البُعد الروسي في مشهد الاضطرابات البيلاروسية

Related Articles

البُعد الروسي في مشهد الاضطرابات البيلاروسية

د. لمى الإمارة

باحثة في شؤون السياسة الدولية

IFPMC-LONDON 2020

هناك العديد من العوامل وراء الكواليس في بيلاروسيا والتي أدت بها إلى ماتبدو عليه اليوم. إذ إن بوادر شرارة الاضطرابات في بيلاروسيا قد سبقت ظهور نتائج انتخابات التاسع من آب 2020 والتي أتت نتائجها، كما توقعتها المعارضة التي اتهمت الحكومة بالتزوير، لصالح الرئيس ألكسندر لوكاشينكو الذي استمر يحكم البلاد ستة دورات متتالية، منذ انتخابه بشكل مباشر كأول رئيس للبلاد في تموز 1994، معززًا سلطته بثبات من خلال الوسائل التسلطية والنظام الاقتصادي المركزي والإبقاء على سريان القيود الحكومية على الحريات السياسية والمدنية، وحرية التعبير والصحافة، والتجمع السلمي، والدين.

خلفيات الاضطرابات

  • تذمر المواطن العادي من انتشار الفساد بين النخبة المقربة من أصحاب القرار في الحكومة.
  • عدم إعطاء الرئيس لوكاشينكو المعارضة فرصة للدخول في حوار حر أو مباشر، واصفًا إياهم بالدمى الغربية.
  • تعامل الحكومة المتراخي في احتواء جائحة كورونا الذي صعّب الوضع في البلاد؛ فلم يتم فرض أي شكل من أشكال الاحتراز الوقائي، بل استمر تنظيم العروض العسكرية كما وسمح باستمرار دوري كرة القدم. ومن طرائف ما يُذكر أن الرئيس لوكاشينكو اقترح على الناس أن يشربوا الفودكا وأن يقودوا الجرارات الزراعية للحفاظ على لياقتهم وصحتهم في ظل الجائحة.
  • تدهور العامل الاقتصادي. فلقد أثّر الإلغاء التدريجي للدعم الروسي للطاقة المصدّرة إلى بيلاروسيا على تراجع المستوى المعيشي لنحو 9,477,918 مليون نسمة.

لقد كان لهذا العامل الأخير الدور الأبرز في دفع الناس للتظاهر، ومن هنا تنطلق هذه الدراسة لسبر اغوار العلاقات الروسية-البيلاروسية، ومدى الاهتمام الروسي بكل ما يجري من أحداث داخل بيلاروسيا.

مرحلة الرئيس بوريس يلتسن

حصلت بيلاروسيا، بعد سبعة عقود من كونها جمهورية مكونة لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية، على استقلالها في عام 1991. سعت روسيا الاتحادية، في ذلك الوقت، للحفاظ على نفوذ في فضاء ما بعد الاتحاد السوفيتي من خلال إنشاء منظمة إقليمية سُمّيت كومنولث الدول المستقلة في 8 كانون الأول 1991. كما سعت، في الوقت ذاته، الاحتفاظ بعلاقات سياسية واقتصادية وثيقة مع بيلاروسيا أكثر من أي جمهورية من جمهوريات الإتحاد السوفيتي السابق.  ويمكن أن نعزو السبب إلى كون البلاد التي تحدوها روسيا من جهة الشرق، محاذية لأعضاء حلف شمال الأطلسي بولندا وليتوانيا ولاتفيا من جهة الغرب. ومن الجنوب لها حدود مع أوكرانيا؛ وهي دول، في المجمل، تميل إلى محاباة الغرب على حساب المصالح الإستراتيجية الروسية.

ومع ذلك، ظهر نوع من الفتور في العلاقة ما بين الدولتين خلال تلك المرحلة من حياة الدولتين، إذ انشغلت روسيا بمحاولات حل مشاكل التركة التي خلّفها لها الإتحاد السوفيتي، والمتمثلة بشكل رئيسي آنذاك بالعبء الاقتصادي، وتصحيح طبيعة العلاقات التي كانت متوترة مع الولايات المتحدة والدول الأوربية. لذلك لم تكن هنالك رغبة حقيقية لتعكير صفو العلاقات التي كانت تحاول بناءها مع الغرب.

تغير الحال بعد وضوح الرؤية الروسية تجاه الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي أثر محاولات التوسع شرقًا. وجدت روسيا نفسها في وضع صعب، فمن ناحية، كانت تواجه انفراط الكتلة الجيوسياسية الكبيرة التي كانت تسيطر عليها ذات يوم؛ ومن ناحية أخرى، شعرت أن الغرب، وبدلًا من أن يقترب منها، يحاول عزلها عن جوارها الجغرافي من خلال جذب دول نفوذها السابق؛ وهو ما دفعها لزيادة الاهتمام بالعلاقات مع جوارها الجغرافي وعلى رأسه العلاقات مع بيلاروسيا التي تعتبرها روسيا بمثابة حصن رئيسي ضد التوسع الغربي وقناة مهمة لصادراتها من الطاقة.

لقد بدت بيلاروسيا مرشحًا مثاليًا للاندماج مع روسيا مع وصول ألكسندر لوكاشينكو إلى السلطة. إذ وقّع الطرفان على معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون في شباط 1995التي مهدت لعملية التكامل في 2 نيسان 1996. واستمر تعزيز أساس الاتحاد في 2نيسان 1997 بالتوقيع على “معاهدة الاتحاد” التي تم تغيير اسمها إلى اتحاد روسيا وبيلاروسيا. وتم توقيع عدة اتفاقات أخرى في 25 كانون الأول 1998 بهدف توفير قدر أكبر من التكامل السياسي والاقتصادي والاجتماعي وبلغت العلاقات ذروتها بالتوقيع على معاهدة إنشاء دولة الاتحاد في 8 كانون الأول 1999، وهي منظمة دولية تتكون من عضوية الدولتين لتشكيل دولة الاتحاد فوق الوطنية.

كان الهدف هو تحقيق اتحاد فيدرالي مثل الاتحاد السوفيتي، برئيس مشترك للدولة، ومجلس تشريعي، وعلم، وشعار نبالة، ونشيد وطني، ودستور، وجيش، ومواطنة، وعملة. إذ نصّت المعاهدة على تبنّي الطرفان سياسات خارجية وأمنية ودفاعية موحدة، وميزانية مشتركة، وسياسة مالية ائتمانية وضريبية موحدة، وتعرفة جمركية موحدة، ومنظومة طاقة واتصالات ومواصلات واحدة. على أن تحتفظ كِلا الدولتين ضمن الاتحاد بسيادتها ووحدة أراضيها وأجهزة دولتها ودستورها وعلمها وشعارها.

صدّق مجلس الدوما الروسي على الاتحاد في 22 كانون الأول 1999 ودخلت حيز التنفيذ بعد مصادقة الجمعية الوطنية في بيلاروسيا في 26 كانون الثاني 2000. وبهذه الاتفاقية تمتعت بيلاروسيا من دون جميع بلدان رابطة الدول المستقلة بأكبر الحقوق في المجالين السياسي والاقتصادي مع روسيا. كما وأكدت على مبدأ الحقوق المتساوية للمواطنين في مجالات التوظيف والحصول على الرعاية الطبية والتعليم.

مرحلة الرئيس بوتين

لم تسير الأمور على نفس السياق الذي خطط له بعد استقالة يلتسين وانتخاب فلاديمير بوتين رئيسًا للبلاد في 26 آذار 2000. إذ تغيرت توجهات رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو الذي كان يأمل في أن يصبح رئيسًا لاتحاد روسي بيلاروسي مستقبلي، في حال وفاة الرئيس المريض آنذاك يلتسين. وهو ما كان يعني، حسب بعض المراقبين، الحصول على قوة كبيرة تضمن بقاءه وتسهّل له ربط اقتصاده الضعيف للغاية باقتصاد روسيا الأقوى. إلا إن التغيير في روسيا أجبر لوكاشينكو على إلغاء خططه والحفاظ على التوازن بين استقلال بلاده وضغط بوتين المتزايد من أجل مزيد من الاندماج بين البلدين في دولة الاتحاد.

 لقد جوبه الطموح الروسي في السنوات الأولى من حكم الرئيس فلاديمير بوتين لتعزيز العلاقات بين الطرفين إلى درجة أكثر اندماجًا، لتكون على شكل صيغة نموذج فدرالي من خلال الانضمام أو تبنّي اتحادًا مشابهًا للاتحاد الأوروبي، بالرفض من قبل بيلاروسيا التي تمسكت بالاحتفاظ بالعلاقات على نفس نمط مرحلة التسعينات. هذا الأمر دعا روسيا إلى تغيير سياستها الخارجية نحو اتجاه أكثر واقعية من خلال تقليل العبء الاقتصادي الذي تفرضه بيلاروسيا على اقتصادها، وفي الوقت ذاته الاحتفاظ بشكل من النفوذ على البنية التحتية لنقل الطاقة عبر أراضيها.

أثارت التطورات الدولية، المتمثلة بالنشاط العسكري للولايات المتحدة في الجوار الروسي القريب، وتحول دول أوروبا الشرقية نحو الغرب، وخطط نشر نظام الدفاع الصاروخي لحلف شمال الأطلسي في بولندا وجمهورية التشيك ومن ثم صعود الثورات الملونة، حفيظة روسيا ودفعت بها لتجاوز النكسات في التكامل السياسي والاقتصادي مع بيلاروسيا التي زادت قيمتها الاستراتيجية بالشكل الذي جعل الحرص على العمل على استمرار عمليات التكامل العسكري بين الدولتين ضرورة كبرى.

العلاقات في الجانب العسكري

تتمتع روسيا وبيلاروسيا بعلاقات عسكرية وثيقة وتشترك في العديد من الأنشطة العسكرية المشتركة. ففضلًا عن كونها عضو في التحالف العسكري الأوسع المعروف باسم منظمة معاهدة الأمن الجماعي والتعاون العسكري. تدير روسيا أيضًا العديد من القواعد العسكرية بالإضافة إلى رادارات إنذار مبكر تديرها قوات الدفاع الجوي الروسية في بيلاروسيا. كما وتقوم روسيا بتنفيذ برامج تدريبية مشتركة للضباط العسكريين، والتي صممت لدمج الهياكل العسكرية بين البلدين تحت ما يسمى التجمع العسكري لمجموعة القوات الإقليمية لروسيا وبيلاروسيا. وتهدف إلى ضمان التدريب الاستراتيجي المتماسك، وتنفيذ المصالح العسكرية المشتركة. وقد سعت روسيا بعد أزمة أوكرانيا عام 2014 إلى استبدال العلاقات الدفاعية الأوكرانية مع بيلاروسيا. وكالعادة سعى لوكاشينكو لحصد أكبر فائدة ممكنة من هكذا مشاريع مشتركة، إذ صرح في أكثر من مناسبة على إن التعاون العسكري الوثيق بين البلدين هو بمثابة تحويل سكان بيلاروسيا إلى دروع بشرية لروسيا ضد الغرب، وهي خدمة “ليست مجانية”.

العلاقات في الجانب الاقتصادي

تعد روسيا السوق الرئيسية للصادرات البيلاروسية، إذ تمثل حوالي 50 ٪ من إجمالي حجم التداول البيلاروسي، وتشمل القطاعات الحيوية كافة في مجالات المنتجات الغذائية، والزراعية، وزيوت التشحيم، والمصارف، والطاقة. وهي مجالات تدعم الشركات البيلاروسية التي تروج لمنتجاتها في السوق الروسية وتدعم علاماتها التجارية وتساهم أيضًا في تعزيز الاقتصاد البيلاروسي من خلال تشغيل اليد العاملة.

في الجانب الآخر، تُعد بيلاروسيا طريق عبور مهم لخطوط أنابيب النفط والغاز الروسية إلى أوروبا. إذ يمتد أكبر خط أنابيب في العالم دروجبا أو “الصداقة” عبر الأراضي البيلاروسية، الذي ينقسم بعد ذلك إلى طريقين، الفرع الجنوبي يمر عبر أوكرانيا إلى سلوفاكيا والمجر والفرع الشمالي يصل ألمانيا عبر بولندا. كما تزود موسكو أوروبا بالغاز عبر خط أنابيب يامال-أوروبا الذي يمر عبر بيلاروسيا أيضًا.

التوتر الدبلوماسي

على الرغم من مجالات التعاون المذكورة في أعلاه، إلا إن العلاقات بين روسيا وبيلاروسيا لم تكن تسير على نسق منسجم في غالب الأحوال وذلك يعود إلى اختلاف الرؤية والمصلحة. فكثيرا ما كان يطرح لوكاشينكو مبادرات مع الغرب متهمًا موسكو بوضع خطط لضم بيلاروسيا؛ وإن النتيجة التي توصل إليها، من خلال جميع ما دار من المشاورات والمناقشات، تتمحور حول إن مناهج ومفاهيم القيادة الروسية لبناء دولة الاتحاد تختلف عما تتطلع إليه بيلاروسيا. إذ قالها صراحة: ” لا أُريد دفن سيادة واستقلال بيلاروسيا”.

أثر الأزمة الجورجية أتهم لوكاشينكو لروسيا بتقديم رشوة على شكل قرض بقيمة 500 مليون دولار مقابل أن تعترف بيلاروسيا بأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، وهو ما أحدث خلاف دبلوماسي خطير بين البلدين، إذ اعلن لوكاشينكو “إن موقف بيلاروسيا ليس للبيع.. يتعين علينا البحث عن السعادة في أجزاء أخرى من الكوكب بدلًا عن روسيا” داعيًا إلى وجوب التزام مواطنين بيلاروسيا بالقوانين الجورجية عند السفر إلى هاتين المنطقتين واستخدام نقاط الدخول على الجانب الجورجي.

تكرر الأمر ذاته بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم والتدخل العسكري في شرق أوكرانيا، إذ واجه لوكاشينكو هذا الضم بالضغط على إحياء الهوية البيلاروسية، مستغنيًا عن استخدام اللغة الروسية في خطاباته مستعيضًا عنها باللغة البيلاروسية، التي على الرغم من كونها تعتبر من الناحية الرسمية نظيرًا مساويًا للغة الروسية إلا إنها مهمشة وغالبًا ما يتم الاستخفاف بها باعتبارها لغة المعارضة. بل شجع على استخدامها من خلال تشديده على القول: “لسنا روسيين – نحن بيلاروس”.

لقد أدى كل هذا إلى توتر العلاقات الثنائية، وحالة من عدم الثقة، وتضاؤل ​​الآمال في التنفيذ الكامل لمعاهدة الاتحاد 1999. فعلى الرغم من انخراط الجانبان في محادثات مكثفة طوال الوقت من أجل التوصل إلى اتفاق يرضي الطرفين. إلا إن الجهود دائمًا ما تبوء بالفشل. ومع ذلك لا تصل إلى المرحلة الحرجة بين الطرفين.

شجعت المواجهة بين روسيا والغرب أولئك الذين يدعون في موسكو إلى اتخاذ موقف متشدد تجاه بيلاروسيا من خلال القول بأن مينسك مقصرة في دور الحليف. علاوة على ذلك، دفعت العقوبات الغربية على روسيا موسكو إلى الضغط لتقليل تكاليف تحالفاتها. يعتقد الكرملين أن بيلاروسيا بحاجة إلى تقديم المزيد مقابل الدعم الاقتصادي الروسي المستمر، رابطة مسألة الدعم بشرط الموافقة على إعادة إحياء بنود المعاهدة المتعثرة، وهو ما أدى إلى خسائر كبيرة في ميزانية بيلاروسيا، التي كانت لسنوات عديدة تتلقى النفط الروسي بأسعار منخفضة، ومن ثم تنتجه محليًا وتبيعه للخارج بالأسعار العالمية. لقد اعتبر لوكاشينكو هذا التوجه على أنه وسيلة للضغط عليه للحصول على اندماج نهائي بين البلدين وجعل بلاده جزءًا من روسيا.

أما آخر توتر حدث فكان قبيل الانتخابات الأخيرة عندما تم اعتقال 33 متعاقدًا عسكريًا روسيًا في مينسك. واتهام لوكاشينكو روسيا بمحاولة التستر على إرسال 200 مقاتل من شركة عسكرية روسية خاصة تعرف باسم مجموعة فاغنر إلى بيلاروسيا في مهمة لزعزعة استقرار البلاد قبل الانتخابات.

لقد أدت جميع هذه الخلافات الى إضعاف العلاقات الدافئة طويلة الأمد بين الطرفين، لكن، هل ستتخلى روسيا فعلًا عن بيلاروسيا؟

مستقبل الوضع في بيلاروسيا وانعكاسه على العلاقات مع روسيا  

هناك الكثير من الاحتمالات المجهولة للوضع في بيلاروسيا. فقد لا يتمكن لوكاشينكو من البقاء في سدة الحكم بفعل قوة الجماهير الرافضة لمسألة استمراره في الحكم، أو بفعل الضغوط الدولية والعقوبات من أوربا والولايات المتحدة الأمريكية. وقد يتحول الوضع السياسي في بيلاروسيا إلى وضع غير مستقر يسهل عملية تدخل القوى الخارجية بأشكال وطرق مختلفة. أو قد لا تتمتع قيادة المعارضة حال استلامها الحكم بالخبرة والقوة الكافية لإدارة سدة البلاد بالطريق الذي ينشده الشعب. أو ربما يتم احتواء التظاهرات بشكل يؤدي إلى إخمادها، لا سيما مع احتمالية أن يتحول الوضع إلى تظاهرة غضب أكثر من كونه ثورة لإسقاط النظام بسبب غياب قيادة وهدف واضحين للمعارض.

من بين جميع اللاعبين الدوليين، تمتلك روسيا المصلحة والرغبة والاستعداد للحفاظ على استقرار الوضع في بيلاروسيا. كما تملك روسيا ما يكفي من وسائل الإغراء الاقتصادية لتنجح في إمالة الطرف الحاكم في بيلاروسيا، أيًا كان، لإدارة بوصلة العلاقات تجاهها.

                ترجح بعض الآراء إن روسيا تحبذ أن تبقى بيلاروسيا دولة مؤيدة لها أكثر من ميلها لبقاء حكم لوكاشينكو في السلطة على وجه الخصوص، وبالتالي لن يكون التغيير الحكومي مزعجا بالنسبة إلى الكرملين ما دام ذلك غير مرتبط بتغير في التوجه نحو الغرب أو حلف شمال الأطلسي. وقد تكسب روسيا من خلال التوصل إلى تفاهم مع المعارضة أكثر من التدخل لدعم النظام القائم والمخاطرة بحدوث حالة من عدم الاستقرار داخل عمق نفوذها التقليدي.

من المؤشرات الإيجابية التي تستشعرها روسيا جيدًا هو عدم رفع المعارضة شعارات بالضد منها أو مطالبات للاندماج مع الغرب.

ومهما كان السيناريو المحتمل فإن روسيا لن تسمح من تحول الوضع السياسي في بيلاروسيا إلى وضع غير مستقر يسهّل عملية تدخل القوى الخارجية بأي شكل حتى لا يتحول بالنتيجة إلى عامل آخر لعدم الاستقرار ويزيد الوضع سوءًا في المنطقة وداخل الدول المجاورة لها. وهو ما عبّرت عنه روسيا بالرفض القطعي الواضح والصريح لأي شكل من أشكال التدخلات الخارجية، مُعتبرة إن ما يحدث في بيلاروسيا شأن داخلي بحت. ملوحة، في الوقت ذاته، عن استعدادها لحماية بيلاروسيا من أي محاولات للتدخل في شؤونها الداخلية. معتمدة في ذلك على ما نصت عليه عقيدتها العسكرية التي تعتبر إن أي هجوم مسلح، أو أعمال مستفزة تنطوي على استخدام القوة العسكرية، على الدول المشاركة في دول الكومنولث عملًا عدوانيًا ضد روسيا.  وهو درس، على ما أظن، تدركه المعارضة البيلاروسية تمامًا كما يدركه الغرب من خلال التجربة.

Comments

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Popular stories