العرب لا كتلة اقتصادية تجمعهم

Related Articles

في مطلع العام الحالي وتحديدا في 1 يناير 2021 أعلنت 35 دولة افريقية تصديقها على اتفاقية التجارة الحرة الافريقية (AfCFTA) والتي كانت قد انبثقت في قمة كيغالي-راوندا في عام 2018 وكانت تحتاج الى تصديق 22 دولة افريقية لكي تصبح المعاهدة نافذة وتصبح منطقة التجارة سارية. وعلى الرغم من ان هذه الخطوة التي باركتها في وقتها دميع الدول الافريقية الا انها ضلت تسير ببطيء شديد الا ان وقعت ازمة جائحة كوفيد -19 التي دفعت العديد من دول القارة الافريقية الى ان تعيد التفكير بأولويات مستقبلها الاقتصادي وتؤكد موفقتها على الاطار العام للاتفاقية.

الواقع ان فكرة ان تجتمع دول القارة الافريقية المتباينة والمختلفة في كل مجالات التكوين السياسي والاقتصادي والثقافي كان الى وقت قريب اشبه بالخيال العلمي ولقد شككت الدول الافريقية نفسها في إمكانية تحقق هذا المشروع او على الأقل إمكانية تطبيق  اتفاقية اديس ابابا في 2012 والتي مهدت لأنشاء منطقة التجارة الحرة القارية او CFTA في مطلع 2017 والتي كانت الممهد لاتفاقية (AfCFTA).

عموماً ما كان حلماً بعيد المنال اصبح الان واقعاً واصبح امام الدول الافريقية المهمة الأكثر خطورة الا وهي انشاء التنظيمات وربط السياسات والعمل الجاد والشاق على اصلاح الأنظمة والتشريعات التي تسهل عملية التبادل الجمركي وحرية انتقال البضائع والأشخاص عبر دول القارة. ورغم تعقد المهمة على القادة الافارقة الا ان البنك الدولي بشر بان هذه الخطوة تمثل صناعة جديدة لواقع ومستقبل الدول الافريقية حيث ان اتفاق منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية والذي سيكون أكبر منطقة للتجارة الحرة في العالم نظراً لعدد البلدان المشاركة، وسيربط الاتفاق بين 1.3 مليار شخص في 55 بلدا مع إجمالي ناتج محلي إجمالي بقيمة 3.4 تريليون دولار أمريكي. ولديها القدرة على انتشال 30 مليون شخص من براثن الفقر المدقع.

في السابق كانت فكرة الوحدة العربية عبارة عن حالة وجدانية او عاطفية اكثر بكثير من كونها حقيقة تسندها وقائع عالم الاقتصاد والتجارة وهو عالم مناسب جداً لتعبر الشعوب فيه فوق حواجز الاختلافات السياسية والأيديولوجية وصراعات الماضي. ويبدوا اننا العرب اصبحنا في امس الحاجة لكي نعيد ربط اجزاءنا المبعثرة وفق منطق عالم التجارة الحرة والاقتصاد والمال والصناعة التي تنتقل عبرها الثروات العربية لتنتج كتلة اقتصادية تحاكي منطق الواقع الدولي التنافسية الشديدة التوتر والتي تهدد بإعصار سيقتلع الفقراء وضعاف الأمم اقتلاع لا مناص منه.

واذا استطاعت أوربا التي لا مثيل لصراعاتها البينية الموغلة عبر العصور من ان تكون كتلتها الاقتصادية ( الاتحاد الأوربي EU) واذا اجتمعت اسيا التي لا مثيل للتنافسية الاقتصادية فيها التي تصل الى تكسير الرؤوس ومع هذا نجحت في خلق رابطة دول جنوب شرق آسيان منذ ستينات القرن الماضي ثم تم تطوير الشراكة الاسيوية عبر اتفاق الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة RCEP”، اذن ما لذي يمنع الدول العربية من خلق مدارهم الاقتصادي والتجاري الحر الذي يجعل منهم كتلة اقتصادية تكاملية ؟

لا يمكن ان نتغافل عن كمية الشد والضغط الذي تمارسه القوى الإقليمية التي تجاور المنطقة العربية إضافة الى محاور وسياسات القوى الكبرى التي لطالما نسجت طبيعة اقتصادية خاصة للتبادل التجاري والاقتصادي مع الدول العربية والتي كثيراً ما تقاطعت يمع فكرة منطقة اقتصادية عربية ولكن نحن نعيش في عالم متغير جداً وفيه تجري عملية إعادة تموضع جديدة للقوى الكبرى خاصة وان الابعاد الاقتصادية والتجارية لجائحة كوفيد-19 سوف تستمر لوقت طويل وسوف تشكل واقعاً اقتصاديا جديد سوف تعاني منه الدول النامية والاقل نمواً بصورة حتمية إضافة الى انها سوف تغير من أولويات الدول الغنية والقوى الاقتصادية الكبرى وبالتالي لا مناص من توحيد جهود وموارد الدول النامية والاقاليم القارية التي قد تكون متباينة في واقعها السياسي والاقتصادي والايديولوجي ولكن بالتأكيد تجمعها قوة وجودها الجغرافي في ذات الرقعة الجغرافية ومعاناتها من ذات الضغوط الاقتصادية.

Comments

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Popular stories