3%. كما اكدت على ان هذا التباطؤ سوف يستمر لفترة أطول إضافة الى اتساع الفجوة في معدلات النمو بين الدول.

بالنسبة للاقتصادات المتقدمة في الغرب فأنه ورغم الصلابة المدهشة لأسواق العمل ومستويات الإنفاق الاستهلاكي في معظم هذه الاقتصادات الا ان التباطؤ سوف يكون الصفة الملازمة لهذه الاقتصادات سواء على المدى القريب او المتوسط. وستكون تجربة إنعاش النمو في غاية الصعوبة بالنسبة لاقتصاديات الولايات المتحدة ومنطقة اليورو بسبب تأثير سياسات التشدد المالي والتي تؤدي الى ارتفاع أسعار الفائدة على مستويات الطلب مما يعزز توقعات تراجع النمو في تلك الاقتصادات المتقدمة الى ما يفوق 90%.

اما بالنسبة لاقتصادات الدول الناشئة في اسيا والصين فأن اجتماعات الربيع 2023 اكدت على انها ستحافظ على حالة الزخم حيث من المتوقع ازدياد النمو السريع في معدلات النمو في تلك الاقتصادات وسوف يحسم أكثر من نصف النمو العالمي لصالح الصين والهند.

تحديات الاقتصاد العالمي

ناقشت اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي هذا العام سبل تحسين افاق النمو العالمي على المدى القصير والمتوسط. وتركزت المناقشات حول سبل مواجهة اهم التحديات التي تعصف بالاقتصاد العالمي والتي تؤثر على تباطؤ النمو الاقتصادي للبلدان.

التحدي الأول الذي على الدول ان تواجهه هو مكافحة التضخم وتحقيق الاستقرار المالي وهذا التحدي يتطلب جهد مضاعف من قبل صناع السياسات العامة ومن قبل البنوك المركزية التي لابد لها من ان تستمر في سياسات التشديد المالي في سبيل مكافحة التضخم هذا بالإضافة الى الاستعانة بالسياسات المالية التي تعزز الاستقرار المالي وهذا هو الخيار الأمثل لحد الان مادامت الضغوط الاقتصادية العالمية لاتزال محدودة لحد اليوم. ان التساهل والتعثر في صياغة سياسات مالية منضبطة ورصينة سوف تجعل مهمة صناع السياسات غاية في التعقيد إذا ما ازدادت الازمات الاقتصادية العالمية وسوف تصبح عملية المفاضلة بين تحقيق الاستقرار المالي وبين الأدوات المستخدمة في تحقيق الاستقرار صعبة جداً وقد تؤدي الى اتساع أزمات الفقر والاضطراب وتراكم الديون في تلك الدول.

كما نصح صندوق النقد الدول الهشة على ضرورة بذل الجهود للحد من عجز الموازنة العامة من اجل الحد من التضخم وكذلك تحقيق الحيز المالي اللازم للتعامل مع الازمات مستقبلاً.

ولقد خصص اجتماع الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي جلسة خاصة لمناقشة موضوع دور الحكومات في مواجهة الازمات الاقتصادية وكانت بعنوان (الحكم بفاعلية خلال الأوقات العصيبة) والتي اكدت ان على الحكومات العمل بشكل مختلف، حيث تضطرها الازمات إلى منح الأولوية لتوفير السلع والخدمات العامة الأساسية لشعوبها مع حماية الفئات الأولى بالرعاية والأكثر احتياجاً.  ومع ذلك، غالباً ما تواجه قدرة الحكومات على العمل تحدياتٍ بسبب قيود المالية العامة، أو الكوارث المرتبطة بالمناخ، أو الحروب، أو الافتقار إلى الشرعية في نظر السكان. هذا بالإضافة الى أهمية ان تقوم الحكومات بالإجراءات الازمة للقضاء على الفساد.

التحدي الثاني هو تأثير الصراع العالمي الجيوستراتيجي على التجارة والإنتاج العالمي. بالنسبة للإنتاج العالمي فأن لا مفر لدول العالم من دفع الإنتاجية والنمو الممكن من خلال الإصلاحات الهيكلية بتعجيل وتيرة الثورة الرقمية، وتحسين بيئة الأعمال وتعزيز رأس المال البشري والاحتواء. وبمجرد سد فجوة مشاركة المرأة في سوق العمل، واكد صندوق النقد الدولي والبنك الدولي على انه يمكن زيادة الناتج الاقتصادي بمتوسط يبلغ 35% في البلدان التي لديها مستويات أعلى من عدم المساواة بين الجنسين.ولقد خصصت جلسات لمناقشة هذه المواضيع من ابرزها جلسة بعنوان ( تمكين النساء بوصفهن رائدات اعمال وقياديات) وجلسة أخرى بعنوان ( قوة رأس المال الخاص في التنمية المستدامة ) إضافة الى جلسة لمناقشة دور القطاع الخاص في التنمية المستدامة .اما من ناحية التجارة العالمية والتمويل فقد اكد المشاركون في اجتماعات الربيع 2023 على ان الاقتصاد العالمي  بحاجة إلى تغير جوهري في النمو والوظائف للحد من تأثير التشتت الاقتصادي والتوترات الجيوسياسية التي تعصف بالعالم ولا سيما الحرب في أوكرانيا . فهذه التوترات والحروب لا تقضي على السلام العالمي وحسب، بل وتضيف كذلك المزيد إلى الاحتكاكات القائمة في مجالي التجارة والتمويل. ولقد ناقشت جلسة بعنوان (تسريع وتيرة التنمية في عصر الازمات العالمية) تأثير الازمات العالمية على ازدياد التضخم والهشاشة في الاقتصاد العالمي.

وقد اشارت مديرة صندوق النقد الدولي على ان التوقعات تشير الى الاضرار طويلة المدى التي تنجم عن تشتت التجارة يمكن أن ترتفع وتبلغ 7% من إجمالي الناتج المحلي العالمي — أي ما يعادل نحو الناتج السنوي لكل من ألمانيا واليابان معا. وإذا أضفنا الانفصال التكنولوجي، ربما وصلت خسائر بعض البلدان إلى 12% من إجمالي الناتج المحلي. وعليه فأن على الدول ان تقوم بتنويع وتوسيع سلاسل الإنتاج العالمي ولقد خصصت جلسة

التحدي الثالث الذي يواجه الاقتصاد العالمي هو الديون حيث خصصت جلسة خاصة لها الموضوع بعنوان (التغلب على الديون وتحقيق النمو) والتي اكدت على انه يؤدي ارتفاع أسعار الفائدة وتباطؤ النمو العالمي إلى دفع عدد متزايد من البلدان إلى أزمات الديون. غير أن المبادرات العالمية الرامية إلى مساعدة البلدان على التغلب على مواطن الضعف أثبتت عدم كفايتها. كما أن هذه البلدان لا تزال تفتقر إلى الشفافية الكاملة لديونها. وتؤدي مواطن الضعف هذه إلى زيادة صعوبة تعافي العديد من الاقتصادات النامية من الانتكاسات التي شهدتها السنوات الثلاث الماضية.

المخرجات والنتائج

بالنسبة لاقتصادات الدول الفقيرة والهشة فأنها ستكون الأكثر تضرراً من تباطؤ النمو العالمي حيث ستزداد تكلفة الديون السيادية وسوف تتأثر أسواقها بتراجع الطلب العالمي. إضافة الى تراجع نمو نصيب الفرد من الدخل في هذه البلدان مما يعزز أزمات الفقر والجوع التي تضاعفت منذ ازمة جائحة كورونا.

ولقد تعهد المشاركون في هذا المؤتمر الدولي المهم على التزامهم برؤيه عالمية عميقة للحد من الفقر وتأثير تباطؤ التنمية على الدول الفقيرة والهشة، وتعهدوا ببحث حلول جديدة لمعالجة مجموعة متواصلة من التهديدات التي تحدِّق بالتنمية والظروف المعيشية للبلدان الهشة من زيادة الضغوط على القطاع المصرفي، واستمرار التضخم إلى تزايد المديونية، وغزو روسيا لأوكرانيا، والمخاطر المتزايدة لتغيُّر المناخ.

كما اتفق المجتمعون على زيادة القدرات الإقراضية لمجموعة البنك الدولي لتصل الى 50 مليار دولار كما علن المؤتمر عن خطوات لتفعيل مساهمة البنك الدولي في التصدي للتحديات العالمية وتشمل هذه الخطوات تعديل نسبة الحد الأدنى للمساهمات في أسهم رأس المال إلى القروض في البنك إلى 19%، ومشروع تجريبي لرأس المال المختلط، وبرنامج لتعزيز الضمانات الثنائية.

أعلن المؤتمر في ختامه على ان مكافحة ازمة المناخ ستكون احدى اهم الأولويات وان البنك الدولي وصندوق النقد سوف يقدمان المزيد من الدعم للمشاريع التي تدعم التنمية الخضراء وتعمق الخطوات والإجراءات التي تحمي الناس من الاثار السيئة لتغير المناخ.

اما حول موضوع الديون السيادية فقد أعلن المؤتمر عن ان تفاقم مشكلة الديون في العالم على نحو غير مسبوق منذ 50 عاماً وطالب المشاركون في اجتماعات الربيع 2023 بضرورة تسريع عملية إعادة هيكلة الديون ورفع كفاءتها وتحسين الية الشفافية والمعلومات بشأن استمرارية القدرة على احمل الديون. وقال وزير المالية الإثيوبي أحمد شيدي في فعالية خلال اجتماعات الربيع “العلاج الذي نحتاج إليه لمشكلة الديون ليس مُعقَّداً. فما نحتاج إليه هو قرار بالمسارعة إلى الخروج من المأزق.”

وفي خصوص الحرب في أوكرانيا تم تخصيص محور مناقشات المائدة المستديرة الوزارية الثالثة لدعم أوكرانيا وقد حضر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي افتراضياً الى هذه المناقشات التي اكدت على ان أوكرانيا سوف تحتاج الى أكثر من 400مليار دولار لإعادة الاعمار والتعافي. وناقش السيد ديفيد مالباس في اجتماع مع دينيس شميهال رئيس وزراء أوكرانيا سبل الاستفادة من النتائج التي توصَّل إليها مؤتمر الربيع 2023 في بناء توافق في الآراء حول إستراتيجية للتمويل طويل الأجل، تتضمن دور القطاع الخاص.

المؤتمر أكد على ضرورة إعادة تشكيل التنمية وتعظيم موارد التمويل لمعالجة تحديات الاقتصاد العالمي هذا بالإضافة الى أهمية تمكين النساء في الدول الفقيرة والهشة وخاصة تمكين رائدات الاعمال وتعزيز دور رأس المال الخاص في التنمية المستدامة. كما ناقش المؤتمر موضوع المبتكرات المالية وانتهى الى ضرورة دعم المبتكرات المالية لتسهيل تعبئة التمويل الخاص، والأنشطة الاستشارية التي يمكن أن تساعد على توسيع إمكانية الحصول على التمويل وتخفيف المخاطر. وأحد الأمثلة على ذلك: السندات المبتكرة المستندة إلى النواتج التي تستخدم نُهُج التمويل المختلط في تعبئة رأس المال الخاص لدعم مشروعات التنمية المستدامة مثل سند البنك الدولي لحفظ الحياة البرية.

في هذا المؤتمر ايضاً تم توجيه الشكر الى رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس الذي يرأس البنك منذ أربعة أعوام وسوف يتنحى عن منصبه في حزيران المقبل.

Comments

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Popular stories