منتدى ستوكهولم للسلام والتنمية…تعزيز السلام في عصر التهديدات المرّكبة
قاسمي عبدالسميع
باحث بمنتدى صنع السياسات
IFPMC -LONDON
May 2021
مقدمة:
انعقد بين الرابع والسابع من شهر مايو الحالي منتدى ستوكهولم للسلام والتنمية 2021، تحت عنوان “تعزيز السلم في عصر المخاطر المركبة”. حيث شارك في المؤتمر باحثون ومتخصصون في عدة ميادين تتعلق بالأمن، التنمية، المناخ والاقتصاد حاولوا تسليط الضوء على عدة قضايا راهنة على غرار الأمن الغذائي، التحديات المناخية، التنمية، النزاعات ونزع التسلح وغيرها.
تهدِف هذه الورقة لابراز أهم سياقات ومخرجات المؤتمر مع التركيز على المحاور المتعلقة بالشرق الأوسط.
أولاً: نبذة عن المنتدى والجهة المنظمة
تم إطلاق منتدى ستوكهولم للسلام والتنمية في عام 2014 من قبل معهد ستوكهولم الدولي لدراسات وأبحاث السلام الذي يتخذ من العاصمة السويدية ستوكهولم عاصمةً له. نسخة 2021، تم تنظيمها بالمناصفة مع وزارة الخارجية السويدية وبالشراكة مع عدة هيئات بحثية متخصصة ومؤسسات دولية مرموقة من بينها معهد الدراسات الأمنية، المنظمة الدولية للهجرة، برنامج الأغذية العالمي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الاوروبية[1].
تتفق أغلب الأدبيات في دراسات الأمن والتنمية على وجود علاقة طردية بين الأمن والتنمية، حيث أن تدهور الوضع الأمني يؤثر سلباً على واقع التنمية والعكس [2]، وهي الفكرة العامة التي ينطلق منها المنتدى. هذا الأخير الذي يوفر للمختصين والباحثين في مجالات الأمن، الاقتصاد، التكنولوجيا والتنمية الدولية منصَّة مستقلة لمناقشة قضايا السَّلام والتنمية من منظورعابر للتخصصات.
يعتمد المنتدى على ابراز أهم التحديات الدولية من خلال ورش العمل والجلسات العامة والعروض التقديمية والاجتماعات غير الرسمية، حيث يناقش المشاركون الرهانات المشتركة وأفضل الممارسات والبحوث المتطورة حول القضايا العالمية ذات الأولوية.
ثانياً : سياقات الممنتدى
يأتي المنتدى في نسخة هذا العام في ظل تعاظم التهديدات الأمنية بفهومها الموسَّع الشامل للمخاطر الأمنية الصلبة والناعمة و تنامي وتيرة العنف في عدة مناطق في العالم خاصةً افريقيا ومنطقة الشرق الأوسط على نحوٍ خطير لازال يعرقل مسار التنمية بهذه المناطق[3].
فضلاً على ذلك، تنعقد فعاليات المنتدى بالتزامن مع جائحة كورونا وتداعياتها التي مسّت كل الميادين دون استثناء على رأسها الاقتصاد والأمن الدوليين. ولا شك أن الجائحة احدثت نقاشاً معرفياً جاداً خلُص لتأكيد ضرورة توسيع مفهوم الأمن للقطاعات الغير عسكرية خاصَّةً القطاع الصِّحي، وضرورة اعادة الاعتبار للأمن الانساني[4] . وهو ما دفع بالقائمين على المنتدى لهذا العام بتخصيص محاور لجائحة كورونا.
ثالثاً : أهم جلسات ومخرجات المنتدى
دامت فعاليات المنتدى لأربعة أيّام بدءا من الرابع الى السابع مايو 2021. وقد عرف مشاركة مكثفة للباحثين والمختصين في عدة مجالات خاصة الأمن، التنمية، الاقتصاد والتكنولوجيا[5].
نظراً لتزامن فعاليات المنتدى مع الجائحة، تم انعقاه افتراضياً مع اعتماد تقنية الاستوديو. وعرفت الجلسة الافتتاحية مداخلات ثرية حول أهمية مناقشة موضوع المخاطر المركبة، قدّمتها كل من وزيرة الخارجية السويدية آن ليندي ورئيس مجلس ادارة معهد ستوكهولهم لدراسات وأبحاث السلام جان الياسون، اضافة لمديرة الصندوق النقد الدولي كريستالينا جيورجييفا. وقد تبعت ذلك، مداخلات متنوعة حول ادارة المخاطر المركبة، دور وسائل التواصل الاجتماعي في بناء السلام، المناخ وبناء السّلام والأمن الغذائي.
اليوم الثاني بدوره عرف جلسات قيّمة، حول عدة مواضيع منها : تمويل عمليات بناء السلام في العالم، الشراكة من أجل تحقيق التنمية المستدامة، اصلاح القطاع الأمني، الذكاء الاصطناعي، الوقاية من التطرف العنيف، الاستثمار في السلام.
في اليوم الثالث من فعاليات المنتدى، تم التركيز على التهديدات الأمنية الناعمة. حيث تناولت أغلب الجلسات قضايا على رأسها جائحة كورونا، المناخ، المجاعة والأمن السيبراني. من بين أهم الجلسات تلك المعنونة ب”كوفيد،حالات الطوارئ والتحولات: تأثير الاستجابات القانونية الطارئة على ادارة جائحة كورونا في البيئات الهشة”، ” السلام والأوبئة: الشباب والابتكار من أجل السلام خلال جائحة كورونا”. كما شهدت جلسات اليوم الثالث تناول موضوع علاقة المناخ بالأمن، بناء السلام وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
اختتاماً لفعاليات المنتدى، تم تسليط الضوء على التهديدات ذات البعد التكنولوجي وعلاقتها ببناء السلام والتنمية. حيث ناقشت الجلسات مواضيع عدّة على غرار الدروس المستفادة من تجارب تعزيز السّلام في ظل تعاظم المخاطر والتهديدات المركبة، اضافة لدور التعاون الدولي ومنصات التواصل في بناء السلام ومواجهة التهديدات الأمنية على غرار الجريمة المنظمة، الارهاب والنزاعات بأنواعها.
فيما يتعلق بالشرق الأوسط، فقد خصص المنتدى جلستين لتناول موضوعي النزاعات والتهديدات السيبرانية في الشرق الأوسط تحت عنوان الوقاية من النزاع وبناء الثقة في الفضاء السيبراني في الشرق الأوسط، وقد نُظِمت الجلستان بالشراكة مع مركز الحوار الانساني ومعهد الحوار السويدي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
خلاصة:
يُعتبر منتدى ستوكهولهم للسّلام والتنمية، أحد أهم الفعاليات الدولية في مجال الأمن والتنمية كونه يجمع أهم الفاعلين الدوليين من باحثين وهئيات دولية حكومية وغير حكومية لمناقشة التهديدات الأمنية والآليات الكفيلة ببناء السلام وتحقيق التنمية. يكتسي المنتدى أهميته كذلك، من الهيئة المنظمة له وهي معهد ستوكهولم لدراسات وأبحاث السلام، وهو مؤسسة بحثية مرموقة تقدِم دراسات وبيانات ذات جودة في مجالات التسّلح الدولي، المناخ وبناء السلام.
بخصوص أهم مخرجات المؤتمر، فهي التأكيد على ضرورة استغلال التكنولوجيا ومنصات التواصل الاجتماعي في بناء السَّلام، وكذا تمكين الشباب والمرأة على نحو يسمح بالوقاية من النزاعات وتحقيق التنمية، علاوة على تأكيده على ضرورة تناول قضية المناخ بمحمل الجِد نظراً لما تحمله من أهمية في سبيل تحقيق التنمية المستدامة.
خلُص المنتدى كذلك، لضرورة التعاون الدولي وتبنى استراتيجية الحلول الجماعية المتعددة الأطراف التي تبنتها وشددت عليها منظمة الأمم المتحدة في الذكرى 75 لانشائها حين سطَّرت برنامجها لمواجهة جائحة كورونا.
الهوامش
[1] 2021 Forum Partners, SIPRI, accessed on 19/0/2021, at : https://bit.ly/3bYhWqP
[2] BJÖRN HETTNE, Development and Security: Origins and Future, Security Dialogue, vol. 41, no. 01, February 2010, pp. 31-52
[3] Global Conflict Tracker, Council on Foreign Affairs, accessed on 19/05/2021, at: https://on.cfr.org/3hFaQer
[4] أحمد ناجي قمحة ، كورونا .. إعادة الاعتبار للأمن الإنساني، مجلة السياسة الدولية، العدد 02، 2020.
[5] 2021 Stockholm Forum on Peace and Development Agenda, SIPRI, accessed on 20/05/2021 at: https://bit.ly/3v6iXnV