مستقبل الشبكات العالمية في ظل التحولات الدولية الراهنة

Related Articles

مستقبل الشبكات العالمية في ظل التحولات الدولية الراهنة

الباحث :قاسمي عبدالسميع*

باحث بمنتدى صنع السياسات

April 2021

 

 

مقدمة :

صدر مؤخراً عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية CSIS تقرير متخصص حول مستقبل الشبكات العالمية وآفاق التطور الاقتصادي والتكنولوجي[1] في ظل التنافس الأمريكي الصيني والتحولات الدولية الراهنة على رأسها جائحة كوفيد-19.

تصبو هذه الورقة لإلقاء الضوء على مضمون هذا التقرير وأهم ما جاء فيه مع التركيز بشكل خاص على كل ما يتعلق بالعراق والشرق الأوسط.

 

أولاً : نبذة عن التقرير

 

تقرير الشبكات العالمية جاء تحت عنوان : Global Networks 2030 : Developing Economies and Emerging Technologies، وقد اضطلع بالتحرير العلمي للتقرير كل من جوناثان هيلمان  Jonathan E. Hillman باحث رئيسي ومدير مشروع إعادة ربط آسيا Reconnecting Asia Project بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، و لورا ريفاس Laura Rivas باحثة ضمن ذات المشروع والمركز.

ويندرج التقرير ضمن مشروع إعادة ربط آسيا المُدار من قبل مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، والمدعوم من وزارة الشؤون الدولية والاتصال اليابانية ودائرة البحث والاستشارات بميتسوبيشي Mitsubishi UFJ Research and Consulting Co. Ltd.

 

ثانياً : محاور ومضمون التقرير

تناول التقرير 6 محاور أساسية حاول من خلالها الباحثان تسليط الضوء على مستقبل الاقتصاد العالمي والتكنولوجيا آفاق 2030، وقد جاءت محاور التقرير كالآتي :

  1. ملخص تنفيذي
  2. مقدمة
  3. الاقتصاديات المتطورة
  4. التكنولوجيات الجديدة
  5. توصيات

كما استند التقرير في معرض تحليله الى مراجع مهمة إضافة الى اشكال بيانية حاول من خلالها الباحثان توضيح وتبسيط عدة معطيات وبيانات.

التنافس بين الصين والولايات المتحدة في مجال التكنولوجيا بوصفهما قوتين اقتصاديتين كان النقطة التي انطلق منها الباحثان في تحليلهما لمستقبل التكنولوجيا؛ حيث تم التركيز على جهود الصين في تعزيز موقعها وقوتها التكنولوجية في اطار مشروع “طريق الحرير الرقمي” Digital silk Road الذي تسعى من خلاله للاستفادة بأكبر قدر من كل الشعوب التي سيشملها المشروع، والتي ستكون أكبر مستهلك للسلع الصينية في كل المجالات لا سيما تكنولوجيا المعلومات.

الدول النامية سيكون لها شأن كبير ودور محوري في مستقبل الشبكات العالمية حسب التقرير، لاسيما آسيا وافريقيا، اللتان ستستضيفان تسع مدن كبرى من أصل عشرة آفاق سنة 2030، مثلما يوضحه الشكل 01 أدناه.

الشكل 01. أهم المدن الكبرى بين 2018 و 2030[2]

كما يؤكد الباحثان في معرج تحليلهما أن الوتيرة المتسارعة في ميدان الإعمار ونمو السكان ستقود حتماً إلى تعاظم الطلب على البنى التحتية الرقمية على غرار “المدن الذكية” وغيرها، خصوصاً وأن قرابة نصف سكان الأرض لا يستفيدون من خدمات الانترنت حالياً[3]. سدّ هذه الفجوة الرقمية قد يكلِّف حسب التقرير 428 مليار دولار، بينما تكلِّف التجهيزات والاستثمارات اللازمة للاستفادة الكليّة من مزايا الاقتصاد الرقمي أكثر من 701 مليار دولار في السنة[4].

الشكل 02. سد الفجوة الرقمية وتكاليفها[5]

يزعم التقرير أن تكنولوجيات الاعلام والاتصال الجديدة يمكن أن تساعد على سدّ الفجوة الرقمية السالفة الذكر مما سيعود بالنفع على الولايات المتحدة وحلفائها التقليديين، وهو ما سيمنحها السبق في ميدان التكنولوجيا على الصين منافسها التقليدي.

فــيما يتعلق بالعراق ومنطقة الشرق الأوسط، لم يقدم التقرير أي إضافة مهمة تذكر كونه انطلق من مقاربة تقوم على تقسيم العالم إلى دول متقدمة على رأسها الولايات المتحدة وحلفائها من جهة والصين من جهة أخرى؛ والدول السائرة في طريق النمو التي تشمل كل دول افريقيا، منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، آسيا وأمريكا اللاتينية. في شقٍ آخر، تم ابراز العراق ومنطقة الشرق الأوسط في معرض تحليل التقرير لعلاقة المدن الذكية ومتطلباتها التقنية والاجتماعية لا سيما الحريات الفردية.

إذ تم عرض شكل يبين مستوى الحريات الفردية في العالم بالقياس مع الدخل الاقتصادي، وقد جاء العراق في فئة الدول الغير حرة رغم أن تصنيفه من حيث الدخل الاقتصادي جاء في الفئة المتوسطة مثلما يوضحه الشكل 03 أدناه[6].

الشكل 03. الحريات الفردية في العالم[7]

 

كخلاصة… توصيات التقرير :

قدم التقرير جملة من التوصيات لصانع القرار الأمريكي. حيث أوصى الباحثان صناع القرار بواشنطن بِأهمية صياغة رؤيتها الخاصة لمستقبل الشبكات العالمية على نحو يخدم مواطنيها لا سيما الطبقة الوسطى[8]. ولنجاح هذه العملية يجب على الولايات المتحدة تعزيز الاستثمار في التكنولوجيات الحديثة عبر انشاء صندوق خاص يعكف على تسريع هذه الوتيرة.

 يوصي التقرير على ضرورة عقد شراكة مع الأسواق الإقليمية الرئيسية، حيث أن المنافسة في الأسواق مستقبلاً  تتطلب من الولايات المتحدة وحلفائها توسيع التمويل، وتقديم الدعم الفني، والترويج لنموذج عالي المستوى للمدن الذكية[9].

الأخير، أكدّ التقرير أن كل الخطوات السابقة يجب أن تدخل حيز التنفيذ في أقرب وقت اذا أرادت الولايات المتحدة أن تتصدر العالم في مجال الشبكات والتكنولوجيا؛ وأن العمل على ذلك يجب أن يبدأ من الآن عبر التركيز على تطوير التكنولوجيات وتبنى نظام وطني للخصوصية وحماية البيانات، تشجيع الهجرة لاستقطاب الرأسمال البشري القادر على الابداع والابتكار[10].

الهوامش:

[1]  للإطلاع على التقرير، ينظر : https://bit.ly/3mUAmgf

[2] Jonathan E. Hillman and Laura Rivas, Global Networks 2030: Developing Economies and Emerging Technologies (Washington : CSIS), March 2021, p. 15

[3] Ibid., p. 06

[4] Ibid, p.06

[5] Ibid., p. 07

[6] Ibid., p. 16

[7] Ibid., p. 16

[8] Ibid., p. 22

[9] Ibid., p.23

[10] Ibid., p.24

Email : abdelssami@ifpmc.org

Comments

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Popular stories