التكنلوجيا والمشاريع الناشئة

Related Articles

التكنلوجيا والمشاريع الناشئة

د.رنا خالد

منتدى صنع السياسات -لندن IFPMC

التكنلوجيا عنصراً حاسماً في عالم الاعمال اليوم ، والحقيقة انها لطالما كانت كذلك الفرق الوحيد انها كانت في الماضي باهضة الثمن ومكلفة مما يجعل تبنيها حكراً على المستثمرين الاثرياء او تلك الصناعات التي تمولها الحكومات بميزانيات ضخمة . على سبيل المثال عندما تم اختراع السيارات لاول مرة لم تكن سوى اختراع عبثي سخر منه الناس ولكن عندا قامت شركة فورد بانشاء اول مصنع للسيارات وانتاج حط سيارات متكامل مدعوم من قبل مستثمرين اثرياء عام 1908 تغيرت النظرة الى هذه السلعة واصبحت ثورة غيرت الاقتصاد والمدن والسلوب الحياة .

 غايتنا من هذا المقال هو نفكر سوية في التكنلوجيا باعتبارها فرصة يمكن ان تخدم صغار المستثمرين اذا تم استخدامها بالطريقة الامثل والحقيقة اني ارسلت هذا السؤال الى البرفسور روبرت فولكنر وهو احد اساتذتي المفضلين في London School Of Economy And Political Sciense.

لقد اجابني بان التكنلوجيا لم تغير تاريخ البشرية فحسب بل هي ايضا تغيرت وتتطورت لتصبح:

اولاً: رخيصة الثمن بمقدور الجميع الحصول عليها

ثانياً: ديمقراطية بمقدور الجميع تطويرها

ثالثاً :بسيطة بمقدور الجميع التكيف معها

هذه العوامل الايجابية الثلاث لا تخفي عيوبها :

اولاً: اختراق الخصوصية وتحدي الحدود الجغرافية والفكرية والروحية

ثانياً: ربحية فهدفها الاخير تحقيق اقصى ربح مادي وليس اعلى اخلاقية ممكنة

ثالثاً: عدم الاستقرار الناتج عن سرعة التغيير وبطئ التكيف مع متطلباتها

واضاف ان النجاح يكمن في ان يقوم المستثمريون الصغار ورواد الاعمال باستيعاب هذه الايجابيات والسلبيات التي توفرها التكنلوجيا ومحاولة تاسيس اعمالهم وفق قواعد عمل جديدة او خلق اسواق جديدة او خلق طلب جديد . ان لا يتبعوا خطوات الشركات الكبيرة لان تلك الشركات سوف تعتبرهم اعداء مباشرين وعندها سوف يتم القضاء على تلك المشاريع وهي في مهدها .

بناءاً على اجابة البرفسور فولكنر ،فان رواد الاعمال الجدد اذا ما ارادوا احداث تاثير حقيقي وفعال فان عليهم ان يستخدموا التكنلوجيا باقصى طاقتها لتقديم افكار جديدة كلياً وباساليب جديدة بهدف:

– تلبية طلب زبائن جدد لم تلبي حاجتهم الشركات الكبيرة او الموجود في السوق منذ فترة طويلة

– الولوج الى اسواق جديدة لا تستطيع الشركات الاكبر او الاقدم ان تصل اليها

– خلق طلب جديد غير موجود عبر اختراع سلعة جديدة او تطوير سلعة قديمة

وهذا ما يسمى بنظرية الابتكار المزعزع او Disruptive Innovation .هذه النظرية وضعها البرفسور الامريكي كلاي كريستنسن استاذ الاعمال في جامعة هارفرد في مطلع التسعينات. هذه النظرية تعد اليوم من اكثر الافكار المثيرة للجدل في عالم الاقتصاد والاعمال ،ولقد استقطبت العديد من المؤيدن والانصار سواء من الشركات الكبرى مثل عمالقة الكومبيوتر ( ابل) او( انتل) وعملاق صناعة السيارات الصاعد (تسلا) .وايضا تجتذب النظرية العديد الشركات الصغيرة التي تعتبرها خطة للنجاة والانقاذ والنجاح.

ماهو الابتكار المزعزع ، انه ببساطة عملية جديدة تدخل السوق فتحدث اضطراباً فيه من خلال تحدي الشركات الكبرى او القائمة . وعندما نقول عملية فاننا نقصد سلعة ، او فكرة ، او خدمة تقدمها شركة جديدة تكون رائجة وباسعار اقل وبجودة مقبولة تستهدف مستهلكين او(طلب) تم اهمالة من الشركات الكبيرة التي بسبب تكاليف انتاجها ( للسلع او الافكار او الخدمات ) تستهدف عملاء اثرياء ( اذا تكلمنا عن السيارات والطائرات ومواد البناء) او زبائن بطلبات معينة (اذا تحدثنا عن المطاعم والمقاهي وشركات الخدمات) او حتى مشاهدين من النخبة (اذا تكلمنا عن محطات التلفزيون) .

الشركات الصغيرة التي تتبنى نظرية الابتكار المزعزع – حسب نظرية كلاي كريستنسن- تكون غير متطلبة وتمتلك مرونة في التعامل وانتاجها خالي من الكماليات ولكنه يلبي الطلب الاساسي وربما بعد ان تحقق النجاح تنتقل الى افتتاح خط خاص بالطلب المحتوي على الرفاهية الذي يستهدف الزبائن الذين يبحثون عن الكماليات .

هذا شرح مبسط لنظرية عميقة ومتشعبة تفسر التنافس في الاسواق وكيفية خلق الفرص للشركات الناشئة. والحقيقة ان النظرية ايضا تقدم حلول للشركات الكبرى في كيفية مواجهة هذا الاضطراب في الاسواق الذي تحدثه الشركات الناشئة من اهم هذه الاستراتيجيات :

-التغلب على الشركات الناشئة عن بتوليد ابتكار جديد او احداث تجديد ثوري في هيكل وشكل الشركة .

-ضم الشركة الناشئة بشرط اذابتها في هيكل الشركة الكبيرة فوراً.

– الصبر اطول فترة ممكنة الى ان ترتكب الشركة الناشئة اخطاء او يتشبع السوق من انتاجها .

– الدمج او الضم ولكن مع ابقاء خصوصية وحداثة الشركة الناشئة المنافسة

ولقد استفاد مارك زوكربيرغ مؤسس فيسبوك من نظرية الابتكار المزعزع  واستخدم استراتيجية الدمج مع ابقاء خصوصية الشركات المنافسة في مشروع ظم واتس اب وانستغرام.

في النهاية الابتكار المزعزع وغيره من النظريات تثبت لنا ان تأسيس عمل مربح وفعال ومنافس اصبح مجال مفتوح للجميع وان الشباب هم الشريحة الاكثر استفادة من هذه الفرص لانهم الاكثر التصاق بالتكنلوجيا والاكثر قدرة على استغلال مزاياها الجيدة والرخيصة.

Comments

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Popular stories