السياسة الخارجية العراقية واهمية رسمها وفق اعتبارات التوازن القيمي والمنهجي

Related Articles

السياسة الخارجية العراقية

وأهمية رسمها وفق إعتبارات التوازن القيمي والمنهجي

رعد هاشم 

شهد أداء الحكومات العراقية منذ 2003 الى يومنا هذا في رسم معالم السياسة
الخارجية سجل حافل من الإخفاقات والتناقضات العديدة ، من ناحية خضوعها للمزاج
السياسي القائم ، وتأثيرات الظروف الأقليمية المتنفذة والمؤثرة وبخاصة الجانب
الايراني ، حيث أبتعدت عن اي حالة استقرار ومراعاة لابعاد التوازنات المطلوبة
في اجواء كانت مضطربة على الدوام ، ولم تحتكم لأي منهجية تفضي الى ضرورة
الركون الى مرحلة تأسيسية لمنظومة علاقات يفترض ان تهتم ببناء سياسة ثابته
مستقلة تشجع على إحترام سيادة البلد.
ولم يهتم المعنيون بشؤون السياسة الخارجية في العراق طيلة الفترة التي أعقبت
التغيير بعد عام 2003 الى الآن ، بوضع مرتكزات عملية هادفة ذات جدوى وبعد
ستراتيجي منظور وهادف ، وإنما كانت توجهاتها تتقاذفها الاجتهادات والأهواء
للأحزاب التي تولى مرشحيها منصب “وزير الخارجية” ذات الخصوصية السيادية، وكان
أداء الوزارة إنعكاسا حقيقيا لمنهج المحاصصة والسياسة الطائفية التي تحكم
العملية السياسية في عموم العراق، حيث صارت الوزارات إقطاعية يتملكها الأحزاب
التي تهيمن عليها، والمواقف تبنى على اساس نظرة الحزب الذي يدير هذه الوزارة
اوتلك، وتنظيرات هذا السياسي وذاك، حتى بتنا نجد ان بيانات او تصريحات تصدر عن
من يمثّل الوزارة يتسّم بأبعاد ووجهة نظر فيها شائبة التدّخل بشؤون داخلية
بلدان مجاورة فضلا عن لغة البعد الطائفي وحتى العقائدي في تقدير المواقف التي
تتسم بها، وهناك شواهد عديدة على ذلك.
وانعكس ذلك على أداء الوزارة وسفراءها في المواقف العراقية الرسمية في المحافل
الدولية وخاصة في مؤتمرات واجتماعات الجامعة العربية ، والتي كانت كثير منها
مايُخالف الإجماع العربي، ومنها ماهو مايتجنّب التعرض بالمنهج الإيراني
العدواني ضد دول المنطقة والأقليم ، بل بعضها محابي للموقف الايراني.

وقد تأشر سكوت غير مبرر من قبل القائمين على الشأن الخارجي وعلاقات العراق
الدولية على مواقف هجومية وعدائية لميليشيات وفصائل موالية لإيران ضد دول
عربية وتدخل أخرق بشأنها الداخلي بعضها يمثّل تهديدا مفضوحا ، مما كان يحرج
الموقف الرسمي العراقي وعدد من قواه السياسية التي كانت غالبا ما تبدي رغبتها
بوضع منهج مستقل يبتعد عن التشويش وحالة الإضطراب الذي يخلقه التدخل والتداخل
في الصلاحيات ووحدة الموقف تجاه قضايا تخص الشأن الخارجي.

ولعل المواقف المتعددة والمتباينة ومنها العدائية التي نشهدها حاليا للعديد من
الاحزاب والفصائل المسلحة التي تمتلكها تجاه التواجد الاجنبي وخاصة الاميركي ،
تكشف حقيقة الإزدواجية والإختلاف بين مايصدر منها وبين أصل الموقف الحكومي
الذي يشهد بيانات وتصريحات رسمية من وحي لقاءات شخصيات حكومية على أعلى
المستويات ، تقترب من الإتفاق مع الاميركان وممثلي دولا غربية عدة على إعطاء
موافقة وتأييد لهذا التواجد وتقدير ظروفه المرتبط بإسناده ودعمه اللوجستي
(سوقيا وتعبيويا واستشاريا) لمقاتلة تنظيم داعش الإرهابي.
وقد خلق هذا الجو المضطرب حالة من التخلخل والتوتر في بنية المنظومة التي
بيدها القرار السياسي والأمني ، نتج وضعا وصل الى حد الإصطدام والإشتباك وفرض
أمرا واقعا بأن يكون العراق ساحة نزاع وتصفية حسابات بين قوى خارجية واقليمية
مثل (  النزاع الايراني-الاميركي)، والذي من شأنه ان يبقي العراق بؤرة توتر ،
سببه بالتأكيد تراكم فشل في إدارة الأزمة ، وقبله فشل في رسم سياسة واضحة
لطبيعة علاقات العراق الخارجية، ممّا يستدعي ضرورة إعادة نظر شاملة بهذه
السياسة بما يؤمّن للعراق خارطة طريق مثلى بمساعدة القوى الفاعلة ودول الاقليم
والدول المؤثرة عالميا تجنّبه إيقاف التداعي ، والشروع ببناء منهجية رصينة
تبتعد عن التأثيرات السياسية الداخلية والتدخل الايراني لضمان خلق علاقات
تحكمها ثوابت ومفاهيم تراعي المصالح العراقية ، ثوابت تتفهم ايضا المخاطر
المحيطة ومراعاة عدم التقاطع مع مصالح الغير بأقل الخسائر ، وإنتهاج مبادئ
قيمية مطمئنة للجميع اساسها السلام والتفاهم والحوار الإيجابي والاحترام
المتبادل ، وبناء أطر عملية واضحة غير قابلة للتغيير تبعا للأهواء والشخصنة

Comments

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Popular stories