أهمية الذهب في الاقتصاد
جواد عبد الجبار العلي
مستشار سابق في وزارة الخارجية العراقية
الذهب أحدأ وأقدم عناصر الثروات المالية للدول والتجمعات البشرية منذ تكوين الخليقة . وعلى مرّ العصور وتطور الحضارات وحاجاتها ألأساسية لتكوين المدخولات وألأسس الجديدة في المبايعات والشراء أمسى إثبات ضمان قدرات البلدان بإحتفاظها للكميات الاكبر وألأفضل للذهب. وقد إزدادت أهمية الذهب كونه تحول الى أداة للوفاء في الالتزامات والعقود المالية بين الدول وأقطاب التجارة الداخلية والدولية .
وكذلك يلعب الذهب دورا مهما في توازن السياسات المالية والاقتصادية لدول العالم كونه اداة الوفاء الاولى بعد العملات النقدية لتسوية الالتزامات المالية بين الدول، واصبح الذهب ألأداة ألأساسية لتقويم الالتزامات وتقديرها ومن ثم الوفاء بها. ومن بعد ذلك اضحت الموجودات من الذهب أحد عناصر مدخرات الدول في موجودات بنوكها المركزية بعد العملة المحلية والنقد الاجنبي. لذلك عمدت أغلب دول العالم في إدّخار الذهب وإعتباره معيارا للضمانات الواجب توفرها وسدادها لدعم اقتصادها اذا ما تعرض لاية اهتزازات وتغييرات طارئة.
إن للذهب بورصة (سوق ) أسعار عالمية تتأثر صعودا ونزولا بالاوضاع المالية والاقتصادية والامنية والسياسية في العالم وبحركة العرض والطلب بإعتباره السلعة المضمونة القابلة للتداول من جهة وأداة وفاء وضمان من جهة اخرى.وإن أغلب دول العالم التي تكتنز الذهب تفتخر بهذا الاجراء ويمكن ان يقاس مدى قوة اقتصادها ورصانته تبعا لحجم موجوداتها من الذهب بعد حجم ايراداتها ومورادها المالية الاساسية الاخرى ابتدءا بالموارد الصناعية والزراعية والتجارية … والتي يُحوّل قسما منها الى سبائك ذهبية ايضا ، وذلك لضمان الاحتفاظ بها في البنوك المركزية . فالذهب ذو استعمالات متعددة كما قلنا تتراوح مابين كونه جزءا من رأسمال الدولة وأداة فعالة لوفاء التزاماتها، وكونه ضمانا لقوة واستقرار اقتصادها فالذهب يمثل ايضا الغطاء المالي والقانوني لاصدار عملة البلد النقدية والذي يمنحها الغطاء الشرعي والاقتصادي داخل البلد وخارجه .
مما تقدم لابد لنا من الاشارة ومن بعد عام 1980 ومن دراستنا المقربة من الواقع الاقتصادي العراقي نجده قد تعرض الى العديد من الازمات والمشاكل التي أدّت به الى حصول تغاير واختلاف كبيران في معدلات التضخم المالي وكان ذلك بعد توفر الغطاء الثابت من العملة الرصينة الاستراتيجية الا وهي الذهب وخزينه الثابت .. ولكن التغيير الكبير في الاقتصاد ما وفر بطالة كبيرة بين صفوف المواطنين واوجد حالة من الفقر الظاهر للعيان وبكثرة كثيرة . مع الابتعاد عن سد احتياجات دوائر الدولة ومعاملها الكبرى من الايدي العاملة والخبرات الفنية والهندسية ..
وفي سبيل سد الفراغ الكبير الذي حصل على الاقتصاد العراقي كان لابد على الحكومات المتعاقبة ان تدخل عالم الاقتراض من الدول الاخرى , ان كان على شكل نقد مباشر ، او شراء مواد خام او تشغيلية بالدفع الاجل . مما اضاف عبئا كبيرا على كاهل الموازنة العراقية ورصيدها من الذهب الخام . الذي بات يتأرجح بين سداد القروض الكبيرة او تشغيل الايدي العاملة ( العاطلة ) .
ان الاقتصاد العراقي يمتلك موارد بشرية ومالية هائلة لكنه دوما يعاني من الاختلال الكبير في التعامل مع ما هو متوفر بين الايدي وما هو استراتيجي فعال لخدمة البلد وقضاياه وطموحات شعبه .. كل ذلك لان الاقتصاد العراقي ارتبط وبشدة مع الوضع الامني للعراق الذي لم يستقر لفترات تمكنه من التنفس والبدء بالبناء والتصدير والسيطرة على واردات النفط وباقي موارده الطبيعية الاخرى ، فضلا عن الصناعة ومنتجاتها العديدة .ان الايرادات التي تدخل الدولة العراقية ومن سنين طويلة مثل الضرائب والكمارك ومدخولات الشركات والمصانع العامة مع النفط ومشتقاته المعروفة والايرادات العادية من المعاملات الرسمية للدولة.. كل هذه تشكل اقتصادا اخرا يضمن للذهب ان يبقى رصينا قويا في خزينة الدولة وبنوكها المركزية .