مؤتمر التعاون الانمائي 2021…التعاون الدولي لمواجهة الجائحة وتحقيق التنمية المستدامة

Related Articles

مؤتمر التعاون الانمائي 2021…التعاون الدولي لمواجهة الجائحة وتحقيق التنمية المستدامة

 

قاسمي عبدالسميع[i]

باحث بمنتدى صنع السياسات

 March 2021

مقدمة:

نظم المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة يومي السَّادس والسابع من الشهر الحالي لقاءاً افتراضياً عالي المستوى لتناول قضايا التنمية الدولية الراهنة وآفاقها. حيث جاء المؤتمر هذه السنة بعنوان “التعاون الانمائي..التقليل من الأخطار. تحقيق التعافي وبناء نظام استجابة فعال”.Development cooperation for the Decade of Action: Reduce risk. Enable recovery. Build resilience.

في هذا السّياق، تهدف هذه الورقة لتسليط الضوء على أهم محاور وجلسات المؤتمر وكذا سياقاته وآفاق مخرجاته في ظل جائحة كورونا.

أولاً : نبذة عن المؤتمر والجهة المنظمة

مؤتمر التعاون الانمائي[ii]، هو لقاء عالي المستوى نظمه المجلس الاقتصادي والاجتماعي باعتباره جهاز أممي تحت وصاية الجمعية العامة للأمم المتحدة يضطلع بمهام استشارية تتعلق بالتعاون الدولي في الميادين الاقتصادية والاجتماعية.

يهدف المؤتمر لتعزيز التعاون الدولي من أجل التقليل من الأخطار التي تعرقل عملية التنمية. وبحكم انعقاده في ظل جائحة كوفيد-19 هذه السنة، فقد خصص المؤتمر جزءا كبيرا من اشغاله وجلساته لمناقشة آليات تحقيق التعافي والاستجابة لتداعيات الجائحة والتخطيط لمرحلة ما بعد الوباء.

ثانياً : سياق انعقاد المؤتمر

يأتي المؤتمر في ظل سياق دولي استثنائي على كافة الأصعدة، أولها جائحة كورونا التي لازالت تفتك بأرواح الملايين من البشر، ولازالت تؤرق صناع القرار الذين لحد الساعة لم يجدوا حلا نهائيا لمواجهتها عدا الاجراءات الوقائية التي اوصت بها منظمة الصحة العالمية. الجائحة وما تبعها من اجراءات لا سيما الحجر الصحي، أثرت سلباً على الواقع الاقتصادي والاجتماعي نظراً للشلل الذي مس كل جوانب الحياة اليومية على غرار النقل والحركية التجارية وغيرها.

من جهة أخرى، فان المؤتمر جاء في مرحلة هامة من مراحل مواجهة الوباء، وهي مرحلة تصنيع اللقاح المضاد لفيروس كورونا وتوزيعه على الصعيد العالمي في اطار برنامج كوفاكس المتبنى من قبل منظمة الصحة العالمية.

كل ذلك يثبت بشكل أو بآخر، أهمية المؤتمر ومخرجاته كونه يأتي في سياق مهم من جهة وكونه يناقش قضية الساعة بامتياز وهي تحقيق التنمية المستدامة في ظل تداعيات جائحة كوفيد-19.

 

ثالثاً: محاور وجلسات المؤتمر

عرف المؤتمر ست جلسات افتراضية تم عقدها على مدار يومين، نشطها مختصون وباحثون في عدة ميادين.

  1. الجلسة الافتتاحية بعنوان : من النقاش إلى عقد جديد من العمل..مستقبل التعاون الدولي

نشطها دبلوماسيون وباحثون لا سيما رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي ومندوب باكستان لدى الامم المتحدة منير أكرم، وكل من ليو زهنمين مساعد الأمين العام للأمم المتحدة، وميكاييل باحث مختص في الأوبئة. وقد تناولت الجلسة انعكاسات جائحة كورونا على التعاون من أجل التنمية ومفاهيمه واظهارها لحدود هذا التعاون وثغراته، وخلصت الى ضرورة تبني نموذج جديد اكثر فعالية في التعاون الدولي يحمي الفئات الهشة في العالم ويسمح بتحقيق تنمية مستدامة اكثر استجابة للأزمات.

  1. الجلسة الثانية بعنوان : تحديد الأخطار من خلال التعاون الانمائي

ناقشت الجلسة امكانيات وآليات وضع أسس لتعاون دولي مبني على تحديد ومواجهة والتقليل من الأخطار وذلك عبر انتهاج مقاربة جديدة تقوم على وضع نظام قادر على كشف هذه الأخطار وتداعياتها المحتملة على التنمية وذلك من خلال التعلم من التجارب التي مر بها العالم والاستفادة من الخبرات علاوة على الاستغلال الأمثل للمعطيات والبيانات الاحصائية المتاحة.

جاءت الجلسة للاجابة على اسئلة محورية وهي :

  • ماهي أهم الفرص والتحديات لتكييف سياسات وممارسات التعاون الانمائي لادارة الاخطار وبناء الاستجابة ؟
  • كيف يعمل شركاء التنمية مع الدول النامية في مجال تصمصم ووضع مقاربات للانذار بالمخاطر المهددة للتنمية المستدامة، من بينها الاستجابة والتعافي من جائحة كورونا ؟
  • ما هي أهم السياسات وأدوات التخطيط الأكثر مساعدة في مواجهة الأزمات الغير مسبوقة ؟ كيف ساهمت العلوم والتكنولوجيا والابتكار في هذه الجهود ؟
  • كيف يوظف ويكيف شركاء التنمية البيانات والانظمة الاحصائية لتحديد الاخطار المحتملة ؟
  • ما هي اهم الامثلة للسياسات الابتكارية او الشراكات ؟

وقد شارك في الجلسة عدة شخصيات بارزة على غرار كولن فيكسن كيلابيل نائب رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي ومندوب دولة بوتسوانا لدى الامم المتحدة، صولوص كلاوص شيليما وزير التخطيط لدولة مالاوي. كما قدم كل من كيميو تاكيا مستشار تقني في التقليل من المخاطر والكوارث بالوكالة اليابانية للتعاون الدولي و لوري بلانكارد بروناك مدير السياسات والشراكات بتكتل المؤسسات المالية الاوروبية مداخلات ثرية حول التقليل من الاخطار والكوارث وادارة الازمات.

  1. الجلسة الثالثة بعنوان : تعزيز الانظمة الصحية للدول الهشة

الجلسة الثالثة، جاءت لتناول اشكالية نقل الخبرات ومساعدة الانظمة الصحية في الدول الهشة، حيث سلطت الضوء على أهم التجارب الناجحة في نقل الخبرات والمساعدات لدول هشة في العالم. كما ناقشت الجلسات كيفية وضع آليات وتفعيل التعاون الدولي في المجال الصحي ومرافقة الانظمة الصحية للدول الهشة في مواجهة الجائحة ومختلف الاوبئة لا سيما بافريقيا.

شارك في الجلسة كل من رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي، ومختصون في التعاون الدولي من بينهم المدير العام لوكالة التعاون الانمائي بدولة النرويج بارد فيغار، و والدكتورة فانيسا روزيير استاذة بمعهد وييل الطبي بالولايات المتحدة. وقد اختتمت بموجب هذه الجلسة اشغال اليوم الأول من المؤتمر.

  1. الجلسة الرابعة بعنوان : التعاون الانمائي في مواجهة تحديات الجائحة والمناخ

تحقيق تنمية مستدامة مبنية على الاقتصاد الاخضر كان اهم محور في هذه الجلسة، حيث ناقش المتدخلون دور التعاون الدولي في ميدان الصحة والبيئة الأخذ بعين الاعتبار اثناء التخطيط لمرحلة ما بعد الوباء للآليات الكفيلة بتحقيق تنمية مستدامة بأبعادها الثلاثة البيئية والاجتماعية والاقتصادية وذلك عبر بناء اقتصاد اخضر وعقلنة استخدام الموارد الطبيعية.

وقد نشط الجلسة كولن فيكسن كيلابيل نائب رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي ومندوب دولة بوتسوانا لدى الامم المتحدة، بينما قدم مختصوص من بينهم مفوض الاتحاد الافريقي للاقتصاد الزراعي والريفي جوزيفا ساكو و المركز الدولي للتكيف، البروفيسور باتريك فيركويين مداخلات وتجارب حول ذات الموضوع.

  1. التعاون الاقليمي في ميادين العلوم، التكنولوجيا والابتكار في مرحلة الجائحة

كيف يمكن للتعاون الاقليمي في مجالات البحث العلمي، والتكنولوجيا والابتكار ان يساعد الدول في مواجهة جائحة كورونا؛ كان أهم سؤال أجابت عنه هذه الجلسة، حيث ركزت كل المداخلات على التأثير المتبادل بين الجائحة والتعاون الاقليمي. كما ناقشت دور البنوك والتكنولوجيا والاستثمار في هذه الجهود.

نشط الجلسة منير أكرم رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي ومندوب باكستان لدى الامم المتحدة. في حين عرفت مداخلات متخصصة وثرية قدمها كل باحثون وممارسون على غرار البروفيسور صاموييل انيم، استاذ ومستشار في الاحصاء لدى حكومة غانا، وخافيير دافيلا توريس، المدير العام لجهاز التعاون التقني والعلمي بالوكالة المكسيكسية للتعاون الانمائي.

  1. التحديات العالمية تلهم النشاط – بناء نموذج جديد للتعاون الإنمائي

على نحو لخص مخرجات كل الجلسات السابقة، قدمت هذه الجلسة قراءة عامة ومتأنية لتحديات التنمية الراهنة وشددت على ضرورة الاستجابة السريعة والفعالة لكل التحديات السالفة الذكر وتعزيز التعاون الدولي لمواجهتها ونقل الخبرات للدول النامية وكذا حماية الفئات الهشة، وذلك على نحو يسمح بتحقيق التعافي من تداعيات الجائحة في اقرب وقت من جهة وتصميم نموذج تنموي اكثر فعالية في مواجهة الاخطار، الازمات والطوارئ.

خلاصة

يأتي مؤتمر التعاون الانمائي في نسختة لهذا العام في سياق استثنائي، تجاوب معه القائمون على المؤتمر الذين صبوا كل اهتمامهم نحو التعاون الدولي وكيفيات مواجهة الجائحة وتحقيق التنمية المستدامة. وقد تميز المؤتمر بمداخلات ثرية وقيمة أغلبها قُدمت من قبل باحثين ومختصين من دول نامية.

من بين أهم مخرجات المؤتمر، هي ضرورة استغلال الوقت الراهن والأزمة الصحية العالمية لتخطيط مستقبل افضل للتنمية على الصعيد العالمي، حيث اجمع المشاركون على ان الفترة الاستثنائية الراهنة تعتبر فرصة لاعادة بناء تصور جديد للتنمية قائم على مواجهة الأزمات والأخطار والاستجابة الفعالة.

 

[i] البريد الالكتروني : abdelssami@ifmpc.org

الهوامش :

[ii]  للمزيد ينظر، الورقة المرجعية للمؤتمر على الموقع الرسمي للمؤتمر : https://bit.ly/3hBI7H4

Comments

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Popular stories