الاحتجاجات في الشرق الأوسط وشمال   أفريقيا: من سيء الى الاسوأ احدث تقارير مجلة الايكونوميست : من الكي الى الحرق

Related Articles

احدث تقارير مجلة الايكونوميست : من الكي الى الحرق

الاحتجاجات في الشرق الأوسط وشمال
أفريقيا: من سيء الى الاسوأ

مقال مجلة 18th May 2020    THE ECONOMIST

ترجمة بتصرف:منتدى صنع السياسات _لندن

– ادى انتشار جائحة 19-Covid   ادى توقف مفاجئ للاحتجاجات الجماهيرية المناهضة للحكومات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والتي استمرت لأشهر طويلة، ولكن من المرجح أن يكون هذا التوقف هو انعاش قصيرة الأجل لهذه الحكومات.
  سوف تظهر التوترات الاجتماعية مرة أخرى مع تخفيف الاغلاق بسبب تراجع معدلات الوباء ، ورفع القيود وتاثير التداعيات الاقتصادية  التي اصبحت واضحة.
  يمكن أن تنتشر الاضطرابات المدنية في جميع أنحاء المنطقة مرة أخرى خلال أشهر الصيف أو الخريف ، مما يهدد الانظمة القائمة، ويضيف المزيد من التعقيد إلى المنطقة المضطربة.

تسببت Covid-19  في توقف مفاجئ لأشهر من الاحتجاجات الجماهيرية المناهضة للحكومات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ، ولكن من المرجح أن يكون هذا انعاش قصيرة الأجل لهذه الانظمة والحكومات خاصة مع استمرار المعانات الاقتصادية والاجتماعية الطويلة الامد التي قادت الى هذه الاحتجاجات . لا تزال العوامل الأساسية التي دفعت الى المشاعر المناهضة للحكومات في عام 2019 وأوائل عام 2020 كبيرة . وتعود التوترات الاجتماعية بالفعل إلى السطح مع تخفيف ظروف الوباء، ورفع القيود وتأثير التداعيات الاقتصادية التي اصبحت واضحة. إذا كان بالامكان توقع أي شيء ، فإن Covid-19  سيكون بمثابة مضاعف للصراع في المنطقة وهو ايضاً سيشحن غضب المواطنين ضد الحكومات ويؤجج نيران الصراعات الإقليمية. المؤشرات تقول، ان عاصفة كبرى أخرى تختمر يمكن أن تجتاح منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال صيف وخريف عام 2020.


البذور المزروعة  قبل Covid-19

كانت الاحتجاجات المناهضة للحكومة سمة متنامية للحياة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قبل وصول Covid-19  في فبراير ومارس 2020. وكانت الاحتجاجات ناجمة عن حوادث محلية أثبتت أنها القشة الأخيرة لمواطني تلك الدول الذين يعانون منذ فترة طويلة والذين نزلوا إلى الشوارع بأعداد كبيرة في لبنان وإيران والعراق والجزائر ومصر وأماكن أخرى. جاءت هذه الموجة الجديدة من الاحتجاجات بعد عدة سنوات من الربيع العربي عام 2011 ، والتي رفعت آنذاك آمال الملايين من الناس الذين يبحثون عن بداية جديدة. حدث بعض التغيير في المنطقة في أعقاب انتفاضات عام 2011 ، ولكن في الغالب عادت نفس اساليب الانظمة القديمة وظلت القضايا الأساسية كما هي بل أصبحت أسوأ.
اندلعت الاحتجاجات في لبنان حيث اتهمت الحكومة بزيادة الضرائب والتي كانت مؤثرة على أسعار الوقود والتبغ وخدمات الاتصالات عبر الإنترنت. ثم تحولت الاحتجاجات بسرعة إلى حركة أوسع مناهضة للحكومة والتي لطالما كانت مثار للاستياء الشعبي المستمر منذ فترة طويلة بسبب الاقتصاد الراكد ، ونقص فرص العمل وصعوبة الحصول على السلع والخدمات الأساسية اليومية. تزامنت هذه العوامل الاقتصادية مع الغضب على نظام سياسي قائم على الانقسام الطائفي ويسيطر عليه ما اعتبره المتظاهرون نخبة سياسية تخدم نفسها وفاسدة وغير كفؤة. استقال رئيس الوزراء سعد الحريري في أواخر تشرين الأول / أكتوبر ، لكن الاحتجاجات استمرت حتى وصول كوفيد- 19 وفرض الإغلاق الوطني في مارس / آذار من قبل رئيس الوزراء المعين حديثًا حسن دياب.
كان الوضع مماثل في إيران والعراق ، حيث كان الناس اليائسين على استعداد للمخاطرة بحياتهم للمطالبة بتغييرات في النظام السياسي وحياة أفضل لأنفسهم. في عام 2019 ، تعرضت إيران لأشد الاضطرابات المدنية دموية منذ الثورة الإسلامية عام 1979. ارتفع الإحباط الاقتصادي مع ارتفاع أسعار الوقود التي تديرها الدولة ، وسرعان ما تحول الاحباط الى غضب واحتجاجات شعبية ضد الحكومة في نوفمبر / تشرين الثاني 2019. قامت قوات الأمن بتضييق الخناق بشدة على الاضطرابات المدنية مما أدى إلى اشتباكات عنيفة مع المتظاهرين ومئات القتلى.

في غضون ذلك ، شهد العراق أكبر وأضخم احتجاجات شعبية منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 والذي أطاح بصدام حسين. نزل المتظاهرون إلى الشوارع للتعبيرعن غضبهم على مدى سنوات من انعدام الأمن والاضطراب السياسي وانتشار الفساد وسوء الإدارة الاقتصادية. كانت البطالة والضعف في الخدمات الأساسية الشرارة التي أشعلت النار. وسلم رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي استقالته للبرلمان في نوفمبر، لكن ذلك لم يفعل الكثير لقمع الاضطرابات الى ان انتشر وباء كوفيد-19 والذي ادى الى الإغلاق القسري في مارس2020 .
شهدت الجزائر ومصر تجدد الفوضى العامة والاضطرابات المدنية من قبل المجتمعات المهمشة اقتصاديًا والمضطهدة سياسياً خلال معظم عام 2019 وأوائل عام 2020.

في الجزائر، بدأت الاحتجاجات في فبراير من العام الماضي بسبب قرار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة منذ فترة طويلة بالسعي لولاية خامسة في الحكم. أدت الاحتجاجات الكبيرة إلى استقالته بعد بضعة أشهر في أبريل / نيسان ، لكن الاحتجاجات استمرت حيث نظر معظم الجزائريين إلى القيادة الجديدة (بما في ذلك الرئيس المؤقت عبد القادر بنصالح ثم الرئيس عبد المجيد طبون الذي انتخب في ديسمبر / كانون الأول) على أنه أستمرار للنظام السابق وليست عملية تغير حقيقية. في غضون ذلك ، خرج المصريون إلى الشوارع بأعداد متزايدة خلال عام 2019 احتجاجًا على دولة بوليسية وحشية لم تقدم سوى القليل من التغيير الديمقراطي منذ الإطاحة بالرئيس حسني مبارك في عام 2011.
خنق الاحتجاجات وسط عمليات الإغلاق
أدى وصول Covid-19 وتدابير الاحتواء اللاحقة إلى توقف مفاجئ للاحتجاجات العامة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. أدى انتشار Covid-19  في المنطقة في فبراير ومارس إلى سلسلة من عمليات الإغلاق ، والتي تضمنت حظر التجول الكامل أو الجزئي ، وحظر السفر داخل وبين المناطق الحضرية ، وغلق المدارس، والجامعات والأماكن العامة ، وحظر التجمعات العامة الكبيرة ، و تقييد النشاط التجاري أو الصناعي غير الضروري. وقد اقترنت عمليات الإغلاق بقواعد إبعاد اجتماعي صارمة ، يتم تنفيذها إلى حد كبير من خلال التعاون ودون إكراه ، ولكن يتم فرضها عندما تطلبها الشرطة والخدمات العسكرية.
التكلفة الاقتصادية لقيود الإغلاق هائلة سواء تم قياسها على مستوى الأسرة أو العمل أو الحكومة. الاهتمام قد تحول إلى كيف ومتى يتم تخفيف حالة الحظر وكيفية تخفيف القيود المفروضة على الأفراد والشركات مع تقليل التأثير على الصحة العامة. كذلك احتمال تجديد حالة الاغلاق في حال وصول موجة ثانية من العدوى في وقت لاحق من العام. عمليات إعادة الافتتاح التدريجية والمرحلية جارية بالفعل في معظم البلدان ، والتي تزامنت إلى حد كبير مع بداية شهر رمضان ويمكن أن يعاد تجديدها خلال شهري مايو ويونيو.


من المقلاة الى النار؟

شرعت الحكومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في استراتيجيات الخروج من الحظر وتدرك تمام الإدراك أن الأسباب الكامنة وراء الاحتجاجات الجماعية في 2019 وأوائل 2020 ستتفاقم بسبب التدابير التي فرضوها لاحتواء انتشار Covid-19. ستحتاج الحكومات إلى قوانين متوازنة دقيقة تحمي الصحة العامة في حين تعالج الاقتصادات الراكدة ، والبطالة المرتفعة ، والمستويات المعيشية السيئة للكثيرين ، ونقص الحريات السياسية والفساد الرسمي الواسع الانتشار. قد تعالج لعض الحكومات على مشكلة الصحة العامة بشكل صحيح ولكن قدرة أو رغبة هذه الانظمة السياسية في معالجة الأسباب الكامنة وراء المشاعر الغضب الشعبي ضدها ستظل موضع شك كبير. الوضع الاقتصادي لايزال سيء وسيزداد خطر تجدد الاضطرابات المدنية مع تخفيف القيود.


شعر الشباب بإحباط متزايد بسبب سنوات من الظروف الاقتصادية الصعبة ونقص فرص العمل المناسبة مما ادى الى خروجهم غاضبين إلى الشوارع بأعداد كبيرة خلال عام 2019 وسيتدهور وضعهم في عام 2020. في العام الماضي ، كانت معدلات البطالة بين الشباب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أعلى المعدلات في العالم والمقلق لكثير من البلدان ان البطالة اصبحت أعلى من المعدلات المسجلة قبل الربيع العربي عام 2011. وسترتفع البطالة ، خاصة بين الشباب ، في عام 2020 مع إغلاق الاقتصادات ، وتقلص القطاعات الكثيفة العمالة و تكافح الشركات وسط انظمة العزل الاجتماعي الصارمة وضعف الطلب.
الميزانيات العامة المجهدة مع تعرض الإيرادات الضريبية لضربة وتكلفة زيادات الاقتراض جميعها عوامل ستقوض قطاع الخدمات العامة الضعيف اصلاً في تلك الدول المضطربة مثل لبنان وإيران والعراق وليبيا والسودان ، وكذلك الدول الأكثر ثراءً بما في ذلك مصر وتركيا والجزائر و المغرب. بالإضافة إلى ذلك ، فإن بعض الأسر في جميع أنحاء المنطقة ستجد أن قوتها الشرائية تتآكل بسبب ضعف أسعار الصرف للعملات المحلية وارتفاع الأسعار الاستهلاكية بسرعة ، الأمر الذي سيصب النار فيوق الزيت في تلك الدول المشتعلة اصلاً في الجزائر ومصر وإيران ولبنان وليبيا والسودان وسوريا وتونس واليمن. لقد عاد المتظاهرون في لبنان بالفعل إلى الشوارع بأعداد كبيرة وفي حالة مزاجية غاضبة وسط أزمة اقتصادية ازدادت سوءًا بسبب Covid-19  التي أدت إلى انخفاض في سعر الصرف وتضخم مزدوج الرقم وندرة السلع الأساسية .

التنافس في قمة الأستعداد

يمكن أن تتفاقم المنافسات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حيث تسعى الدول إلى إعادة تأكيد سلطتها في منطقة هشة وممزقة بالحرب وغير مستقرة. سعت المملكة العربية السعودية وإيران وتركيا وغيرها في السنوات الأخيرة للاستفادة من الفوضى والتشرذم المتزايد للنظام العالمي من خلال تثبيت دعائم القيادة والزعامة في ساحاتهم الخلفية. بالنسبة لهذه الدول ، يمثل جائحة Covid-19 فرصة لتعزيز وجودها الإقليمي والعالمي على حساب جيرانها ومنافسيها. ستظل العديد من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا غير مستقرة بسبب التنافسات السامة بين إيران والمملكة العربية السعودية ، على وجه الخصوص، حيث يشن هذان الطرفان حروبًا بالوكالة لتعزيز قوتهما ونفوذهما عبر المنطقة. ستستمر إيران في الاعتماد بشكل كبير على “قدرة الطرف الثالث” كسلاح مفضل في صراعاتها الإقليمية ، والتي تشمل الجماعات السياسية الشيعية والميليشيات والمتمردين في دول مثل لبنان وسوريا والعراق واليمن. يمكن أن تجذب الأوقات الصعبة التي جلبها Covid-19  المزيد من الاتباع والحلفاء لتلك القوى الاقليمية. وفي الوقت نفسه ، ستسعى المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى لبناء تحالفات اقليمية بعيد عن المراقبة والرصد.


صراع متعدد الاطراف

تعد الرغبة في التمكين الاقتصادي والسياسي محركًا قويًا ومرنًا للتغيير بين الشباب من الشباب في الشرق الأوسط ، والذي يبدو على استعداد للمخاطرة بالسلامة الشخصية لبداية جديدة. ادتCovid-19  وعمليات إغلاق والمخاوف صحية إلى خنق المد المتصاعد من الاحتجاجات المناهضة للحكومة ، لكن فترة الراحة ستكون قصيرة الأجل لبعض الحكومات في المنطقة. لم يبتعد المتظاهرون وهم عازمون على الضغط من أجل قيادة جديدة لتحل محل ما يعتبرونه نخبًا سياسية غير كفؤة وفاسدة وتخدم مصالحهم الذاتية بينما يطالبون بفرص عمل أفضل ، ومستويات معيشية أفضل وخدمات عامة أكثر فعالية. وستتفاقم مشاعر التهميش الاقتصادي والسياسي بسبب السياسات المطبقة لاحتواء Covid-19 ، مما سيؤدي إلى تراجع اقتصادي حاد في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ويمكن أن يدفع باتجاه موجة جديدة من الاحتجاجات في المنطقة. من غير المرجح أن يستقر الوضع المتوتر كثيرًا في العام المقبل بالنظر إلى الطبيعة الراسخة للقضايا المطروحة وتأثير الصراع الاقليمي المتعدد الاطراف، والذي يمكن أن يؤدي إلى تصاعد التوترات في الصيف أو الخريف.

Comments

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Popular stories