test

التحول الى الداخل.. ماذا تعني سياسات الاكتفاء الذاتي الآسيوية لرجال الاعمال والمستثمرين

Related Articles

التحول الى الداخل.. ماذا تعني سياسات الاكتفاء الذاتي الآسيوية لرجال الاعمال والمستثمرين

تقرير The Economist Intelligence Unit الذي يقدم المعلومات لرجال الاعمال والمستثمرين عن مناخ الاستثمار في اهم الاسواق الاسيوية الناشة 

 ترجمة بتصرف :IFPMC_LONDON 2020

الاقتصاديات الناشئة المتقدمة في اسيا اصبحت تخطط سياساتها الاقتصادية على اساس الاتجاه نحو الداخل بعد ان كانت ترى ان الانفتاح نحو العالم هو اساس الفرص والثراء. حيث يبدوا ان حكومات اسيا لم تعد متيقنة من اهمية الانفتاح على العالم بل وفي بعض الاحيان ترى هذا الانفتاح تهديد حقيقي لفرص الرخاء الاقتصادي. وعليه فان الاقتصاديات الناشة في اسيا تقوم اليوم بعملية اعادة تقييم لسياسات التنمية الاقتصادية التي من المقرر ان تكون لها اثار دائمة على قطاع الاعمال والمستثمرين. ومع استخدام نموذج النمو القائم على الاستثمار والتصدير الذي هو تقليدياً يعتبر النموذج المفضل في الاقتصاد الاسيوي تتطلع الحكومات الاسيوية اليوم الى تنمية اقتصادات اكثر استدامة وقابلية على تحقيق الاكتفاء الذاتي .

 تشير الدراسات الى وجود تحول داخلي في السياسة الاقتصادية كان جارياً بالفعل في آسيا قبل انتشار جائحة وباء كورونا المستجد، لكن الاضطرابات العالمية الناجمة عن الوباء قد عجلت بهذا التحول. وفي الصين، يناقش صناع السياسات استراتيجية “التداول المزدوج” التي تهدف إلى تعزيز القدرة على الصمود من خلال التأكيد على التداول “الداخلي”  للاقتصاد المحلي ليحل محل التداول “الخارجي”  للاقتصاد العالمي. من جهة اخرى، أطلقت الحكومة الهندية حركة  “الاعتماد على الذات”  تهدف إلى تقليل من نقاط الضعف المتصورة لمعالجة سلسلة التوريد. وفي ذات الوقت، وضمن اطار تداعيات جائحة وباء كورونا، اعلنت اندونيسيا عن سياسات استبدال الواردات التي تهدف الى دعم الصناعات المحلية .

هذا التقرير الذي تصدره The Economist Intelligence Unit يهدف الى توضيح التحول الاقتصادي الداخلي الجاري في اسيا.مع التركيز على الاسواق الناشئة الرائدة في اسيا وخاصة الصين والهند واندونيسيا، وتقدم المشورة للشركات والمستثمرين حول اثارها .من اهم النتائج التي توصلت لها هذه الدراسة التقاط التالية:

  • ان سياسة الاتجاه نحو الداخل التي تتجه اليها الاسواق الناشئة في اسيا انما تتحكم بها التوترات الجيوسياسية والمخاوف الامنية. فتركيز الصين على الاكتفاء الذاتي يتشكل من خلال مسار تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة .في حين ان اتباع الهند لنفس السياسة مرده المخاوف من تزايد الاعتماد الاقتصادي على الصين.
  • من اجل تحفيز هذه السياسة،سوف تشهد الاقتصادات الناشئة في اسيا المزيد من الدعم للدخل والانفاق،والذي بدوره سوف يعزز قطاع الاستهلاك في اسيا وفي نفس الوقت سوف تشهد الاسواق الاسيوية المزيد من الفرص التي سوف تقدمها الحكومات لتطوير الصناعات المحلية وتقليل الاعتماد على الواردات.ومن بين القطاعات التي سوف يتم تسليط الضوء عليها هي قطاعالتكنولوجيا في الصين ،والاليكترونيات في الهند ،زقطاع السلع الاستهلاكية في أندونيسيا.

نموذج التداول المزدوج في الصين ..ادارة المخاطر تتفوق على النمو

تدهو العلاقات الدبلوماسية والتجارية بين الصين والولايات المتحدة ادى الى تعميق الدعوات في الصين نحو سياسة اقتصادية اكثر اعتماد على الذات.هذه السنة ناقش صناع السياسة في الصين نموذج “التداول المزدوج” ولقد تم تعريف السوق المحلية باعتبارها الدعامة الاساسية للاقتصاد الصيني ،وليس الاسواق العالمية كما كان يتم في الماضي. انهم يرون بان الاتجاه نحو الاسواق الداخلية سوف يساهم في الحد من تعرض الاقتصاد الصيني لتقلبات الاقتصاد العالمي وخاصة من حيث تقلبات العرض والطلب.

التداول المزدوج من المقرر ان يتم اعتماده بصورة دائمية في خطة الصين الخمسية 2021-2025 والتي من المقرر اصدارها في مارس 2021.ومن المتوقع ان تؤدي خطة التداول المزدوج  هدفها المرسوم منذ فترة طويلة في اعادة التوازن الى الاقتصاد الصيني. الواقع ان هذا الهدف ظهر في خضم الازمة المالية العالمية 2008-2009 حيث دعت الحكومة الصينية الى بذل اقصى الجهود من اجل “توسيع الطلب المحلي ” في الوقت الذي ظهر فيه نموذج النمو القائم على التصدير محدوديته. ومع ذلك، عندما قفز الاستثمار بعد ذلك، شهد الانفاق الداخلي تباطؤاً ملحوظاً. ولقد بلغت حصة الاستهلاك الخاص  من الناتج المحلي الاجمالي حوالي 38% في عام 2019 وهي نسبة ترتفع قليلاً عن نسبة الاستهلاك في العشر سنوات السابقة.

هذا العام، وبسبب تداعيات ازمة وباء كورونا،فانه من المتوقع ان يكون اداء الاستهلاك الخاص هو الجزء الاسوأ في الاقتصاد. وعليه فان خطط سياسية جديدة تهدف الى اعاددة التوازن الاقتصادي ستكون ضرورة ملحة، ولكن وضع سياسات تهدف الى رفع الطلب الداخلي في اطار سياسية التداول المزدوج، سوف تكون غاية في الاهمية. وهذا ليس فقط بسبب ان الاستهلاك الخاص في الصين يوفر افضل قناة يمكن من خلالها تحقيق نمو اقتصادي مستدام وطويل الامد، بل ايضاً الى استشعار الحكومة الصينية بالتغيرات الكبيرة في البيئة الخارجية .

وتشير الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين ورغبة العديد من الدول في الحد من اعتمادها على سلاسل التوريد الصينية، إلى أن الصين تواجه تضاؤلاً في الوصول إلى الأسواق الخارجية في المستقبل. وإلى جانب تنمية السوق المحلية لدفع عجلة النمو، فإن العنصر الرئيسي الآخر للتداول المزدوج سيكون الحد من المخاطر المرتبطة بالاعتماد على الواردات. ونظراً لتدهور مسار العلاقات الدولية  للصين، تشعر السلطات بالقلق إزاء أمن الإمدادات الدولية من الغذاء والطاقة والتكنولوجيا التي تعتمد عليها البلاد.

من اهم توصيات The Economist Intelligence Unit انه في ظل سياسة التداول المزدوج التي تخطط الصين لاعتمادها ، فانه من المهم الحد من نقاط الضعف واعتماد سياسة الاعتماد على الذات في الانتاج والتوزيع وان تكون ذلك اولوية حتى لو ادى ذلك الى تحمل بعض المخاطر والمجازفات.ان تقليل المخاطرات وتعزيز الامن القومي سوف يمكن الصين من تحقيق ” النمو بجودة عالية”.

 التكنولوجيا والطاقة والغذاء سوف تكون القطاعات المحورية

كيف ستطبق سياسة التداول المزدوج قطاعياً في الصين ؟ من حيث طبيعة السياسة الصناعية تتوقع The Economist Intelligence Unit ان يكون هدف هذه السياسة الى ان تكون سلاسل التوريدات متوازية اكثر مع هياكل الطلب المحلي. وهذا سوف يتناقض مع الاهداف الموسعة لمبادرة “صنع في الصين 2025” المثيرة للجدل ،والتي تهدف الى تامين حصة السوق العالمية في مختلف القطاعات الناشئة. ومن دون تشجيع الصادرات، فان السياسات الصناعية وسياسيات الدعم سوف تركز على نقاط الاختناق حيث ينظر الى الصين بانها تعتمد اعتماداً خطيراً على الواردات.

التكنولوجيا

ومن بين جميع القطاعات، تبرز التكنولوجيا باعتبارها المجال الذي من المرجح أن يحظى بالدعم الواسع وصولاً الى تحقيق الاكتفاء الذاتي، مع أشباه الموصلات أو الدوائر المدمجة (ICs) التي تحظى بالاهتمام المتزايد. وقد تم  تسليط الضوء على الضعف في هذا القطاع خلال حملة الضغط التي مارستها الولايات المتحدة على شركة (Huawei) وغيرها من شركات التكنولوجيا الصينية وذلك عبر الإجراءات الأمريكية لتقييد الوصول إلى التكنولوجيا العالمية من خلال ضوابط التصدير.

ال (CIs) هي عنصراً حاسماً في الصناعات الاليكترونية وهي اكثر سلعة تستوردها الصين، حيث تمثل 15% من اجمالي واردات الصين للعام 2019 ، وتعد تايوان وكوريا الجنوبية وماليزيا اكبر موردي (CIs) الى الصين. وتعهدت الصين بتقديم مليارات الدولارات لتطوير بدائل محلية  لتقليل استيراد (CIs)، ولقد شمل ذلك استثمار بمليارات الدولارات لتمويل هذه الصناعة في عام 2014. كذلك 2020 تم الاعلان عن اعفاءات ضريبية لمدة عشر سنوات للشركات التي تنتج (CIs) ، في حين من المتوقع ان تبذل الصين المزيد من جهود لتعزيز البحث والتطوير، والتعاون مع الجامعات والعلماء.

ولكن حتى مع مثل هذا الدعم السياسي، سوف تواجه الشركات الصينية تحديات اللحاق بالمنافسين الكوريين الجنوبيين والامريكان والتايوانيين المتطورين في هذا المجال والذين لايزالون يحتفظون بمزايا التفوق في تصميم وتصنيع تكنولوجيا المعلومات الفائقة الدقة. وسوف يتطلب التنافس في هذا المجال عملية تنمية الانظمة البيئية وكذلك  تطوير وبناء قاعدة صلبة من المواهب والخبرات.اما خيارات تسريع رفع مستوى الانتاج المحلي للتكنولوجيا الدقيقة عن طريق عمليات الاندماج والاستحواذ فقد اصبح اكثر صعوبة  نتيجة لزيادة الرقابة على الاستثمار الصيني الخارجي في اسواق المنشأ، ولا سيما في مجال التكنولوجيا. وبينما سوف تتاّكل باضطراد الحصة السوقية للشركات الصينية داخل البلاد من الواردات، من غير المرجح ان تكون الصين قادرة على تقديم بدائل متوسطة الاجل للرقائق الالكترونية الاجنبية الفائقة الدقة، بما في ذلك تلك المطلوبة لتطبيق تكنولوجيا ال 5G و 6G .

الطاقة

تعتبر الصين،التي هي من أكبر مستوردي الطاقة في العالم، أن أمن الطاقة هو أحد أهم أولوياتها، حيث ان اي خطر محتمل على امدادات الطاقة سوف يكون له اثار خطيرة على الانتاج الصناعي والاستهلاك. في عام  2019  كان ما يقرب من 85٪  من استهلاك النفط في الصين مستمدًا من الواردات، في حين استأثرت الغاز المستورد بأكثر من 40٪ من الاستهلاك. وعلى النقيض من التكنولوجيا، فإن الصين أقل اعتماداً على الولايات المتحدة وحلفائها في استيراد الطاقة – حيث تعد المملكة العربية السعودية وروسيا أكبر موردي النفط، في حين يأتي الجزء الأكبر من واردات الغاز من تركمانستان. ومع ذلك، فإن المخاوف بشأن الاضطرابات المحتملة للشحنات، بما في ذلك عبر الممرات البحرية في بحر الصين الجنوبي حيث ترتفعت التوترات الجيوسياسية، تشير إلى أن أمن الطاقة سيكون سمة من سمات استراتيجية التداول المزدوج.

وسوف يضل السبيل المستقبلي الواعد لتطوير موارد الطاقة هو مجال الطاقة المتجددة التي شكلت ما يقرب من 20% من استهلاك الطاقة  في 2019.  وقد استثمرت الصين بكثافة في المنطقة ولا تزال العائدات المتاحة من مصادر الطاقة المتجددة مرتفعة مقارنة بالبلدان الأخرى، مع تحسن مطرد أيضاً في القضايا المتعلقة بوصلة الشبكة. وفي إطار قطاع الطاقة المتجددة، نعتقد أن طاقة الرياح والطاقة النووية ستُؤخذ في الأولويات. ولا تزال طاقة الرياح البحرية غير مستغلة نسبيا، ومن المرجح أن تشهد استثمارات من المقاطعات الساحلية، أكبر مستهلكي الطاقة في الصين. كما أنسياسة  التداول المزدوج سيشجع على التحول إلى التكنولوجيا المحلية في مجال الطاقة المتجددة؛ في القطاع النووي،حيث من المقرر أن تستخدم المحطات الجديدة قيد الانشاء في الصين التكنولوجيا الصينية بدلاً من استيراد التكنولوجيا من الولايات المتحدة او غيرها. إلى جانب ذلك، ستواصل الصين تعميق علاقاتها الدولية في قطاع الطاقة، وكثير منها تحت مظلة مبادرة الحزام والطريق، ومن المرجح أن تلعب دوراً أوثق من حيث الإشراف على هذه الموارد وحمايتها. وعلى المدى الطويل، ستكون الجهود الرامية إلى خفض كثافة الطاقة من الأولويات أيضاً، مع الإشارة إلى فرص حماية البيئة والصناعات الاستهلاكية الخضراء.

الغذاء

تعرضت الصين للعديد من الصدمات والتحديات التي اثارة مخاوف بشأن الامن الغذائي.في عام 2018 واجهت الصين تفشي انفلاونزا الطيور وكذلك حمى الخنازير الافريقية التي قضت على انتاج الخنازير الذي يعتبر مصدر البروتين الاساسي في الصين. ايضاً لاتزال الصين تعاني من انقطاع الامدادات الناجم عن وباء كورونا المستجد، وفي اطار الحرب التجارية، تكافح الصين نتيجة انخفاض شحنات فول الصويا الامريكية والتي تعد اساس الاعلاف الحيوانية التي تعتمدها الصين.

الامن الغذائي في الصين يعاني ايضاً من عوامل هيكلية داخلية تتعلق بالتحضر وارتفاع نسبة الشيخوخة بين السكان التي تؤثر بدورها على نقص العمالة في القطاع الزراعي. ايضاً تبرز مشكلة الاعتماد الواسع على استيراد الحبوب والتكنولوجيا الزراعية والمستنبتات الاجنبية، وتجدر الاشارة الى انه وفي الوقت الحالي فان الصين تعتمد على فول الصويا المستورد فقط لتلبية احتياجاتها المحلية. وتتوقع الاكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية (وهي مؤسسة بحثية تابعة للحكومة الصينية ) حدوث نقص في الانتاج الزراعي سيبلغ حوالي 25 مليون طن في القمع والذرة والارز بحلول عام 2025. والواقع ان الامدادات الغذائية تؤدي الى تأثير مباشر على اسعار المستهلكين مما يهدد بعواقب كبيرة على الاستقرار الاجتماعي.

هنالك امكانات واسعة  لتعزيز الانتاج المحلي من المواد الغذائية الاساسية لسد النقص في الانتاج. الانتاج الزراعي في الصين منخفض مقابل وجود كثافة في اليد العاملة وعليه تقترح The Economist Intelligence Unit الى امكانية احداث زيادة في الانتاج عن طريق تحديث وتطوير انظمة الانتاج الزراعي واستخدام التكنولوجيا. الان ان احداث تقدم في هذا المجال غالباً ما يسطدم مع بطء وتيرة اصلاح الاراضي في الريف مما يرجح استمرار الاعتماد على الواردات الزراعية لسد النقص. وفي مجال الاستيراد الزراعي، على المدى القصير سوف يتمتع المزارعون الامريكيون من فرصة تصدير محاصيلهم الى الصين بنائاً على اتفاقية شراء المنتجات الزراعية المنصوص عليها في الاتفاق التجاري المبرم بين الصين والولايات المتحدة في 2020. ولكن على المدى الطويل سوف تحرص الصين على تنويع مصادر الاستيراد وهو ما يمكن ان يقدم فرص للمزارعين في اوربا وامريكا اللاتينية وايضاً المزارعي دول اتفاقية الحزام والطريق (BRI).

الرعاية الصحية والقطاعات الاخرى

ماعدى المجالات السابقة الذكر ،الصين تتجه نحو تطوير الانتاج الصناعي في قطاعات اخرى تحقق اعلى قدر ممكن من الاستقلالية. على سبيل المثال فان الصين لاتزال تعتمد بصورة كبيرة على استيراد الادوية والمعدات الطبية العالية التقنية، مثل ادوية العلاج الكيميائي واجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي. وهذا الموضوع اكتسب اهمية خاصة لدى صناع القرار في الصين في خضم تفشي ازمة وباء كورونا المستجد.ونتيجة لذلك سوف يدفع صناع السياسة باتجاه تقديم دعم اكبر لمجالات الاستثمار في البحث العلمي.

ايضا تتجه الصين نحو مزيد من الاكتفاء الذاتي في مجالات اخرة تخص سلاسل التوريدات الصناعية وخاصة اعتماد انظمة سيطرة مركزية في قطاعات القطارت وووسائل النقل الاخرى، توربينات الغاز المستخدمة في توليد الطاقة ،وايضاً مجال تصميم و برمجة انظمة المحاكاة المستخدمة في صناعة الطائرات والسيارات. ومع ان المجالات السابقة ركزت على الكيفية التي يمكن ان تجعل السياسة الصناعية قادرة على سد فجوة الاستيراد الخارجي ،الا ان الاعتماد على هذه القطاعات لن يكون كافياً لتحقيق اهداف سياسة ” التبادل المزدوج”

تطوير الاستهلاك والرقمنة

هنالك شكوك من ان تقوم سياسة الصين الجديدة “التبادل المزدوج” بتركيز جهودها على قطاع الاستهلاك.مع ان الدراسات تشير الى حدوث ارتفاع في الدخل الفردي حيث من المتوقع ان يزداد عدد الاسر التي يبلغ دخلها 25000 دولار الى ما نسبته 50 في المائة من السكان بحلول عام 2030 .وسيكون هنالك استثمار اكبر في تعميق شبكة الضمان الاجتماعي ،احتمالات اجراء تخفيض في ضريبة الدخل، اضافة الى اتساع نسبة التحضر والذي سيشمل المدن الصغيرة والكبيرة. ومع هذا فان تطوير الدخل الفردي الذي يحفز الاستهلاك لايزال يعاني من العديد من التحديات في الصين. وتسعى الحكومة الصينية الى رفع مستوى الاستهلاك وتوجيه تركيز المستهلكين نحو الانفاق على التكنولوجيا الرقمية لتحل محل السلع الاستهلاكية، حيث تعتبر التجارة الرقمية هي التجارة التي سوف تحدد القيادة في العالم.

الهند المكتفي ذاتياً:: اغلاق الباب امام الصين

ان المبادرة التي اطلقها رئيس وزراء الهند (ناريندرا مودي) والتي اطلق عليها شعار “أتما نيربهار بهارات” او الهند المعتمدة على الذات ،انما هي تتويج لعوامل متعددة تعكس التحديات الامنية والاقتصادية التي تواجه الهند. وباء كوفيد-19 ادخل الهند في تحديات اقتصادية جدية حيث ان نمو الناتج المحلي الاجمالي (GDB) كان في اتجاه تنازلي لثلاث سنوات متتالية حيث تباطأ الى 4,2 % في السنة المالية 2019/2020 (ابريل -مارس) مما خلق  تحديات لتأمين فرص العمل ل5 ملايين عامل يدخلون سنويا الى سوق العمل في الهند.

لقد كان لانخفاض قدرات الدولة و ضعف البنية التحتية للمؤسسات الصحية واكتضاض مراكز المدن بالسكان الاثر البالغ في تأثر الهند بجائحة وباء كورونا المستجد والذي بدوره اثر على الاقتصاد بشكل كبير. وسجلت الهند نسبة انكماش اقتصادي بلغت 23,9% والذي كان الاكثر حدة بين دول مجموعة العشرين. عموماً فان في حين ان مبادرة الاعتماد على الذات تركز على الاقتصاد الهندي، فان الامر يتعلق بنفس القدر على الحد من اعتماد الهند الاقتصادي على الصين.ولقد ازدادت المواقف المتصلبة الهندية حيال الصين في السنوات الاخيرة واسفرت الاشتباكات الحدودية التي وقعت بين البلدين في يونيو/حزيران 2020 عن الرأي القائل بان الجارة الاكبر والاكثر قوة تمثل تهديداً للامن القومي الهندي.

مبادرة الاعتماد على الذات او الاكتفاء الذاتي تعطي الاولوية لثني الهند عن الواردات الصينية وفي نفس الوقت التاثير في اعادة تقييم العلاقات مع الصين عبر العالم لجذب سلاسل التوريدات .

سياسات متضاربة

تهدف مبادرة الاعتماد على الذات الى تحسين بيئة الاعمال المحلية وحمايتها من المنافسة الدولية ،وتهدف المبادرة ايضاً الى وضع الهند كمُصدر رئيسي للسلع الى العالم ، وايضاً مساعدة هذه الصناعات المحلية وزيادة نسبة الاستثمار الاجنبي المباشر. يضاف الى ذلك الهدف الاساسي المتمثل في الحد من اعتماد الهند على الاسواق الخارجية في تلبية احتياجات السوق الداخلي وخاصة الاستيراد من الاسواق الصينية.

وفي محاولتها لتحقيق اهدافها الامنية والاقتصادية، السياسة الهندية تبدوا ذات ديناميكيات متضاربة. على سبيل المثال، سياسة الهند “الاكتفاء الذاتي” تهدف الى الحد من الاستيراد للاسواق المحلية لكنها في نفس الوقت فتح الاقتصاد والتصدير الى جميع انحاء العالم. وهذا التوجه يشبه الى حد كبير سياسة “صنع في الهند” التي تم اطلاقها عام 2014 لتعزيز النمو في قطاع الصناعة.ومع ذلك، يسود اعتقاد بانه نظراً للتحديات الاقتصادية والسياسية الحادة التي تواجها الهند، سيكون هنالك دفع اكثر استدامة وقوي باتجاه حماية الصناعات المحلية في اطار مبادرة “الاكتفاء الذاتي”، مما يعيد الهند ماقبل مرحلة الاليبرالية الاقتصادية التي كانت سائدة قبل عام 1991.

 وفي اطار سياسة “الاكتفاء الذاتي ” تتوقع The Economist Intelligence Unit ان تقوم الحكومة الهندية من تخفيف اللوائح المحلية ،وستعطي اهمية خاصة لتخفيف قوانين الاراضي والعمل التي كانت من اهم القضايا الحاسمة للشركات الخاصة.

وفي ما يخص قوانين العمل، وبالرغم من حدوث بعض التقدم الملموس في هذا الجانب خاصة مع قيام العديد من الولايات الهندية بتعليق تنظيمات العمل للسنوات القادمة عبر سلسة من القوانين، لكن من المتوقع ان تنخفض نسبة التقدم مع ازدياد المعارضة الداخلية . من جهتها، اعلنت الحكومة الهندية بانها سوف تنسحب (دون تحديد اطار زمني) من دعم القطاعات غير الاستراتيجية في الاقتصاد الهندي من خلال خصخصة الشركات المملوكة للدولة والمعروفة باسم (مشاريع القطاع العام او ما يعرف ب PSUs) وخفض عددها الى اربعة كحد اقصى شرط ان تكون تمثل قطاعات استرايجية وهو امر يمنح فرصة لازدهار مشاريع القطاع الخاص والالاستثمار الاجنبي. ولتحقيق هذا الهدف يجب على الحكومة الهندية ان توسع من نظم الحوافز القائمة لتحسين الانتاج ودعم مشاريع البنية التحتية التي من شأنها ان تجتذب الاستثمار الاجنبي وتدعم الصناعات المحلية. وفي خطوة لخفض الواردات ومواصلة دعم الصناعات المحلية، يتوقع التقرير أيضاً أن تزيد الحكومة الحواجز غير الجمركية على المنافسة المنخفضة التكلفة للصناعات التحويلية الهندية، من خلال تعديل معايير مراقبة الجودة، وزيادة معدلات التعريفة الجمركية على المنتجات التي يمكن أن تصنع بدلاً من ذلك في الهند.

وفي ما يلي اهم القطاعات في الهند التي تم تصنيفها لتكون في وضع يسمح لها بالحصول على الدعم السياسي الواسع من قبل الحكومة الهندية للسنوات القادمة.

صناعة الالكترونيات والتجميع

من هذه الصناعات هي صناعة الاليكترونيات والاجهزة الدقيقة والتي تأتي في مقدمة الصناعات التي تدعم خطة الهند “الاكتفاء الذاتي” التي تهدف الى تنشيط الصناعة وتقليل الاعتماد على الاستيراد من الخارج وخاصة الصين. وقد مثل قطاع الصناعات الاليكترونية وقطاع التجميع حوالي اكثر من 10% من قائمة الاستيراد في عام 2019 في حين ان الصين وهونغ كونغ تحتل اكثر من 50% من قائمة الاستيرادات الى الهند. والجدير بالاشارة الى ان الهند تستورد اكثر من 90% لصالح قطاع تصنيع وقطع غيار اجهزة الهاتف النقال.

هنالك  نظام صناعي ناشئ لتصنيع الهواتف المحمولة في الهند. ويرجع ذلك إلى ارتفاع معدلات التعريفة الجمركية المطبقة على وارداتها ورغبة في الاستفادة من مخططات الحوافز التي تطبقها الحكومة، مثل مخطط تشجيع تصنيع المكونات الإلكترونية وأشباه الموصلات (SPECS) والحوافز المرتبطة بانتاج (PLI) . هذا وقد وفرت SPECS حافزًا ماليًا بقيمة 25٪ من النفقات الرأسمالية لدعم إنشاء البنية التحتية اللازمة ، في حين توفر PLI حافزًا بنسبة 46٪ على المبيعات الإضافية للمنتجات لمدة خمس سنوات. وقد أدت هذه المخططات بالفعل إلى الاستثمار من قبل الشركات المصنعة الأجنبية مثل(Foxconn) و(Samsung) و(Pegatron) ،واخرين. ونظراً لنجاح هذه المخططات وحرص الحكومة الهندية على إنشاء نظام صناعي للقطاعات الأخرى أيضاً، من المتوقع  أن تطرح الهند مخططات مماثلة لتصنيع منتجات مثل الخلايا الشمسية وقطع غيار السيارات والبطاريات.

صناعات الادوية والمعدات الطبية

الهند هي مركز لتصنيع الأدوية الصيدلانية منخفضة التكلفة – وهي صناعة أساسية لتلبية احتياجات الرعاية الصحية المحلية ومن اهم السلع المخصصة للتصديرالى الاسواق العالمية. ومع ذلك، فإن هذه الصناعة  تستورد من الصين 40% من المواد الاولية والمستحضرات الخام اللازمة لانتاج العقاقير الطبية المنتجة في المصانع المحلية الهندية. من جهة ثانية فان نسبة استيراد الاجهزة الطبية تبلغ 60% وفقاً لبيانات اتحاد الصناعات الهندية.

وتحرص الحكومة الهندية على خفض استيراد الصناعات الأساسية مثل المستحضرات الصيدلانية، وخاصة من الصين. وقد طرحت خطة PLI في يوليو، على غرار النظام الخاص بتصنيع الهواتف المحمولة، لتحفيز التصنيع المحلي للمكونات الرئيسية للمستحضرات الصيدلانية والأجهزة الطبية. اضافة الى ان الحكومة الهندية وضعت خطط متكاملة لتطوير البنية التحتية لصناعت الادوية والاجهزة الطبية .

قطاع البنوك

تعتبر الحكومة الهندية  القطاع المصرفي على أنه من اهم القطاعات ذات الاهمية الاستراتيجية.  و تمشياً مع الالتزام بموجب مبادرة “الهند المعتمدة على الذات”، فأن عدد البنوك التي تديرها الدولة سوف يتم خفضه إلى أربعة بنوك من اصل 12 مصرفاً حالياً. وتتوقع The Economist Intelligence Unit  أن يتأثر القطاع المصرفي الهندي، ولا سيما المصارف التي تديرها الدولة، تأثراً شديداً بارتفاع القروض المعدومة التحصيل (bad loans) بسبب الوباء، ومن المرجح أن تحتاج تلك البنوك الى مبالغ كبيرة من رأس المال لاستيعاب الخسائر. هذا بالاضافة الى حساباتها المالية الفضفاضة التي ستقود الحكومة لتصفية اسهمها في العديد من البنوك الصغيرة مثل بنك (PSU)، ليس فقط بسبب رغبتها في خفض عدد البنوك المملوكة للدولة الى اربعة فقط بل وكذلك لجمع اكبر قدر ممكن من التمويل وضخه في رأس المال. ومع ضعف بنية راس المال في مصارف القطاع العام ،فان بنوك القطاع الخاص ذات راس المال القوي والتي تتمتع بانخفاض نسبة القروض المعطلة فيها، هذه البنوك ممكن ان تتوسع حصتها في السوق بشكل كبير.

الدفاع وتكنولوجيا الطيران

تعتبر الهند واحدة من أكبر قوات الدفاع في العالم، ولكن الافتقار إلى صناعة دفاعية محلية يعني أيضا أنها واحدة من أكبر مستوردي الأسلحة في العالم. ونتيجة لذلك، حددت الحكومة هذا القطاع  كاحد القطاعات الصناعية التي يشملها الدعم الحكومي. التزمت وزارة الدفاع بحظر استيراد 101 قطعة، من الأسلحة النارية إلى الغواصات وصواريخ كروز بعيدة المدى، على مراحل حتى عام 2025. القوات المسلحة الهندية تتهيأ لشراء ما قيمته 53.7 دولار امريكي من الاسلحة المشمولة بالحظر من السوق المحلية. ولزيادة دعم الانتاج العسكري المحلي تم خفض القيود المفروضة على الاستثمار الاجنبي في هذا القطاع.

سلبيات المخاطر الاقتصادية

خطة الهند ” الاكتفاء الذاتي” تقدم فرص الى القطاعات الاقتصادية المختلفة ولكن في ذات الوقت تنطوي على عدد من المخاطر. فقد تؤدي السياسات الحمائية للهند ورفع قيمة التعريفات الكمركية على الواردات الى تعرض الهند الى اجراءات عقابية مقابلة والغاء الفوائد التجارية من شركائها. ومؤخراً الغت الولايات المتحدة افضليات وصول الهند الى اسواقها بموجب نظام الافضليات العالمية وقد تم رفع التعريفات الكمركية على الواردات من السلع الهندية. ايضاً فان سياسة الهند الحمائية سوف تبعدها عن التكتلات التجارية الاقليمية الناشئة التي يمكن ان تستفيد منها. ومن سلبيات ومخاطر سياسة “الاكتفاء الذاتي” هو احتمال ان تؤثر الحواجز الكمركية وغير الكمركية على قدرة الحكومة الهندية على القيام بالاصلاحات الشاملة المطلوبة في مختلف المجالات. اذا لم تقم الحكومة بفتح مختلف القطاعات امام مشاريع القطاع الخاص وتخفيف القيود التنظيمية المفرطة وخصخصة PSUs او شركات القطاع العام الخاسرة ، عندها فان قطاع الصناعة في الهند سوف يصبع اقل تنافسية اضافة الى انه سيؤثر في قدرات الهند المستقبلية في العودة الى الانفتاح الاقتصادي.

اندونيسيا : عودة نموذج استبدال الواردات 

قرارات الاقتصاد في اندونيسيا تظهر ملامح العودة الى سياسات استبدال الواردات. وفي السنوات الاخيرة بدأ البلد ملتزماً باتفاقات التجارة الحرة التي تتطلع الى الانفتاح نحو العالم. وقد حصلت دول رابطة دول جنوب شرق اسيا (اسيان ASEAN) من خلال المواثيق التأسيسية للجماعة الاقتصادية للاسيان المعروفة باسم (AEC) على تخفيضات كبيرة في العريفات الكمركية. وكانت اندونيسيا من بين اكثر المؤيدين للشراكة الاقتصادية الاقليمية الشاملة (Regional Comprehensive Economic Partnership) وهي احدى اضخم الاتفاقيات التجارية الاقليمية والتي وضعت لتنسيق وموازنة الاتفاقيات التجارية القائمة. ومع ذلك، فإن المشاعر الحمائية لم تكن أبدا بعيدة عن السطح، وربما تنظر اندونيسيا إلى اتفاقات التجارة هذه في المقام الأول على أنها طرق لتعزيز صادراته. وقد أعرب الرئيس الإندونيسي (جوكو ويدودو) عن مخاوفه بشأن تحول إندونيسيا مقصداً للصادرات من الدول الأعضاء الأخرى في رابطة أمم جنوب شرق آسيا بمجرد الانتهاء من إنشاء مجموعة (AEC).

لقد تمكنت الحكومة الإندونيسية من الاحتفاظ بالعديد من الحواجز غير الجمركية، على الرغم من خطابها كما تمكنت الحكومة الاندونيسية من الاحتفاظ بالعديد من الحواجز غير الجمركية بالرغم من سياسة “استبدال الصادرات”. ووفقا للبنك الدولي، تخضع 69 في المائة من واردات السلع إلى إندونيسيا لتدابير غير جمركية، مثل متطلبات التفتيش قبل الشحن وتعقب المنتجات، مقارنة بنسبة 31.1 % في تايلند و 38 % في فيتنام. وإلى جانب حماية أجزاء من الاقتصاد المحلي، تتأثر السياسة الإندونيسية تجاه التجارة والاستثمار عبر الحدود بعوامل هيكلية أيضاً، من اهم تلك العوامل  العجز المستمر في الحساب الجاري والذي لطالما شكل مصدر قلق طويل الأمد للحكومات الإندونيسية المتعاقبة بسبب التقلبات التي يمكن أن يسببها ذلك في قيمة الروبية. ويزيد ضعف الروبية في تحمل تكلفة سداد الديون الخارجية للبلد.

خارطة الطريق لاستبدال الواردات

ان جائحة وباء كورونا باتت تعد من اهم المتغيرات التي تشجع الحكومة الاندونوسية نحو الاتجاه الى الداخل. وفي يوليو/تموز من هذا العام، حددت وزارة الصناعة في إندونيسيا هدفاً يتمثل في الحد من الاعتماد على الواردات عبر مجموعة من القطاعات، بما في ذلك الآلات والكيماويات والمعادن والإلكترونيات، بهدف تحويل 35% من الواردات الحالية في هذه المناطق إلى مصادر محلية بحلول عام 2022 . وفي حين أن خارطة الطريق لا تزال في مرحلة التخطيط، إلا أنها تبدو وكأنها نسخة أكثر تأكيداً لخطط الاكتفاء الذاتي السابقة المدعومة من الوزارة، مثل الخطط التي تستهدف حصة أكبر من المنتجات المحلية في المشتريات الحكومية. وتأمل السلطات أن تساعد هذه الحملة على زيادة معدلات التصنيع المحلي وخلق المزيد من فرص العمل للسكان. وفي حين أن التفاصيل لا تزال تتشكل، فإن من المرجح ان تقوم الحكومة الاندونيسية بالمزيد من عمليات مراقبة الحدود والحظر المباشرين للاستيراد، والمزيد من اجراءات التفتيش قبل الشحن وفرض بعض القيود على الموانئ .

ايضا حكومة اندونيسيا تدرس خطة اصلاح تشمل:

– شهادات المعايير الوطنية المعروفة باسم (المعيار الوطني الأندونيسي او SNI) وتطبيقها على المزيد من الاستيرادات .

-إعادة تشكيل برنامج يهدف إلى زيادة استخدام السلع المحلية (المعروفة باسم (P3DN).

– وزيادة  التعريفة الكمركية على بضائع  “الدولة الاولى بالرعاية ” .

هذا البرنامج الحكومي يحيط به عدد من المخاوف.

اولاً: ستساعد الاجراءات الحمائية الشركات المتعثرة المملوكة للدولة المعروفة باسم (SOEs). أبرز هذه الشركات الناشئة هي شركة (بي ت كراكاتو  PT Krakatau)، وهي شركة لصناعة الصلب تعتمد على الدعم الحكومي وتكافح من أجل إعادة هيكلة ديونها. وقد طلبت الحكومة إخضاع جميع الصلب المستورد لنظام المعيار الوطني الاندونيسيSNI  ابتداء من سبتمبر، وهي مبادرة دفعت بها الشركة.

ثانياً: وإلى جانب ذلك، أدت الواردات من السلع الكثيفة الاستخدام لرأس المال في قطاعات الإلكترونيات والآلات والمستحضرات الصيدلانية إلى استنزاف النقد الأجنبي في إندونيسيا وتوسيع العجز التجاري.

السلع الاستهلاكية والمعادن :القطاعات القائدة للفرص

المرجح أيضاً ان تقوم حكومة اندونيسيا بتقديم حوافز إيجابية للكيانات المحلية العاملة في القطاعات التي تستوردها الاسواق الاندونيسية بكثافة . وشملت أكبر واردات إندونيسيا من السلع في عام 2019 الآلات والآلات الكهربائية والحديد والصلب والبلاستيك. وستكون هذه المجالات مجالاً مهمهاً يحضىب تركيز السياسات بالنسبة للسلطات في سعيها إلى تعزيز مستويات الإنتاج المحلي.

وستختلف احتمالات الاستعاضة عن الواردات حسب القطاع. ومن غير المرجح أن ينجح خفض واردات الآلات وغيرها من السلع الكثيفة رأس المال. فضعف اجراءات حماية الملكية الفكرية وانخفاض قدرات البحث والتطوير يجعلان عملية انتاج الالات المحلية المتقدمة هدف بعيد المنال. الصناعات الستهلاكية المباشرة او ما يعرف ب(Consumer-facing) لديها فرص افضل للنجاح نظراً لقربها من السوق المحلية المتنامية. ومن المرجح أن تكون صناعات مثل الأغذية والمشروبات وصناعة السلع الاستهلاكية من الصناعات المتلقية للدعم الحكومي. ويمكن أن تمتد الفرص لتشمل قطاعات مثل صناعة السيارات والإلكترونيات الاستهلاكية إذا تمكنت إندونيسيا من إحراز تقدم أوسع نطاقاً في تحسين بيئة الأعمال والبنية التحتية. وستكون قطاعات المعادن والبلاستيك والنفط والغازمن القطاعات المشمولة بالدعم  بالنظر إلى هيكل الطلب على الواردات في إندونيسيا. كذلك سيستفيج المنتجون المحليون للالمنيوم والحديد والصلب من شرط الحصول على معايير الجودة الاندونيسية (SNI) لاستيراد هذه السلع من الخارج والذي سوف يقدم فرصة لهؤلاء المنتجين لمنافسة السلع المستوردة .

اما من حيث مصادر الطاقة، فانه ما لم يتم الاستثمار بقوة في مجال الاستكشاف، من الصعب تصور أن توقف إندونيسيا انخفاض إنتاج النفط الذي أدى بها إلى أن تصبح مستوردا صافيا للوقود، ولكنها ستسعى إلى تحسين كمية أكبر من إنتاجها المحلي داخل حدودها. كما ستكون هناك رغبة في حماية الفائض التجاري الذي تحتفظ به للغاز الطبيعي، مما قد يؤدي إلى ربطها بالمستثمرين الأجانب. كما ستكون هناك رغبة في حماية الفائض التجاري الذي تحتفظ به للغاز الطبيعي، مما قد يؤدي إلى ربطها بالمستثمرين الأجانب. وقد حددت خطة العمل الاستراتيجية للحكومة وخطة “صنع في إندونيسيا 4.0” في وقت سابق بعض تدابير الدعم العامة، بما في ذلك إنشاء مرافق التدريب المهني، وتحسين إمكانية الحصول على البنية التحتية، وتعزيز الدعم الائتماني للصناعات ذات الأولوية. غير أنه من المرجح أن يتم إدخال عدد قليل من مخططات الدعم الملموسة، نظراً لضيق الحيز المالي. ولذلك، فإن محور تركيز السياسة العامة سيكون على التعديلات الاستراتيجية للنظام التجاري، بما في ذلك الحواجز غير الجمركية، والحماية المستمرة للشركات المملوكة.

استجابة لتحول اسيا نحو الداخل

بالنسبة للشركات والمستثمرين الذين تعبر استثمارتهم الحدود الوطنية، فإن التحول الاقتصادي نحو الداخل  في آسيا قد يكون مقلقاً. إن السياسات التي تهدف إلى الحد من الواردات أو إعطاء الأولوية للشركات المحلية تخاطر بالحد من وصولها إلى بعض من أكبر الأسواق الناشئة على مستوى العالم. وبقيادة الصين والهند وإندونيسيا، سجلت آسيا بعض أسرع معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي على الصعيد العالمي قبل فيروس كورونا، ويعتقد تقرير The Economist Intelligence Unit  أن المنطقة ستكون الأسرع في التعافي الاقتصادي من الوباء.

في الواقع، من غير المرجح أن يكون الباب قد اغلق تماماً امام المستثمرين الأجانب، والمراقبون الاقتصاديون لايرون تحولاًت دراماتيكياً في سياسات التحول االى الداخل او حتى اتباع نموذج الاكتفاء الذاتي. إن اسواق الصين والهند وإندونيسيا لاتزال تعتمد على السلع ورؤوس الأموال الأجنبية التي سيكون من الصعب تآكلها، حتى مع وجود سياسات الاستثمار في الداخل,وينبغي أن يكفل ذلك استمرار دور التجارة والاستثمار الخارجيين.

وتشير الجهود التي تبذلها هذه البلدان لتعزيز اقتصاداتها المحلية من خلال الإصلاحات الهيكلية إلى تعزيز الفرص التجارية. غير أنه ستكون هناك اختلافات بين البلدان الثلاثة.

الصين هي الأكثر تقدماً من الناحية الاقتصادية في المجموعة، ومن المرجح أن يكون تبنيها للمشاركة الأجنبية أكثر انتقائية، نظراً لمواردها المحلية الأكبر. وستظل هناك مجالات ستحرص فيها السلطات على جذب المزيد من رأس المال الأجنبي عندما يتماشى مع الأهداف الاستراتيجية والاقتصادية؛ فالممارسات التي تم القيام بها مؤخراً للمستثمرين الأجانب في القطاع المالي، على سبيل المثال، سوف تشجع الشركات المحلية على رفع قدرتها التنافسية، مع توفير مصدر مؤثر للدعم الخارجي لاستقرار العلاقات الدبلوماسية مع الصين. بيد أن الاتجاه العام سيكون نحوتقليص دور الشركات الأجنبية مع توسيع نطاق الشركات المحلية لحصتها في السوق.

ومن المرجح أن تكون الهند وإندونيسيا أكثر قبولا للمشاركة العالمية. ولا تزال سياسة “الاكتفاء الذاتي” في الهند تحتفظ بدور بارز للاستثمار الأجنبي وفتح الاسواق الهندية لاستيعاب الواردات من جميع دول العالم ، باستثناء الصين. وفي إندونيسيا أيضاً، وعلى الرغم من التوسع في سياسات “استبدال الواردات”، لا تزال الحكومة حريصة على الترحيب بالاستثمار الأجنبي في مجالات مثل التصنيع والتجارة الإلكترونية والبنية التحتية، في حين تم تخفيف الحدود القصوى للملكية الأجنبية في بعض القطاعات.

 وستكافح كل من الهند وإندونيسيا في تحقيق هدفهما المتمثل في رفع (سلسلة القيمة) دون دعم أجنبي، والمسؤولين في البلدين يتوقعون وجود فرص لجذب الاستثمارات خاصة مع اعادة تموضع  سلسلة التوريدات القادمة من الصين. بيد أن التحديات التشغيلية التي يواجهها المستثمرون الأجانب ستكون كبيرة ما لم يحرز تقدم نحو إلغاء القيود المفروضة على أسواق الأراضي والعمل في كلا البلدين. ومن الناحية الاستراتيجية، سوف يكون للاكتفاء الذاتي في آسيا آثار واسعة النطاق على الشركات الأجنبية والمستثمرين الأجانب. وبما أن الشركات تتعرض لضغوط لإظهار قيمتها للاقتصاد المحلي، فان المطلوب من شركات الاستثمار الاجنبية ان تكون اكثر براعة في الاستجابة لديناميات السوق المحلية وذلك من خلال.

 -تنويع الخيارات المتاحة أمام الشركات،

 -زيادة الإنفاق على البحث والتطوير المحلي

-وزيادة الايرادات الاستثمار في اطار نظام يسهل  الوصول المبكرة إلى الابتكار

– توفير المزيد من الموارد للمكاتب الاقليمية.

-والمواءمة الدقيقة مع السياسات الصناعية الحكومية والحوافز الضريبية.

ولكن ايضاً وبطبيعة الحال، فإن التحركات نحو المزيد من العمليات المحلية سوف تخلق تحديات للشركات متعددة الجنسيات والاستثمار الاجنبي، بما في ذلك الإدارة التشغيلية العالمية والمخاوف المتعلقة بالسمعة في الأسواق المحلية، وسيكون هذا الأخير صعباً بشكل خاص . ولذلك، فإن عملية الدمج والاستثمار الناجحة في آسيا سوف تحتاج إلى أن تُدمج مع استراتيجية فعالة للعلاقات العامة، تركز على كيفية مساعدة البصمة العالمية في دعم الوظائف والإنتاجية في الأسواق المحلية. في عصر إزالة العولمة، أصبحت إدارة مجموعة عالمية من الاستثمارات أكثر صعوبة، ولكن لا يزال من الممكن القيام بذلك.

Comments

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Popular stories