هشام الهاشمي ..تنظيم داعش في الربع الأول من عام ٢٠٢٠

Related Articles

رأي في الأمن

تنظيم داعش في الربع الأول من عام ٢٠٢٠

هشام الهاشمي

مستشار اول في معهد السلام الاوربي

باحث في الشؤون السياسية والامنية

في الربع الأول من عام ٢٠٢٠ اعتمد تنظيم داعش على الاستمرارية لإكمال التحول ” من تنظيم يحكم دولة الى تنظيم يثأر للدولة التي خسرها، بمعنى من دولة التنظيم الى تنظيم الدولة” وهذا تحول يجعله اشبه بتنظيم داعش في الفترة بين ٢٠١٢-٢٠١٤ حيث اعتمد في البداية أسلوبا لا مركزيا في التغلغل في غرب العراق وشرق سورية.
وحتى وإن كانت سيطرة داعـش في قواطع عملياتها في العراق هـي سـيطرة محـدودة تقتـصر عـلى بعـض القري والمناطق المهجورة، فلديها المقدرة على الوصول عند اغتنام الفرص في تلك الأرياف والمدن إلى ما هـو أسـوأ، خاصـة وأنـه ثمـة هشاشة امنية وعسكرية واضحة هناك، ولا توجـد قدرات قتالية كبيرة لأنهاء ملف فلول داعش من جذوره، فهـي تزدهر في ظل الصراع السياسي والانهيار الاقتصادي والفوضى المجتمعية او الطائفية او القومية..
ولا تزال آلة داعش الإعلامية منتجة، بالرغم من تقلص نشاط شبكات وفلول تنظيم داعش على وسائل الإعلام بما فيها منصات “تويتر” و”يوتيوب” مقارنةً بفترة التوهج والنشاط الإعلامي التي صاحبت صعود تلك التنظيمات في الفترة من ٢٠١٤-٢٠١٦ بشكلٍ خاص؛ حيث واجه هذه التنظيم عدة عقبات وتحديات حقيقية حدت من انتشار المحتوى الإعلامي الخاص بها، الأمر الذي يرجع لعدة أسباب، ومن بين هذه الأسباب إجراءات المواقع الكبرى لحذف المحتوى المتطرف وإغلاق الصفحات والمواقع التابعة للتنظيمات المتطرفة، وضعف التمويل، والهزائم العسكرية التي لاقاها تنظيما الدراسة على أرض الواقع، فضلاً عن فقدان التنظيم لكثير من عناصره التي لها خبرات إعلامية محترفة.
المراقب يرصد إن التنظيم لديه محاولات فاشلة وهو يحاول إعادة البيئة الحاضنة التي تساعده على ترتيب صفوفه، لكنه يواجه رد فعل مغاير من الأهالي وخاصة العشائر العربية السنية والكردية هذه المرة، فإن العشائر العربية والكردية في المناطق المتنازع عليها والغربية في العراق أكثر استعدادا من عام 2014، عندما نجح التنظيم في السيطرة على ثلث الأراضي العراقية واحتل الموصل، ثاني أكبر مدينة في البلاد، ولم تواجهه أي مقاومة تذكر..
حيـث اعتمـدت مفارز فلول وبقايا شبكات داعش عـلي تأسـيس ١١ قاطعا في ولاية العراق وفق هيكلهم التنظيمي، وبحسب النتائج التي توصلت إليها الأمم المتحدة منسوبة لتقييم كبار المسؤولين الأميركيين في مجال مكافحة الإرهاب بأن هناك ما بين 14000 إلى 18000 من مقاتلي داعش ينشطون بين سوريا والعراق حاليا، خاصة في محافظتي ديالى وكركوك، وإلى الجنوب من الفرات … في كل قاطع تتواجد كتيبة قتالية تتضمن ٣٥٠-٤٠٠ عنصرا نشطا ويساعدهم نحو ٤٠٠ عنصرا لوجستيا غير نشطا “ما يعرف إعلاميا بالخلايا النائمة”، ثم تنقسم تلك الكتيبة التي تتواجد داخل كل قاطع الى سرايا من ٥٠ عنصرا ناشطا تكون لها مسؤولية محددة داخل القاطع، وبدورها تقسم تلك المنطقة على مفارز من ٩-١٠ عناصر، مفارز صغيرة الحجم في عدة أماكن تتواجد فيها احدى ثلاثة أسباب او جميعها؛
١-التمويل الذاتي، حيث القرب من مناطق الحدود الغربية مع سورية والشرقية مع إيران، والطرق الرئيسة الرابطة بين المحافظات الغربية والشمالية والشرقية، والمناطق التي تمر من خلالها التجارة وناقلات النفط والغاز وانابيب الطاقة ومناطق شبكات الطاقة الكهربائية وشبكات الاتصالات والأنترنت، هذه المناطق وبحسب اعترافات معتقلين لدى الامن العراقي توفر لهم مبالغ مالية شهريا قد تصل الى ٣ ملايين دولار شهريا، من عمليات الاتاوات لشركات النقل والاستثمار في الادوية والسلاح والسكائر والنفط المهرب والمخدرات والمواد الغذائية، وبالإضافة الى ذلك لديهم استثمارات في الداخل العراقي لا تقل عن١٠٠ مليون دولار تدر عليهم أرباحا شهرية بحسب تقارير امنية مختصة قد تصل ٤ ملايين دولار، وهذه المبالغ تساعد على ادامة التواصل مع الخلايا الناشطة بكفالة منخفضة تصل الى ٢٠٠-٢٥٠ دولار للعنصر الميداني وللقيادي قرابة ٥٠٠-٦٠٠ دولارا شهريا، بالإضافة الى مبالغ متابعة سجنائهم وعوائل القتلى ومتابعة المعوقين والجرحى، هذا يساعدهم على انجاز عمليات صغيرة خاطفة وفق ما يعرف بتكتيك “الانهاك المجهد” عبر الانتقام من أهالي المناطق التي خسروها.
 ٢-مناطق القرى المهجورة التي تتواجد في الموانع الجغرافية الطبيعية والتضاريس المعرقلة للعمليات العسكرية التقليدية، الوديان والجبال والصحاري والبوادي، فهي توفر لهم المخازن في الكهوف والانفاق والمعسكرات للتدريب مع صعوبة مراقبتهم او التجسس عليهم وأيضا تعقيدات ملاحقتهم بطرق القتالية التقليدية، أعلن جهاز مكافحة الإرهاب عن تنفيذ عملية قتالية بمعية القوات الخاصة الامريكية وقوات التحالف الدولي في ٨ اذار ٢٠٢٠، في جنوب مخمور لتنفيذ عملية في جبل قرة جوغ جنوب محافظة نينوى، تم خلال العملية الاشتباك مع مفارز تنظيم داعش، واستمرت العملية ليوم كامل وأسفرت عن قتل 25 إرهابياً وتدمير ٩ أنفاق، وسقط قتلى من قوات التحالف هم من فريق الدعم الاستخباري والجوي الذي يصاحب القوات المنفذة، فالعمليات تستند إلى تغطية وإسناد جوي من قبل طيران التحالف ما يستلزم وجود فريق الدعم والتنسيق، فقتل هؤلاء للأسف بنيران قناص خلال العملية.
يذكر أن القيادة المركزية الأميركية التابعة لوزارة الدفاع “البنتاغون”، يوم (9 آذار 2020) مقتل جنديين أميركيين وإصابة 5 آخرين خلال تنفيذ عملية أمنية في العراق.
٣-ارياف احزمة المدن الحضرية والقرى الكبيرة، التي يتواجد فيها الحشد العشائري والمناطقي والمختارين الذين تعاونوا مع الحكومة في بغداد على طرد تنظيم داعش ٢٠١٤-٢٠١٧، حيث أعلن التنظيم عن “غزوة الثأر لولاية الشام” بعد هزيمتهم في معارك شرق الفرات السورية نيسان/ابريل ٢٠١٩ ومن ثم غزوة أخرى “غزوة الثائرين لمقتل الشيخين” بعد مقتل البغدادي والمهاجر، فكانت تلك المناطق وهي هشة جدا وتعاني من عدم انسجام بين الحشد العشائري المناطقي وقوات الحشد الشعبي القادمة من خارج مناطقهم، بما يجعل من ترحيب الأهالي الذين يتعرضون لمشاكل كبيرة مع تلك القوات مرجحا، خاصة وان المشاكل في الغالب هي اقتصادية وتحكم بثروات القرى المحررة ومقاولات تمكين الاستقرار، ولـذا فقـد اختـارت البدء من عدة مناطق ريفية بمحافظات صلاح الدين، وكركوك، وديالى، وشمال بغداد، حملة واسعة من الاغتيالات بعناوين مختلفة شنتها مفارز داعش في تلك القرى والمناطق الريفية.. جغرافياً يتركز وجود داعش في شمال وشرق العراق وشمال وغرب العراق متمثلاً في المفارز الجوالة التي جددت مبايعتها لأمير داعش الجديد، برغم من الزيادة الملحوظة التنظيمية والجغرافية لداعش في مناطق العرب السنة والأقليات وفي المناطق المتنازع عليها، لا يمكن القول إن البيئة الأمنية ستكون حاضنة لمفارزها، البيئة الحاضنة للفكر الداعشي غير موجودة؛ حيث ازدهرت أنشطة المجتمعات المدنية بعد عام ٢٠١٧، احتمالات ايقاظ الخلايا النائمة وانضمامها لصفوف “داعش” في ظل هشاشة القوات العشائرية وفشل حملات القيادة المشتركة العراقية، تواجه الحكومة المستقيلة العديدَ من التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية التي تؤثر بلا شك على جهودها في مكافحة الإرهاب وخاصة مع تحدي انتشار فايروس كورونا، لاسيما أن سيطرتها الأمنية لا تزال محدودة في ظل سيطرة العديد من فصائل الحشد الشعبي على اقتصاد وقرار تلك المناطق، فضلاً عن معضلات اختيار رئيس وزراء بديل للمرحلة الانتقالية، واستمرار العقوبات الأمريكية على ايران التي أدت إلى مزيد من الضغوط الاقتصادية على العراق مع تزايد معدلات الفقر والبطالة واستمرار التظاهرات، وهو ما يتوقع معه استمرار الاحتجاجات والاشتباكات وأعمال العنف على المستوى المجتمعي.

حصيلة العمليات الارهابية لداعش في ٣ شهور:

أبدى تنظيم “داعش” اهتماماً متزايداً في مناطق مخمور التي تتصل بشمال غرب الحويجة ومنها بالساحل الايسر من الشرقاط وتمتد الى جبل الخانوكة ووادي زغيتون وصولا الى شمال صلاح الدين وسلسلة تلال حمرين حتى ديالى عقب مقتل الفريق قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس؛ حيث نفذت مفارز التنظيم خلال الربع الأول من عام ٢٠٢٠ بحسب بيانات تنظيم داعش وانفوجرافيك صحيفة النبأ الأسبوعية، مع ملاحظة ان بيانات القيادة المشتركة العراقية تؤكد ان ٧٦٪ من تلك الإحصائيات غير صحيحة وان هناك نسبة ١٤٪ تحتاج الى تدقيق كونها ترجع لحوادث الجريمة المنظمة وليس للعمليات الإرهابية؛
-شهر كانون الثاني/يناير ٢٠٢٠؛ زعمت بينات تنظيم داعش انها نفذت ١٤٣ عملية إرهابية، وان عديد الخسائر البشرية نحو ٢٠٥-٢١١، مع خسائر مختلفة في المعدات، تركزت عملياتهم على قواطع كركوك وديالى وصلاح الدين وشمال بغداد.
-شهر شباط/فبراير ٢٠٢٠؛ زعمت بيانات تنظيم داعش انها نفذت ٨٨ عملية إرهابية، وان عديد الخسائر نحو ٧٦-٨٥، وخسائر مختلفة في المعدات، تركزت العمليات على قواطع ديالي وصلاح الدين وشمال بغداد.
-شهر اذار/مارس ٢٠٢٠؛ زعمت بيانات تنظيم داعش انها نفذت ١٣٩ عملية إرهابية، وان عديد الخسائر نحو ٨٤-٩٠، وخسائر مختلفة في المعدات، تركزت العمليات على قواطع شمال بغداد وصلاح الدين وديالى. 
سوف يؤدي وجود “داعش” في جنوب كركوك وشمال شرق ديالى وشرق صلاح الدين إلى تمدده نحو منطقة جنوب سامراء وشمال بغداد ومنها نحو استهداف الطرق الرابطة بين المحافظات، وهذا يساعد على تسهيل حصول داعش على الدعم اللوجستي؛ لاسيما الإمداد بالأسلحة والذخيرة، التي يمكن الحصول عليها من خلال الاتصال بمناطق مختلفة من العراق عبر تلك الطرق، وقد وثّقت تقارير عدة حركة الأسلحة والذخيرة والمفارز الداعشية من شرق الى غرب العراق وبالعكس. الحصول على موطئ قدم في ارياف المدن الحضرية هدفا جوهريا لقيادة داعش خاصة حول بغداد وتلعفر والقيارة وبيجي والحويجة والشرقاط وتكريت والفلوجة والمقدادية، ما يمكّن داعش من استهداف حركة التجارة، وشاحنات نقل الوقود، وارتال القوات الأمنية، وكروبات السياحة من إيران الى العراق، وخطوط نقل الكهرباء، وخطوط منظومات الانترنيت، وابراج الاتصالات..
وقدمت صحيفة النبأ الأسبوعية الداعشية، وصفًا كاملًا لتكتيك الاستنزاف المجهد في عددها رقم 213، موضحةً أنها تبقي الأجهزة الأمنية في حالة تأهب دائم، وهو ما يضعف من روحها المعنوية، ويؤدي لإجهادها ومن ثم انهيارها.
ولجأ التنظيم لهذا التكتيك لمعرفته بأن أجهزة الأمن لا يمكن أن تبقى في حالة استنفار دائم، وبالتالي فإن التلويح بالهجمات أو تنفيذ أي هجمات ولو كانت صغيرة، يجبر الدول على حشد قواتها وهو ما يكلفها أموالًا طائلة، وبالتالي يؤدي إلى انهيار الميزانيات الخاصة بتلك الدول.
لا تزال حملة “ابطال العراق” التي أطلقتها قيادة العمليات المشتركة لتفتيش مناطق غرب وجنوب غرب محافظة الانبار بمساندة عمليات الجزيرة وعمليات الانبار وعمليات الفرات الأوسط وعمليات بغداد، وبسناد الطيران العراقي وسلاج الجو للتحالف الدولي، مستمرة في ملاحقة فلول داعش، وقد نجحت في قتل عناصر من داعش في صحراء الانبار والعثور على إنفاق كبيرة كانت تستخدم للتحكم والسيطرة وعلى عجلات، بحسب بيانات خلية الاعلام الأمني ولا تزال العملية مستمرة.
بحسب التقارير المعلوماتية العراقية تركيز تنظيم داعش على تلك المناطق والاهداف من أجل؛
  • جمع الاتاوات والتمويل الذاتي.
  • إعادة تنشيط الخلايا النائمة.
  • اثارت الفتنة الطائفية بين الشيعة والسنة.
  • الاقتراب من مخيمات التي تحتجز عوائل تنظيم داعش من اجل تحريرهم.
  • الانتقام من السكان السنة الذين يتعاونون مع الحشد الشعبي.
استغل تنظيم داعش التظاهرات الشعبية الواسعة واستقالة الحكومة ونشوب خلاف سياسي حاد بعد مقتل المهندس في العراق، وقام بتهديد مناطق. عديدة في ديالى وصلاح الدين ونينوى وكركوك وشمال بغداد عن طريق شنّ هجماتٍ متتابعة ينفذها مجموعات صغيرة “٩-١١” عنصرا خلال الأجواء السيئة وعمليات انسحاب جزء من القوات النظامية نحو مدن ومحافظات الوسط والجنوب من اجل احتواء التظاهرات. لقد عانت قوات الحشد العشائري والشعبي من هجمات ميدانية متقطعة قاسية خلال الشهور ٣ الماضية في غرب صلاح الدين وشمال شرق ديالى، وفي الفترة الأسبوعين الأخيرة ركزت الهجمات على مناطق ارياف جنوب سامراء وشمال بغداد من خلال منهج جديد يركز على إعادة تنشيط الخلايا النائمة في تلك المناطق والتي تعتمد على التمويل الذاتي، ما يعني أن تهديد التنظيم يكشف عن حالة الحاجة للأفراد والتمويل التي يعاني منها منذ شهور عدة، ولاسيما بعد مقتل زعيمهم البغدادي.

تكتيك تنظيم داعش في الربع الأول من عام ٢٠٢٠:

يتمثـل لجوء مفارز وشبكات داعش الى القتال الهجين عـادة في القـدرة عـلى التكييف مع كل التحديـات والتهديـدات المحتملـة، أمـا الغـرض مـنه فهو تقديـم تمويل ذاتي ومرونة في التنقل والتخفي والتطويع داخل المناطـق الرئيسـية التي تظـن قيادة داعش أنهـا تمثل تهديدا لوجودها.
ويتوقـع أن تشـتمل اهداف القتال الهجين عـلى ثـلاث أولويات مركزيـة، وهي:

1 ـ الموقف من الحشد العشائر السني ومختاري الأحياء: مـنذ بداية عام ٢٠٢٠ يتـم وصـف المشيخات والزعامات العشائرية والمختارين بالردة، باعتبارهـم يمثـلون تهديـدا وجوديا لفلول داعش التي تحاول العودة، مـما قد يعيدنا إلى فـترة المواجهة إبان معارك الصحوات، والأسـوأ مـن ذلـك هـو أنـه حتـى أثنـاء فـترة الصحوات، ووقـت تدهـور العلاقـات بـين الصحوات والعناصر المحلية من القاعدة، اسـتمر القتال “كر وفر” بينهـما عـلى مختلـف المسـتويات.
أمـا الشهور الأخـيرة فهـي تنبـئ بمسـتوى قتال لم يكـن قائمـا مـن قبـل، وذلـك من خلال عمليات خطف وقنص واغتيالات تسـتهدف شـخصيات بـارزة في الحشد العشائري، فضلا عن استهداف قرى الأطراف بقنابر الهاون وقذائف الكاتيوشا وحرق الزروع والبساتين. ويتوقـع أن يلعب تحسين تسليح الحشد العشائري دورا مهـما في مرحلة ملاحقة فلول داعش.

2 ـ تمكين شبكات داعش من العمل في المناطق المفتوحة والقرى المهجورة والزحف تجاه الأحزمة الريفية للمدن الحضرية:

مـن المحتمـل أيضـا أن تنتشر فلول داعش وتتصاعد أنشـطتها في مناطق زراعية على أسوار المدن الحضرية مثل حزام بغداد وأطراف تكريت وسامراء والموصل وكركوك، بشـكل موسع، وهذا لا يعد اعترافا متأخرا بخطر فلول داعش التي تسللت الى هـذه المناطق، فالاستخبارات العراقية تمتلك تفاصيل وصورة واضحة عن هذه الأنشطة الإرهابية.
وتشـير غالبيـة المداولات بـين الخبراء إلى إمكانية التصدي الى هذه الأنشطة بالاعتماد على الحشد المناطقي الذي هو موجود اصلا ليدخل بقتال حاسم، وأن يكـون مسرحـا للعمليـات العسـكرية ليـس 
فقـط بـين الحشد العشائري المناطقي، وفلول داعش، ولكن كذلك بـين الاستخبارات وداعش.
3-عرقلة وتهديد مشاريع تمكين الاستقرار وعودة النازحين في المناطق المحررة، كنـوع من الانتقام الموجه للبيئة الرافضة والطاردة للإرهاب فكرا ومنهجا، وما تقـود إليـه مـن تحديـات وتهديـدات عـلى الصعيـد الأمنـي.

أبـرز المخاطر التي تواجه الاستقرار الأمني في المناطق المحررة:

1- في الشهور الاخيرة أصبح واضحا ان فلول داعش تركز على هدف مركزي تجاه منع احزاب والتيارات السياسية الاعتماد على الذات في قيادة وادارة المدينة، وتعـد التهديـدات التـي تواجههـا تلك المحافظات في محيطهـا هي المحرك الأسـاسي للقرارات الأمنيـة. وتتمثـل تلـك التهديـدات في تعاظـم تركيز تنظيم داعش على استهداف اقتصاد المحافظة وتهديد مشاريع اعادة تأهيل الطرق الخارجية وتهديد عودة النازحين وحرق الزروع، وتهديد اقتصاد الحدود.
2- تستهدف داعش التعدد الطائفي في تلك المحافظات وخاصة وهي تحاول الاقتراب من مدينة سامراء وبالتالي تفرض على محافظة صلاح الدين الاضطرار للاعتماد على فصائل الحشد الشعبي من خارج المحافظة، واصبحت قيادة المحافظة أكـثر ميـلا إلى مطالبة بغداد بالمساعدة بحملات عسـكرية في المناطق التـي تصفها بـ “الساخنة والخطرة” لهـا مثـل الثرثار وشمال بيجي والشرقاط ومطيبيجة والعظيم، لاسـيما بعد تصاعد تهديد عودة داعش، أو عـلى الأقـل حاجتهـم إلى بيئة حاضنة، في بعـض هـذه المناطق.
3- غرب العراق منطقة المواجهة الحقيقية في العراق للبحث عن نفوذ اقتصادي وتأسيس شبكة لاختراق المجتمع المدني المتدين لصناعة حاضنة منسجمة دينيا معهم، حيث تسـعى شبكات داعش إلى تحسـين العلاقة مع الزعامات الدينية او الأئمة والخطباء في القرى النائية من غرب العراق، مـن خلال دعـم دور المساجد في حـل النزاعـات بالطـرق السـلمية بين العشائر الثائرة وبين عوائل داعش، إلى جانـب محـاولات الحد مـن وجود الحشد الشعبي القادم من خارج مناطق الأنبار.
اتجاهات التغيير وفقـا للمتغـيرات الأساسـية السـابقة، يمكـن تسـليط الضوء عـلى أهـم التحـولات في مرتكـزات العمليات الإرهابية لشبكات فلول داعش مـن واقـع مراجعـة خريطة عملياتهم التي تمـت مؤخـرا، وهـو مـا يمكـن إيجـازها ب 4 أولويـات هـي: الحفـظ على القيادة الجديدة، وضـمان التمويل الذاتي، تكثيف الهجمات لتهديد المناطق المحررة ومنع تمكين الاستقرار، والتكييف مع الهزيمة.

التدابير العلاجية السريعة:

1- محافظة ديالى تعزيز قدرات المراقبة العسكرية وزيادة عدد الآليات المدرعة والطائرات المروحية ومضاعفة قوات جهاز مكافحة الاٍرهاب وقوات الرد السريع.
2-نينوى: رصد الشركات والتجار والمصانع وشركات النقل والمقاولين والأعمال الاخرى التي عادة الى دفع الإتاوات لشبكات داعش تحت التهديد، ومكافحة تمويل الإرهاب وغلق الصيرفات وشركات الحوالات المالية التي يثبت تعاونها مع شبكات داعش.
3-الأنبار: توفير آليات متطورة لمسك الحدود وتطويع اهالي القرى ضمن سلك حرس الحدود.
4-صلاح الدين: إرجاع العوائل النازحة التي دققت مواقفها الأمنية والقضائية وعدم ترك اَي قرية او مدينة خالية من السكان، واستكمال تطبيق تعليمات الامر الديواني 237 القاضية بغلق المكاتب الاقتصادية لفصائل الحشد الشعبي وإخراج مخازنها ومعسكراتها الى أطراف المدن.
5-حزام بغداد: الانتفاع من تجربة الصحوات وتفعيل دور الحشد العشائري والمناطقي وفق تجربة الصحوات التي نجحت في حزام وكرخ بغداد.
6-كركوك: مراجعة خطة فرض القانون ومعالجة الأخطاء والنكسات التي مرت عليها خلال الشهور الأخيرة.
ويعتمد التنظيم على التلويح بتنفيذ هجمات إرهابية؛ لاستنفار أجهزة الأمن والجيوش وإجهادها في حين لا يقوم داعش بتنفيذ أي هجمات إرهابية عقب تهديده، بل ينتظر حتى تنتهي حالة الاستنفار الأمني، ومن ثم ينفذ الهجمات.

Comments

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Popular stories