استراتيجية الصين في الشرق الاوسط على حساب الولايات المتحدة

Related Articles

استراتيجية الصين في الشرق الاوسط على حساب الولايات المتحدة

مع اصرار الرؤساء الامريكان المتعاقبين على الانسحاب

الصين تكسب النفط والنفوذ في الشرق الاوسط

 Financial Times

2020/9/9

ترجمة بتصرف: منتدى صنع السياسات LONDON-IFPMC

يعتقد منتقدو الغزو الامريكى للعراق عام 2003 دائما ان الدافع الحقيقى هو السيطرة على ثانى اكبر احتياطى نفطى مؤكد فى العالم.وحتى مهندسو عملية (حرية العراق) كانوا مقتنعين بأن عائدات النفط العراقية سوف تمول بسرعة إعادة بناء دولة حليفة للولايات المتحدة من شأنها أن تساعد في إعادة رسم معالم الشرق الأوسط لصالح أميركا. ولكن إذا كان النفط والنفوذ هما الجائزتان، فعندئذ يبدو أن الصين، وليس أميركا، قد انتصرت في نهاية المطاف في حرب العراق وما تلاها – دون أن تطلق رصاصة واحدة على الإطلاق.

واليوم، تعد الصين، أكبر مستورد للنفط الخام في العالم، وأكبر شريك تجاري للعراق. وفقط روسيا تنافس العراق في مبيعات النفط الى بكين. وفي النصف الأول من هذا العام، زادت شحنات النفط العراقية إلى الصين بنسبة 30 في المائة تقريبا عما كانت عليه في العام السابق2019، وشكلت أكثر من ثلث إجمالي صادرات العراق. وخلال زيارة قام بها إلى بكين العام الماضي، وصف عادل عبد المهدي، رئيس الوزراء العراقي آنذاك، العلاقات الصينية العراقية بأنها تستعد لتحقيق “قفزة نوعية” وكتب وزير الكهرباء العراقي “الصين خيارنا الأساسي كشريك استراتيجي على المدى الطويل”.

فى الوقت نفسه انخفضت صادرات النفط العراقى الى الولايات المتحدة الى النصف تقريبا فى النصف الاول من العام ويعتزم البنتاجون خفض قواته المتبقية فى العراق بمقدار الثلث فى الشهور القادمة .

وهناك ديناميكية مماثلة في أفغانستان، مع اقتراب أطول حرب في أميركا من نهايتها في نهاية المطاف. ويقول المسؤولون الأفغان والباكستانيون لصحيفة فاينانشال تايمز إن بكين تسيطر فعلياً على عملية السلام، وهي تعد طالبان بالاستثمار الواسع في الطاقة والبنية التحتية بمجرد أن تغادر الولايات المتحدة إلى الأبد.

إن نفوذ الصين ينمو بسرعة في مختلف أنحاء الشرق الأوسط في وقت الذي تتزايد شكوك الحلفاء الإقليميون والسياسيون الأميركيون على حد سواء في الالتزام الأميركي بقضايا الامن والتنمية في الشرق الاوسط. بكين هي أكبر مستثمر أجنبي في المنطقة وقد أستطاعت ان تنسج شراكات استراتيجية مع جميع دول الخليج باستثناء البحرين. وقد ذهبت أغلب الاستثمارات إلى حلفاء الولايات المتحدة التقليديين، وكثير منهم أيضاً عملاء حريصون على التكنولوجيا العسكرية الصينية.

لقد اقيمت اول قاعدة عسكرية صينية فى الخارج فى جيبوتى منذ ثلاث سنوات . لكن بكين تستثمر أيضاً بكثافة في الموانئ التجارية التي يمكن تحويلها بسهولة إلى الاستخدام البحري في مواقع استراتيجية أخرى، بما في ذلك غوادار الباكستاني وميناء الدقم العماني على جانبي خليج عمان.

وإلى جانب مضيق ملقا بين ماليزيا وجزيرة سومطرة الإندونيسية، تعتبر الصين مضيق هرمز ومضيق باب المندب أمراً حاسماً لبقائها اقتصادياً وعسكرياً، حيث يتم شحن الجزء الأكبر من وارداتها من الطاقة عبر نقاط الاختناق الاستراتيجية هذه.

ومع تدهور العلاقات الصينية الأميركية، أصبح هدف بكين المتمثل في زيادة السيطرة على هذه الممرات المائية والحد من قدرة أميركا على اغلاق هذه الممرات في صراع اصبح محتملاً بصورة متزايدة. وهذا هو السبب الرئيسي وراء بناء الصين لقوة بحرية أصبحت الآن أكبر، إن لم تكن أكثر تقدماً، من الولايات المتحدة.

وحتى وقت قريب، كانت بكين تتبع سياسة عدم التدخل في الشرق الأوسط وبأنها صديقة للجميع ولكنها ليست حليفة احد. وقد ظهر نجاح ذلك في الوقت الذي تتفاوض فيه على اتفاق استثماري وأمني بقيمة 400 مليار دولار مع إيران.في ذات الوقت تقدم الاستشارة  والمساعدة الى المملكة العربية السعودية في تطوير برنامجها النووي. كما أنها تدعم القضية الفلسطينية بالكامل في الوقت الذي تدلل إسرائيل عبر تقاسم أحدث التكنولوجيا وتأجير الموانئ الاستراتيجية الرئيسية للشركات الحكومية الصينية.

ولكن ربما تكون أقوى علامة على النفوذ الصيني المتزايد في المنطقة هي حقيقة أن كل دولة ذات أغلبية مسلمة تقريباً دعمت حبس ما يصل إلى مليونين من المسلمين الصينيين في معسكرات إعادة التعليم في غرب الصين. وفي تصريحات عامة ورسائل مشتركة إلى الأمم المتحدة، أشادت جميع الدول، بما فيها دول الخليج ومصر والكويت والعراق بالمعسكرات في منطقة شينجيانغ باعتبارها جهود “مكافحة الإرهاب والقضاء على التطرف” التي جلبت “السعادة والوفاء والأمن”.

وفي الولايات المتحدة، تم انتخاب رئيسين متتاليين بناء على وعود بانتشال البلاد من التشابكات الشرق أوسطية. في أعقاب ثورة النفط الصخري، مع اكتفاء أميركا الذاتي تقريباً في مجال الطاقة، يبدو ان سياسة الولايات المتحدة القائمة على تقديم الدعم للشرق الاوسط بدأت تفقد مبرراتها .

الواقع ان الادلة اصبحت واضحة منذ فترة من الزمن بان الولايات المتحدة تلعب دور الشرطي في المنطقة في الوقت الذي تجني دول اخرى ،وفي مقدمتها الصين، الفوائد الحقيقية والمجانية والقيمة. وكانت إدارة باراك أوباما هي التي اقترحت أولاً “المحور باتجاه آسيا” لإعادة تركيز القوة الدبلوماسية والعسكرية الأميركية على منطقة آسيا والمحيط الهادئ والتصدي لصعود الصين كهيمنة إقليمية. وقد سرّع الرئيس دونالد ترامب تلك الاستراتيجية.

ولكن ومع ان هنالك اقتناع بضرورة الانسحاب الامريكي من الشرق الاوسط الا ان ازدياد النفوذ الصيني في المنطقة يقود الى تعقد هذه المسألة .. فإذا كان الهدف الذي تقوم به الولايات المتحدة هو احتواء طموحات الصين في آسيا ودعم الحلفاء المقربين اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان، فإن الانسحاب من الشرق الأوسط هو آخر شيء يتعين عليها القيام به.

اخيراً يجب ان نأخذ بنظر الاعتبار ان معظم البلدان الاسيوية تعتمد على النفط المصدر عبر سفن الشحن . وبالتالي فان التنازل عن السيطرة على الممرات المائية الرئيسية في شبه الجزيرة العربية إلى بكين من شأنه أن يجبر جميع البلدان في آسيا على إعادة النظر في تحالفاتها الاستراتيجية وجعلها أكثر عرضة لنوع الدبلوماسية القسرية التي تستخدمها الصين في جميع أنحاء العالم.

وأياً كان الفائز في الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني فسوف يواجه الواقع غير المريح الذي بات الآن يدور في الشرق الأوسط حول المنافسة مع الصين واحتواء هذه الأوضاع.

jamil.anderlini@ft.com

https://www.ft.com/content/e20ae4b9-bc22-4cb5-aaf6-b67c885c845c

Comments

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Popular stories